الدراما العراقية... غياب كامل من المنافسة العربية

الدراما العراقية... غياب كامل من المنافسة العربية

22 مارس 2021
صورة قديمة للممثلة العراقية هند كامل المشاركة في بطولة مسلسل "أم بديلة" لرمضان (فيسبوك)
+ الخط -

لطالما كان حضورها العربي عبر أدبائها ومثقفيها ومغنيها بارزًا. ولكن، ما أن نتطرق إليها دراميًا، حتى ندرك عمق الهوة الواقعة في دركها. فالمشهد العراقي الدرامي يغوص في متاهات شائكة قليلا ما يحاول الفكاك منها منذ عهد صدام حسين السابق حتى يومنا هذا. ورغم عدد الإنتاجات التي صدرت في السنتين الأخيرتين، فإن ذلك لا ينفي غيابها كليًا عن المنافسة العربية، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود. إذ لا يوجد منجز عراقي واحد استطاع الخروج من دائرة المحلية بعد.

ليست الغاية ذمًا وتحليلًا بقدر ما هي توصيف، أمام واقع بلدٍ نهشته الحروب والويلات وأفرز صراعات طائفية مؤثرة في مفاصله الاقتصادية والسياسية والثقافية على مدار عقدين من الزمن بعد انهيار النظام السابق. فانعكاسات المرحلة الجديدة، لا سيما بعد الاحتلال الأميركي أغرق البلد في أتون الأحزاب والمليشيات الدينية، والتي كان لها الدور الأبرز في تعتيم المشهد الثقافي والفني العراقي. فواقع الحال يترجم علانيةً تفاصيل المرحلة التي تحاول بشق الأنفس الخروج من قبضة هذا الواقع. ولكن في حالة الدراما، ثمة عوامل أخرى ساهمت في وأدها وعلى رأسها التابوهات الدينية والعشائرية، ومن ثم الإنتاج الضعيف والمحتكر. إذ يقتصر دور الإنتاج في تسويق أعمالهم على الشاشات المحلية. 

وإلى جانب الخبرات والنصوص المتواضعة يبرز أيضًا دور المؤسسات الإعلامية الحكومية التي كفت يدها عن دعم الدراما وتطويرها وتسويقها. فمنذ عام 2014 أوقفت شبكة الإعلام العراقي دعمها للإنتاج الدرامي في البلاد. كما أن هبوط أسعار النفط واستنزاف المال الوطني في المعارك ضد داعش والإرهاب، دفعا الحكومة آنذاك إلى اقتطاع ميزانية الدراما من موازنة الدولة، وترك آلاف الفنانين والفنيين بدون عمل لأكثر من أربعة أعوام. وهذه كانت أسبابا كافية لتوجه المتلقي العراقي نحو الشاشات العربية واهتمامه بالأعمال المصرية والسورية والخليجية، وهي بدورها ما جعلته صاحب رؤيةٍ يناظر بها جودة الأعمال المحلية التي لم ترتق لمستوى ذوقه وهمومه. 

سينما ودراما
التحديثات الحية

في محاولة متواضعة، أطلقت مبادرة حملت شعار "الدراما حياة" عام 2015. وعليه تم إنشاء صندوق لدعم الدراما العراقية من قبل الشركات الأهلية والبنك المركزي ورابطة المصارف الخاصة وبعض شركات الاتصالات، وقدمت هذه المبادرة ثلة من الأعمال الدرامية في العامين السابقين في محاولة للارتقاء بالدراما من حيث الشكل والمضمون، ودفع عجلة الإنتاج محليًا كأقل تقدير. غير أن محللين ونقّادا ومختصين رأوا الدائرة المغلقة التي ما تزال هذه الأعمال تدور في داخلها، وهي سطحية وابتذال وغلبة لأعمال الكوميديا على الاجتماعية والواقعية وتغييب لمشاكل المرأة والشباب في الوقت الراهن. 

وعندما كانت العظة في دعم استمرار الدراما العراقية المحافظة على عملية التمثيل الوطني وتشغيل الكوادر، والارتقاء نحو عروض أكثر ملاءمةً تحتوي المشاهد العراقي وذوقه، فإن محللين ونقادا نظروا إلى الساحة العربية ووجدوا أن أكثر الحلول ملاءمة لبعث الدراما المحلية وتصحيح مسارها، هو إنتاج جريء مستعد لجلب دماء جديدة إلى الشاشة الفضية. ولكن إذا حصل ودخلت وجوه عربية من جنسيات مختلفة سورية ومصرية أو خليجية هل سنشهد بذلك فصلًا جديدًا يقصي ماضي الدراما العراقية من خانة التهميش وينقذها؟

قد نتعرّف على الجواب بعد عرض مسلسل "أم بديلة" في الموسم الرمضاني المقبل. فهذا العمل أعلن عنه منذ فترة وجيزة على أنه أول مسلسل عراقي مشترك حيث ضم نجومًا عراقيين ولبنانيين، فضلًا عن مؤلفته اللبنانية ندى خليل ومخرجه ديفيد أوريان ذي الجنسية اللبنانية أيضًا. خطوة جيدة لفتح آفاق جديدة تسمح بإنعاش الدراما العراقية. وإذا عدنا بالذاكرة قليلًا، أي إلى شهر رمضان من عام 2013، حين تم عرض مسلسل "حفيظ" والذي قام بإخراجه السوري سامي جنادي، وقد شارك فيه نجوم عراقيون ومصريون وسوريون على رأسهم أيمن زيدان أحد أشهر الممثلين في الساحة السورية والعربية، برفقة مواطنته الممثلة مرح جبر التي لا تقل شأنا عنه، فإننا نقرأ النجاح المتواضع الذي حققه هذا العمل محليًا، وليس عربيًا. 

المساهمون