السياحة تدبّ مجدداً في شوارع مراكش المغربية بعد أزمة الجائحة

السياحة تدبّ مجدداً في شوارع مراكش المغربية بعد أزمة الجائحة

18 مايو 2022
ارتفعت مداخيل القطاع السياحي قرابة 80% (فاضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -

عاد مروّض الأفاعي سعيد إلى مراقصتها بمزماره التقليدي في عروض فولكلورية تجذب زوار ساحة جامع الفنا السياحية الشهيرة وسط مراكش، بسعادة غامرة، بعد أزمة خانقة بسبب الجائحة التي غيبت السياح لعامين عن المغرب.

ويقول باسماً لوكالة فرانس برس: "كأنني أتنفس من جديد، يا لها من سعادة العودة إلى الساحة بعد أشهر قاسية"، ثم يراقص أفعى على أنغام موسيقى "الغيطة" الشعبية في بلدان المغرب العربي.

وتعد المدينة الحمراء، عاصمة السياحة المغربية، مؤشّراً على بدء تعافي القطاع، إذ عادت الجلبة والازدحام إلى أزقة أحيائها العتيقة ومختلف معالمها التاريخية، فضلاً عن الملاهي الليلية التي تجذب الزوار من مختلف الآفاق.

خلال الفصل الأول من هذا العام، ارتفعت مداخيل القطاع السياحي بنحو 80 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وهو ما يَعِد "بآفاق أكثر إيجابية لعام 2022"، وفق توقعات حديثة لوزارة الاقتصاد والمالية.

وفيما استقبلت المملكة 13 مليون سائح عام 2019، لم يتعدّ مجموع السياح الذين توافدوا إليها العام الماضي 3,7 ملايين شخص. علماً أن القطاع حيوي للاقتصاد المغربي، إذ مثّل 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام في 2019.

بعد بضعة أسابيع على استئناف الرحلات الجوية الدولية مطلع فبراير/شباط، استعادت أرصفة مقاهي مراكش حيويتها في أجواء ربيعية مشمسة، كما متاجر الملابس التقليدية والحلي وتذكارات الصناعات التقليدية التي يقتنيها السياح عادة.

استقبلت المملكة 13 مليون سائح العام 2019 (فاضل سينا/ فرانس برس)
استقبلت المملكة 13 مليون سائح عام 2019 (فاضل سنّا/ فرانس برس)

لكن هذه الانتعاشة "لم تصل بعد إلى مستوى ما قبل الجائحة، ولو أن الوضع يتحسن منذ نحو شهر"، وفق ما يقول التاجر عبد الله بوعزي في أحد أسواق المدينة العتيقة، بعدما باع تذكارات لسائح أرجنتيني.

خلال الأزمة، اضطر عبد الله (35 عاماً) إلى التخلي عن تجارته ليعمل حارس أمن في إحدى الشركات، مثل جلّ العاملين في القطاع الذين عاشوا ظروفاً صعبة، ولا سيما العاملون غير النظاميين.

ولتخفيف آثار الأزمة التي تفاقمت بسبب تعليق تام للرحلات الجوية بين نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي، خصّصت الحكومة دعماً بملياري درهم (قرابة مائتي مليون دولار) عبارة عن إعانات شهرية للعاملين في القطاع، لكنه لم يشمل سوى النظاميين منهم.

خصصت الحكومة المغربية أيضاً دعماً بمليار درهم لقطاع السياحة (فاضل سينا/ فرانس برس)
خصصت الحكومة المغربية دعماً لقطاع السياحة (فاضل سنّا/ فرانس برس)

ويتابع عبد الله: "كانت فترة صعبة، لكنني اليوم سعيد بالعودة إلى عملي"، مؤكداً بقوله: "أنا متفائل بالمستقبل".

وخصصت الحكومة المغربية أيضاً دعماً بمليار درهم (نحو 100 مليون دولار) لأصحاب الفنادق. لكنهم يطالبون بإجراءات أخرى لتجاوز الأزمة تتعلق على الخصوص بتخفيف القيود على دخول المسافرين إلى المملكة.

ويوضح رئيس الفدرالية الوطنية للصناعة الفندقية، لحسن أزلماط، أن "القطاع استأنف نشاطه، لكن ذلك يبقى غير مكتمل"، بسبب الاستمرار في اشتراط حيازة المسافرين الجواز الصحي، بالإضافة إلى اختبار "بي سي آر" سالب لكوفيد لدخول المملكة.

يشاهد السياح معالم سياحية مختلفة في المدينة (فاضل سينا/ فرانس برس)
يشاهد السياح معالم سياحية مختلفة في المدينة (فاضل سينا/ فرانس برس)

لكن الحكومة استجابت أخيراً لهذا المطلب، إذ أعلنت ليل الثلاثاء إلغاء هذا الشرط، وهو "ما من شأنه أن يشجع السياح الأجانب على المجيء. كان يجب أن يتخذ هذا القرار منذ مدة، لكننا نشكر الحكومة على كل حال"، كما علّق أزلماط.

لكن هذه الإجراءات لم تمنع السائح الشاب نيك (29 عاماً) من السفر إلى مراكش، وبدا مستمتعاً "بسحر" مدرسة ابن يوسف، أحد المعالم التاريخية للمدينة التي كانت على مدى قرون عاصمة "للإمبراطورية الشريفة".

ويقول الشاب القادم من لندن، في زيارته الأولى إلى مراكش: "أنا مندهش لدقة التفاصيل المعمارية، افتقدت مثل هذه الرحلات لاكتشاف ثقافات أخرى".

ويعود تاريخ المدرسة العتيقة إلى القرن السادس عشر في عهد الدولة السعدية.

كذلك، يشاهد سياح في معالم سياحية أخرى حديثة مثل حدائق ماجوريل ومتحف إيف سان لوران الذي "يعد محطة أساسية" في مسار استكشاف المدينة المصنفة تراثاً عالمياً من منظمة يونسكو، كما يقول الشابان الصينيان تومي وكوكو القادمان من ألمانيا. ويضيفان: "إننا جد محظوظين للتمكن من السفر مجدداً، نحن سعيدان للغاية".

(فرانس برس) 

المساهمون