"الفن الثامن": مرجع أكاديمي تعليمي لكنّه تثقيفيّ أيضاً

"الفن الثامن": مرجع أكاديمي تعليمي لكنّه تثقيفيّ أيضاً

28 ابريل 2023
أنس الموسوي: "هدفي التعريف بأسس الفن وأهميته" (العربي الجديد)
+ الخط -

 

تعاني المكتبات العربية عامة، والعراقية خاصة، ندرة المادة الأكاديمية المختصّة بفنّ الرسوم المتحركة (أنيمايشن)، تعليمياً ونظرياً. هذا دافعٌ للمخرج أنس الموسوي إلى محاولة تأسيس منهج أكاديمي ومصدر عربي، يُعْنيان بهذا الفن، عبر تأليف كتاب بعنوان "الفن الثامن".

الرسوم المتحركة فنّ امتزج بعمق لا حدود له بفنّ السينما، بارتباطها الوثيق بها شكلاً ومضموناً، فأصبح بإمكان صانع الفيلم أنْ يحلُمَ كما يشاء بتنفيذ رؤاه وغاياته، من دون سقف محدّد، إذْ تناولت أفلامها مواضيع كثيرة ومتنوِّعة، طبقاً لحاجة الفرد المتلقّي، بما يتناغم ومجرياتِ الحياة، فكرياً وفلسفياً وإنسانياً وتقنياً وجمالياً.

الموسوي أحد المخرجين المتخصّصين بالرسوم المتحركة في العراق. نال جوائز من مهرجانات سينمائية مختلفة، ولديه مشاريع عدّة في هذا المجال، منها: "قصّة حياة"، و"آريس"، و"عيون"، و"الروليت الروسية"، و"ماذا أنا"، و"كلكامش العظيم"، و"الفراشات تموت محلّقة"، وغيرها.

عن كتابه هذا، قال الموسوي إنّه "نتاج خبرة تراكمت عندي في أكثر من عقد، في الرسم والتصميم والتحريك، ما جعلني أحصل على شيءٍ من إتقانٍ في استخدام عناصر اللغة السينمائية، بمختلف أشكالها ومضامينها. لذا عبّرتُ عن تمثّلات هذه التجارب التي خضتُها مع مخرجين وكتّاب وصانعي أفلام، بمختلف غاياتهم ومتطلّباتهم وأمزجتهم. لهذا، سيطّلع القارئ على أسس هذا الفنّ".

أشار إلى أنّ "أهمية الكتاب كامنةٌ في التعريف بأسس هذا الفن، وشكله وأدواته، من جهة، وتسليط الضوء على أهميته وانتشاره واستخدامه، من جهة أخرى"، مضيفاً أنّه "أصبح التّوأم الأكبر للسينما الأمّ، بكلّ مميزاتها وأساليبها وأشكالها"، كما أنّه "يستطيع أنْ يُجسّد ويُظهِر ما لا تستطيع الكاميرا تجسيده وإظهاره".

عَنْوَن الموسوي كتابه بـ"الفنّ الثامن"، تأسيساً ونشأة وشكلاً وتطوّراً وأدوات، عارضاً فيه معظم تفاصيل الصناعة وأبرزها، بدءاً من أشكالها الأولى، منذ بدايات القرن الماضي، حتّى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم؛ مع شرح أهمّ أنواعه، ونوعية الرسوم والصناعة والتحريك والتسجيل الصّوري لهذه الأشكال، فضلاً عنِ استعراضٍ ضروريّ للأشكال الدخيلة والمُشوّهة، وتأثيرها السلبي في الفنّ عامة، المحلي والعالمي، مروراً بالتقنيات والآليات والأجهزة التي جعلت هذا الفنّ، في تاريخه، وسيلةً مهمّة لا غنًى عنها في استعراض أفكار فنيّة، لا يستطيع غير الرسوم المتحركة تجسيدها للمُشاهد. إحاطةٌ كهذه يؤمَلُ بها أنْ تكون وافية لمفردات كثيرة، يصعُب عادة أنْ يُحاطَ بها بشكلٍ تفصيلي دقيق.

 

 

في الكتاب 5 فصول ممنهجة وفق شكلها وتأريخها، بتسلسل متناغم تصاعدياً. كلّ فصلٍ يؤسّس لما يليه، ويتداخل وإيّاه في الوظيفة والشكل والتنفيذ. يتناول الأول ماهية هذا الفنّ، وعمره ونشأته وتعريفه الإجرائيّ؛ والثاني عن الرسم وأشكاله وأبعاده وجنسه، وعن ماهية فئة الرسم القابل للتحريك، والرسم الكاريكاتوري، والإعلان، وغيرها. الثالث اشتغل على ماهية التحريك، وكيف بدأ، ثم مساره وتطوّره، والأدوات التقنية المستخدمة فيه، وغاياته وحاجاته؛ والرابع لم يبتعد عن الثالث، إذْ انتقل إلى التقنية، متوقّفاً عند المفصل الرئيسي في الفنون وتطوّرها، والسينما والأنيمايشن خاصة. فلولا التقنيات وتطوّرها المتسارع، لمَا تُرجمت الخلجات المكنونة في الفنّان، مُخرجاً أو رسّاماً أو موسيقياً. فالتقنية وسيط قادر على التجديد والتطوير، بأساليبه المختلفة، والأدوات التي تسخر التقنية في خدمة العمل الفني.

خلاصة الكتاب فصلٌ خامس انطباعي، لأنه قابل للذائقة أكثر من القاعدة، ويخضع للمزاج والرغبة والمرجعيات الفكرية، وماورائيات المخرج والمتلقّي. في هذا الفصل إطراءٌ لهذا الفنّ، وتساؤلات: أيكون قابلاً للنقد؟ أيكون للطفل؟ أهناك نوع أفضل من آخر، من حيث التخصّص؟ وغيرها من الطروحات/التساؤلات.

"الفنّ الثامن" كتاب تعليمي أكاديمي، رغم تناوله جوانب تاريخية أحياناً. لكنّ التناول لشرح تطوّر آلياته وطرقه ومفاهيمه، التي تصبّ في مصلحة شكله التعليمي والتثقيفي.

المساهمون