الدراما الفلسطينية: أعمال تستلتهم واقعاً وتستعيد تاريخاً

الدراما الفلسطينية: أعمال تستلتهم واقعاً وتستعيد تاريخاً

29 مارس 2023
يُعرض الجزء الثاني من مسلسل "ميلاد الفجر" (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تحل الأعمال الفنية ضيفة موسمية على القنوات والإذاعات الفلسطينية، مع بداية شهر رمضان، وتضم أعمالاً درامية وكوميدية، في مُحاولة لتصوير الواقعين السياسي والاجتماعي للفلسطينيين، وطموحاتهم السياسية.

تُركز الأعمال الفنية بمجملها على الواقع الفلسطيني، والتحديات المفروضة بفعل الاحتلال، وممارساته المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، الذي تُسيطر عليه فكرة التحرير والتخلص من الاحتلال وتبعاته. تتطرق الأعمال والبرامج المُذاعة رمضانياً كذلك إلى تأثير السياسة على الواقع الاجتماعي، إلى جانب مُناقشة وتجسيد الأزمات والمشاكل المجتمعية الداخلية بقوالب مُختلفة، فيما تعكس كذلك آمال الفلسطينيين بحياة آمنة وكريمة، بعيدة عن التحديات والأزمات. ورغم قلة الإنتاج التلفزيوني للعام الحالي، إلا أنه يشهد عرض الجزء الثاني من مسلسل "ميلاد الفجر" من خلال قناة "القدس اليوم الفضائية". عمل يتناول الانتفاضة الفلسطينية، وتفاصيل الصِراع الدائر مع الاحتلال الإسرائيلي على الأرض والهوية والتراث، إلى جانب التطرق إلى واقع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

يقول مُخرج الجزء الثاني من مسلسل "ميلاد الفجر"، حُسام أبو دان، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن المسلسل للعام الحالي، تدور أحداثه في الفترة ما بين عام 2000 وعام 2005، وتتمحور فكرته حول الانتفاضة الثانية (الأقصى)، وأحداثها، وتشهد أحداثه تطورًا دراميًا عن الجزء الأول. ويعالج المسلسل وفق حديث أبو دان لـ"العربي الجديد" العديد من القضايا والمواضيع المرتبطة بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث يستعرض صورا عالقة في الأذهان الفلسطينية، مثل اغتيال الطفل محمد الدُرة، والطفلة إيمان حجو، وتدور القصة الأساسية حول تشعُب المقاومة، وتوحد الفلسطينيين خلفها.

يصور المسلسل حالة الاجتياحات والتوغلات الإسرائيلية، بهدف إظهار الصورة الحقيقية للانتفاضة، إذ تُحاكي الأحداث كما حصلت، على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهت العمل الذي تم تصويره في أماكن غير مخصصة للتصوير. يرى أبو دان أن الدراما أحد الأسلحة المهمة لأي بلد لتروي الحكايات، وتعكس الرواية الصحيحة، خاصة في حالة مثل الحالة الفلسطينية، مُضيفا: "الدراما مُهمة خاصة في ظل التعطش للدراما الفلسطينية، ونحن أولى بأن تتحدث عن قصتنا".

تتطرق الأعمال إلى تأثير السياسة على الواقع الاجتماعي

بدوره، يقول الفنان الفلسطيني وليد أبو جياب، إن شخصية مالك التي يؤديها في مسلسل "ميلاد الفجر"، تعود لقيادي في المقاومة الفلسطينية، ومُهندس العمليات في الأرض المُحتلة؛ إذ يرسم الخطط، ويُعطي التوجيهات لممارسة المقاومة على الأرض في مختلف المناطق، ويحظى عمله بالكثير من النجاحات والإخفاقات، التي تزيد المقاومة قوة وصلابة وإصراراً على المواصلة. ويبين أبو جياب لـ"العربي الجديد" أن العمل الدرامي يُركز على دعم المقاومة، إذ تلعب الدراما التي تُعد من الأسلحة الناعِمة دورًا مهمًّا في مواجهة الاحتلال، وإظهار مظلومية الشعب في وجه الغطرسة الإسرائيلية، إلى جانب إبراز عدالة القضية الفلسطينية للعالم، والتأكيد على أن القدس والأسرى واللاجئين محور الصراع، علاوة على تعزيز الوعي الوطني والحس الثوري لدى الأجيال القادمة. تعددت كذلك الأعمال الفنية الإذاعية، الدرامية والكوميدية، ومنها المسلسل الاجتماعي الكوميدي "البخيل"، الذي يبث عبر أثير إذاعة "صوت القدس".

وعن ذلك، يقول الفنان والمُخرج الفلسطيني نبيل ساق الله، إنه تم تجهيز حلقات المسلسل للحديث عن العديد من الصِفات المجتمعية المتعلقة بالبخل والنِفاق، والسرقة، والنصب، والاحتيال. يشير ساق الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الإذاعة اعتادت منذ سنوات طويلة على تقديم المسلسلات والسكيتشات الفنية، التي تسعى إلى توضيح الواقع الفلسطيني، كذلك تصوير العادات وتجسيدها إذاعيًا، في محاولة لمعالجتها، وتجاوز السيئ منها. وتقدم إذاعة "صوت الأقصى"، مسلسل "ألم وأمل" الذي نتج عن مسابقة كتابة السيناريو التي كانت تسعى إلى تنشيط الكتابة والمُعالجة الدرامية في قطاع غزة. يشير مدير دائرة البرامج في إذاعة صوت الأقصى، محمد مشمش في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن المسلسل يجمل صبغة وأفكار المقاومة، ولكن بطريقة اجتماعية، فيركز على فِكر المقاومة، والعمل المقاوم، كذلك يتحدث عن بيئة المقاومة، وخليط التناقضات بين الأخ المقاوم، والصديق الذي يقع في حبائل الإسقاط الإسرائيلي في العمالة، إلى جانب بعض القضايا المجتمعية، مثل آلية التعامل مع أهالي بعض المُسقطين أمنيًا.

من جهتها، تقدم إذاعة "صوت الشعب" خلال شهر رمضان، برنامج "الحكواتي" الذي يحمل فكرة تمزج تاريخ الشعب الفلسطيني، وعاداته وتقاليده، ويعطي صورة عن أصالة وتاريخ الشعب الفلسطيني، وفق حديث المُذيع محمد العايدي لـ"العربي الجديد". بدورها، توضح المُذيعة سماح الطنة، التي تُقدّم البرنامج الذي يُذاع على مدار ثلاثة أيام أسبوعيًا طيلة شهر رمضان، أنه عبارة عن حلقات تمثيلية، بصبغة تراثية، ويُناقش العديد من الأفكار المُتعلقة بالقضية الفلسطينية، كالهجرة، وبعض العادات المجتمعية، كالحكواتي، والمسحراتي، إلى جانب تفاصيل الحياة اليومية في العديد من المدن الفلسطينية. 

سينما ودراما
التحديثات الحية

وتشمل الأعمال الرمضانية كذلك حلقات مُصورة في الميدان، إلى جانب بعض المُسابقات، مثل المُسابقة التي يقدمها الفنان الفلسطيني علي نسمان، "الأسرى والناس"، والتي يُمولها الأسرى أنفسهم من داخل السجون، وتتضمن سؤالاً يتم تقديمه للجمهور متعلق بقضية الأسرى. ويقول نسمان، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن المُسابقة تسعى إلى إثراء الثقافة العامة بالمعلومات المُتعلقة بالأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتُعتبر كذلك حلقة الوصل بينهم وبين مُختلف فئات الشعب الفلسطيني الذي يقف مع الأسرى، ويُناصرهم، ويُساندهم في كُل المحافِل.

المساهمون