المهرجانات الغنائية العربية... انتكاسة عامة
لم تنل حفلة المغني العراقي كاظم الساهر في بيروت، في يوليو/تموز الماضي، المساحة التي من المفترض أن يأخذها صاحب "زيديني عشقًا". إذْ اعتبر الساهر في السنوات الأخيرة من أكثر الفنانين العرب إحياء للمهرجانات الفنية، وقدرة على حشد جمهور واسع من كافة الأطياف والجنسيات. لا شك في أن عدم التجديد والتكرار في مسيرة الساهر الغنائية لسنوات هو ما أخّر تقدم الفنان الذي رسم خطاً متفرداً منذ ثلاثة عقود، واستطاع التغريد خارج السرب من خلال مجموعة من الأغاني التي كسب معها كل هذا النجاح.
عاما بعد عام، ترتفع الأصوات في الأردن ضد برنامج مهرجان جرش للثقافة والفنون، خصوصاً أنَّ مجموعة من المغنين العرب يتصدرون دوماً الإعلانات والملصقات، في حين أن معظم زملائهم الأردنيين يقفون على مسرح المهرجان وكأنهم ضيوف أو مغنون مساندون لنجوم العالم العربي. لكن مرتادي جرش هذا العام ظهروا وكأنهم في نزهة سياحية، إذْ حضروا حفلاً لتامر حسني الذي اختتم المهرجان، من دون أي جديد قدمه المغني المصري سوى بعض التصرفات التي يتقصدها في سبيل إثارة الجدل وحث المتابعين على مواقع التواصل للكلام عنه، رغم الانتقادات الكثيرة التي يتعرض لها.
في قرطاج أيضاً، لم تشهد أيام المهرجان التفاعل الذي طبع هذه التظاهرة تاريخياً، إذ من الواضح أنَّ غياب الشغف هو السمة الغالبة في الفعاليات التونسية. حل المغني راغب علامة ضيفاً على مهرجان قرطاج، وظهر واضحاً أن التفاعل بين التونسيين وعلامة كان جيداً. يشكل راغب علامة ومجموعة من الفنانين اللبنانيين حالة خاصة في تونس، ويتفاعل معهم الجمهور التونسي المتابع لأعمالهم ونشاطهم الفني في قرطاج، وما يمثله للجمهور من حالة فنية كل عام.
وفي السياق نفسه، شكلت عودة المغنية المصرية آمال ماهر إلى الغناء، بعد حفلها الأخير 28 يوليو/تموز 2022 في العلمين، مسار جدل واسع بين الحاضرين وجمهر ماهر على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت اتهم زوجها السابق، رئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ، بتنظيم حملة ممنهجة ضدها على مواقع التواصل الاجتماعي لاتهام الحفل بالفشل.
وبعيداً عن خلافات شخصية بين ماهر وآل الشيخ، انتقد الجمهور العادي (المحايد) ماهر على برنامجها الغنائي الذي قدمته لفترة قاربت ساعتين. وقال هؤلاء إن صوت آمال ماهر لم يكن كما في السابق، وحتى طريقة غنائها اختلفت. ابتعدت آمال ماهر عن الساحة الفنية منذ عامين، ولم تصدر جديداً غنائياً بعد مشاكلها مع آل الشيخ، وهذا ما قلل من التفاعل بينها وبين الجمهور، رغم ما أثارته من جدل أخبار اختفائها قبل شهرين ثم ظهورها لتوضح الأسباب.
في لبنان، الأجواء الفنية تسير وفق خط من التناقضات. حقق حفل المغنية اللبنانية إليسا وزميلها زياد برجي في 30 يوليو/تموز الماضي نجاحاً جيداً، من خلال تفاعل الجمهور معهما، في وقت يحكى عن مجموعة من الحفلات التي ستقام تباعًا وتضم مجموعة من المغنين حتى نهاية آب/أغسطس الحالي. كل ذلك أمام انتقادات تواجه بعض المتعهدين والجمهور الذي يمكنه حضور الحفلات وشراء التذاكر بالعملة الصعبة، في ظل أزمة اقتصادية حادة يعانيها اللبنانيون منذ أكثر من سنتين.
