الجزائر: اكتفاء ذاتي من الدراما المحلية على الشاشة

اكتفاء ذاتي من الإنتاجات الدرامية المحلية في القنوات الجزائرية

13 مارس 2024
تعرض قناة "النهار" مسلسل "الرهان" (يوتيوب)
+ الخط -

تبث القنوات المحلية في الجزائر منذ بداية شهر رمضان 2024، أعمالاً درامية أُنتجت محلياً، محققةً اكتفاءً ذاتياً بالنسبة للمشاهد الجزائري.

واختار المشاهد في الجزائر الدراما المحلية ومتابعة شخصياتها، بخلاف السنوات الماضية التي كانت فيها المسلسلات المصرية والسورية أكثر ما يغطي العرض التلفزيوني في شهر رمضان في الجزائر. 

أبرز إنتاجات رمضان 2024 

تعرض قنوات "الشروق" ثلاث مسلسلات درامية، أحدها "البطحة" في موسمه الثاني بعد نجاح الموسم الأول العام الماضي، والذي يجمع بين الفكاهة وتضاريس اجتماعية في عمق المجتمع الجزائري، بطله الممثل نبيل عسلي، الذي يؤدي دور شاب يتردد على السجن بسبب مشاكل قضائية، قبل أن يحاول تعديل سلوكه، لكنه يصطدم بواقع اجتماعي معقد.

وكان لافتاً وجود انحياز في الدراما المعروضة في هذا الشهر إلى قضايا الثروة والمخدرات. وبرز مسلسل "البراني"، الذي يجمع بين نخبة من الممثلين الجزائريين، أبرزهم الممثلة القديرة بهية راشدي. وتدور أحداثه الاجتماعية حول عائلة جزائرية تضم ثلاثة إخوة، تتطور العلاقة بينهم في اتجاهات مختلفة، وتعالج قضايا المال والثروة والمخدرات وغيرها.

كما يروي مسلسل "حداش حداش"، الذي أخرجه أسامة قبي، قصة أصدقاء تربطهم علاقة منذ الصغر تتعقد تدريجياً في قالب بوليسي، بسبب قضايا القتل والسرقة وغيرها. ويشارك في المسلسل يوسف سحيري، وهو كاتب دولة سابق للإنتاج الثقافي.

وتعرض قناة "النهار" مسلسل "الرهان"، وهو مشبع بالتعبيرات السياسية عن الواقع الجزائري، وتدور أحداثه حول قصة رجل أعمال نافذ وفاسد، يستخدم نفوذه بشكل تعسفي، قبل أن يحاول الفرار إلى الخارج.

وينحو المسلسل منحى يشبه قصة حقيقية لرجل الأعمال، علي حداد، الذي حاول الهروب إلى الخارج عبر تونس، بعد اندلاع الحراك الشعبي في البلاد في فبراير/شباط 2019، قبل إيقافه.

ويتعرّض المسلسل إلى فترة الحراك الشعبي وخروج الشباب للتظاهر، ويؤدي فيه الممثل عبد القادر دريو دور البطل عيسى، الذي يدخل السجن بعد تلفيق قضية مخدرات ضده، وتنخرط العدالة بقسوة في الحكم عليه (الممثل جريو سُجن فعلاً نهاية عام 2018 بسبب مواقف سياسية).

ونجح المسلسل في الوصول إلى المشاهد العربي بعدما دُبلج إلى اللهجة السورية، حيث يُعرَض أيضاً على قنوات "السومرية" في العراق و"الشارقة" في الإمارات.

ويُعرَض على قناة "سميرة" مسلسل آخر يحظى بمتابعة هامة من قبل الجمهور الجزائري هو "دموع لولية"، الذي يسرد قصة شابة تدعى "مليكة" تعيش قصة حب مع رجل أعمال، لكنها تكتشف مع تطور الأحداث خيانته لها. وتؤدي فيه المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي نوميديا لزول والممثل المعروف حسان كشاش الأدوار الرئيسية.

ويبث التلفزيون الحكومي في الجزائر مسلسلين محليين هما "انتقام الزمن" و"حياة"، اللذان يدوران حول أحداث ووقائع تخص العلاقات الاجتماعية في المجتمع الجزائري.

والتلفزيون الحكومي الجزائري هو الوحيد الذي انفرد باقتناء مسلسل من الخارج، وهو مسلسل "العربجي".

دراما الجزائر وقضايا الجزائر

في حديث لـ"العربي الجديد"، علّق الكاتب والناقد الفني، ياسين بوغازي، بأن "الدراما الجزائرية الرمضانية هذا العام لم تتغير فيما يتعلق بلمس القضايا الاجتماعية المهمة، التي تعتبر من روافد ومسؤولية الفعل الدرامي كتابة وإخراجاً، لكن جميع المسلسلات المنتجة لا تغوص في تلك القضايا الاجتماعية بجدية وإن كانت تتمسح بمظاهرها".

ويأخذ بوغازي على الإنتاجات الجزائرية كونها "لا تغوص في المعاناة الحقيقية المنتشرة في المجتمع، وصانعوها يراهنون على مواضيع الآفات الاجتماعية كالخمر والمخدرات وعوالم السجون".

وتابع: "هم يتناولون هذه الآفات على اعتبارها من قضايا المجتمع، وإن كانت حقيقية فهي ليست من روح الدراما، لأنها تعتبر شوائب حول القضايا الجديرة بالطرح درامياً، على أن تكون هذه إضافات كمسائل المخدرات والسجون ضمن التصاعد الدرامي لحبكات الأعمال، ولذلك أعتبر أن الإنتاج المحلي الفني لم يتقدم نحو تحدياته المطلوبة وما يزال يحوم حول حوافي القضايا".

وفي رأي بوغازي، فإن "الدراما الجزائرية حديثة الإنتاج وإن كانت قديمة التجربة"، و"ما ينتج منذ سنوات لا يمكنه أن ينمّي دراما جزائرية بهوية فنية ومقومات موضوعاتية واضحة". وبحسبه "لكي تصير الدراما الجزائرية مركزة وهادفة ومكتفية أرى أنه يجب وضع استراتيجية وطنية لهذه الصناعة على غرار الصناعة السينماتوغرافية، ضمن تصورات وطنية لما يريده المجتمع والمسموح تناوله درامياً، وهذه مسؤولية التلفزيون الجزائري الحكومي، لأنه الأقدر إنتاجياً والأكثر مسؤولية أمام بعث دراما مركزة موضوعاتياً، وثابتة إنتاجياً وجزائرية اليد واللسان".

المساهمون