التحور السريع للفيروسات يعيق إنتاج اللقاحات

التحور السريع للفيروسات يعيق إنتاج اللقاحات

23 يناير 2021
طبق الباحثون نموذجهم على الطفرات الجديدة من فيروس كورونا (جاستن تاليس/فرانس برس)
+ الخط -

تعد مهمة إنتاج لقاحات مناسبة ضد بعض الفيروسات بما في ذلك فيروس الإنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية، مهمة شاقة بالنسبة للعلماء. أحد أسباب صعوبة هذه المهمة هو أن هذه الفيروسات تتحور بسرعة كبيرة، ما يسمح لها بالهروب من الأجسام المضادة الناتجة عن لقاح معين، من خلال عملية تعرف باسم "الهروب الفيروسي".

في دراسة جديدة، ابتكر باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا طريقة جديدة لنمذجة الهروب الفيروسي حاسوبياً، استناداً إلى النماذج التي تم تطويرها في الأصل لتحليل اللغات. يمكن للنموذج الجديد أن يتنبأ بأجزاء البروتينات السطحية الفيروسية التي من المرجح أن تتحور بطريقة تمكن الفيروس من الهروب، ويمكنه أيضاً تحديد المواضع الأقل عرضة للتحور، وهو ما يجعلها أهدافا جيدة للقاحات جديدة.

تقول بوني بيرغر، أستاذة الرياضيات ورئيسة مجموعة الحوسبة والبيولوجيا في مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والباحثة المشاركة في الدراسة إن "الهروب الفيروسي" مشكلة كبيرة، لأن الهروب الفيروسي للبروتين السطحي للإنفلونزا وبروتين فيروس نقص المناعة البشرية مسؤول بشكل كبير عن عدم وجود لقاح عالمي ضد الإنفلونزا أو فيروس نقص المناعة البشرية حتى الآن، رغم العدد السنوي الكبير من الوفيات التي يتسبب فيها كلا الفيروسين.

في الدراسة التي نشرت أخيراً في مجلة Science، حدد الفريق البحثي الأهداف المحتملة للقاحات ضد الإنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية وفيروس كورونا. طبق الباحثون نموذجهم على الطفرات الجديدة من فيروس كورونا التي ظهرت أخيراً في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا وعدد من الدول. يقول الباحثون إن هذا التحليل حدد التسلسلات الجينية الفيروسية التي يجب أن تخضع لمزيد من التحقيق، لمعرفة قدرتها على الهروب من اللقاحات الموجودة.

تكتسب الأنواع المختلفة من الفيروسات طفرات جينية بمعدلات مختلفة. وفيروسا نقص المناعة البشرية والإنفلونزا من بين تلك المجموعة الفيروسية التي تتحور بشكل أسرع. لكي تعزز هذه الطفرات الهروب الفيروسي، يجب أن تساعد الفيروس على تغيير شكل بروتينات سطحه حتى لا تتمكن الأجسام المضادة من التعامل معها. استخدم الفريق نوعًا من النماذج الحاسوبية المعروفة باسم نموذج اللغة، وهي نماذج مصممة في الأصل لتحليل الأنماط في اللغة، مثل التردد الذي يحدث مع استخدام كلمات معينة معا. يمكن للنماذج بعد ذلك إجراء تنبؤات بالكلمات التي يمكن استخدامها لإكمال جملة. ويجب أن تكون الكلمة المختارة صحيحة نحويًا وتؤدي المعنى الدقيق. 

من هنا، فكر الباحثون في إمكانية تطبيق هذا النوع من النماذج على المعلومات البيولوجية مثل التسلسلات الجينية، فقاموا بتدريب نموذج البرمجة اللغوية العصبية لتحليل الأنماط الموجودة في التسلسلات الجينية، مما يسمح لهم بالتنبؤ بالتسلسلات الجديدة التي لها وظائف جديدة ولكنها لا تزال تتبع القواعد البيولوجية لبنية البروتين. تتمثل إحدى الميزات المهمة لهذا النوع من النمذجة في أنه لا يتطلب سوى معلومات متسلسلة، وهو أسهل بكثير من الحصول على هياكل البروتين. يمكن تدريب النموذج على كمية صغيرة نسبياً من المعلومات، إذ استخدم الباحثون في الدراسة الحالية 60 ألف تسلسل لفيروس نقص المناعة البشرية، و45 ألف تسلسل إنفلونزا، و4000 تسلسل لفيروس كورونا.

"إذا أراد الفيروس الهروب من جهاز المناعة البشري، فإنه لا يريد أن يحور نفسه ليموت أو لا يمكنه التكاثر، وإنما يريد الحفاظ على طاقته، ولكن يتحور القدر الذي يمكنه من التخفي بحيث لا يمكن لجهاز المناعة البشري اكتشافه" تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة. وتضيف الباحثة أن تحليل النموذج لفيروسات كورونا كشف أن الفيروس لا يتحور بسرعة مثل الإنفلونزا أو فيروس نقص المناعة البشرية.
 

المساهمون