الثورة الجزائرية في أغانيها

الثورة الجزائرية في أغانيها

05 يوليو 2022
كاريكاتير في إحدى الصحف الشيوعية الفرنسية الداعمة للثورة (Getty)
+ الخط -

ستة عقود مرت اليوم على استقلال الجزائر، وما زالت الأغاني الثورية والأناشيد الشعبية المرتبطة بتحرير البلاد حاضرة بين أبناء الشعب الجزائري. تناولت هذه الأغاني تفاصيل كثيرة حول نضال الثوار ويومياتهم وبطولاتهم، إذ تحولت هذه الأهازيج الشعبية إلى ما يشبه وثيقة تاريخية.

لازمت هذه الأغاني، منذ انطلاق الثورة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1954، الثوار، ومثلت كلماتها مواساة وتوثيقاً للآلام التي تسبب فيها الاحتلال الفرنسي. في هذا السياق، نستذكر أغنية "الطيارة الصفراء"، وهي الطائرة التي استخدمها المُستعمر لإطلاق القنابل على الأبرياء العزّل. تقول كلماتها: "الطيارة الصفراء احبسي (توقفي) ما تضربيش، نسعى رأس خويا (لدي أخ واحد فقط)، لميمة ما تضنيش (الأم لن تلد بعد الآن) نطلع للجبل نموت نموت وما نرنديش (ولا أستستلم)".

كما صورت أغنية "جينا" المصاعب والمعاناة التي تحمّلها الثوار في الجبال: "جينا من عين مليلة، سبع أيام على رجلينا، فرنسا تسركل علينا (تحاصرنا) الباطوغاز (حذاء عسكري) أكل رجلينا، والكرطوش (الرصاص) يقطع صدرنا، جات الموت بلا دفينة (شهداء بلا دفن)".

إضافة إلى التغنِّي بالبطولات أو الآلام، لعبت الأغنية الثورية دوراً كبيراً في التأريخ للعديد من الأحداث التي عاشها الجزائريون فترة الاحتلال. في هذا السياق، يرى أستاذ التاريخ في جامعة الجزائر، عزّ الدين بن زياد، أن الأهازيج والأغاني الثورية كانت مفتاح الصبر وتعزيز روح الجهاد في سبيل تحرير البلاد، وأرشيفاً صادقاً ينافس الأفلام والوثائق.

كما تنسج الأغنية الثورية كلماتها لأغراض تشجيعية، إذ تعكس تضافر الجهد الشعبي مع نضال الثوار في سبيل القضية الوطنية التحريرية، وتلاحمهم من أجلها، حسب أستاذة الأدب الشعبي، فريدة بلواد، إذ تدعو الأغنية إلى الترحم على الشهداء وعدم البكاء عليهم، وإنما البكاء يستوجبه من باعوا إخوتهم وباعوا القضية لفرنسا.

للأغنية الثورية الجزائرية طابع مميّز، تحكمه كلماتها بتعدّد لهجاتها، بحكم تعدّد اللهجات في الجزائر. كما أنها ترسم أحيانا صور الحزن والألم الذي يختبئ وراء وجوه الجزائريين، بسبب سياسة الإبادة الإنسانية المنتهجة من قبل المحتل الفرنسي، في حين تنطق بصور الحماسة وجهود الدعم والمؤازرة لجنود الثورة وأبطالها، لافتة إلى أنها لسان الفرد الشعبي والوجدان الجمعي: "قداش نفكر يا خويا، في الجزائر عادت حية، دم الشبان يقطر ومبزع في كلّ ثنية". بينما تحتفي أغنية أخرى بالتحرير: "الحمد لله ما بقاش الاستعمار في بلادنا".

المساهمون