البرلمان الأوروبي يعتمد قانوناً "تاريخياً" في مجال الذكاء الاصطناعي

البرلمان الأوروبي يعتمد قانوناً "تاريخياً" في مجال الذكاء الاصطناعي

14 مارس 2024
اكتسى المشروع بعداً جديداً إثر بروز برنامج "تشات جي بي تي" (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النواب الأوروبيون يعتمدون قواعد جديدة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، بدعم كبير في البرلمان، مما يعكس التزام الاتحاد الأوروبي بتنظيم هذا المجال.
- القانون يفرض متطلبات شفافية وحقوق مؤلف للأنظمة العامة، ومتطلبات أكثر صرامة للأنظمة ذات "المخاطر العالية"، ويحظر تصنيف المواطنين والمراقبة الجماعية.
- هناك تحفظات من صناعة التكنولوجيا ومنظمات المجتمع المدني حول غموض القواعد، مع التأكيد على ضرورة متابعة تطور التكنولوجيا واستحداث مكتب أوروبي للذكاء الاصطناعي للرقابة.

اعتمد النواب الأوروبيون، الأربعاء، قواعد لتأطير أنظمة الذكاء الاصطناعي من قبيل "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، بموجب قانون فريد من نوعه على الصعيد العالمي.

وأشاد المفوّض الأوروبي المعني بهذه المسألة تييري بريتون، على حسابه في "إكس"، بـ"الدعم الكبير" الذي حظي به في البرلمان (523 صوتاً مؤيّداً مقابل 46 صوتاً معارضاً)، هذا النصّ القانوني الذي يتضمّن "أوّل قواعد ملزمة وشاملة في العالم لذكاء اصطناعي موثوق".

وكانت المفوّضية الأوروبية قد قدّمت مشروع القانون هذا في إبريل/نيسان 2021، وقد اكتسى بعداً جديداً في ما بعد إثر بروز برنامج "تشات جي بي تي" الذي طرحته الشركة الكاليفورنية الناشئة "أوبن إيه آي" في نهاية 2022، والقادر في خلال بضع ثوان على تقديم مواضيع إنشائية وأشعار وترجمات.

وكشف هذا النظام النقاب عن القدرة الهائلة التي يختزنها الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن الأخطار المرتبطة به.

وأدّى نشر صور أو فيديوهات مزيّفة قريبة جدّاً من الواقع إلى تسليط الضوء على مخاطر التلاعب بالرأي العام.

وقال المقرّر المشارك في إعداد النصّ براندو بينيفي، من الاشتراكيين الديمقراطيين، أمام وسائل الإعلام، صباح الأربعاء: "اليوم هو يوم تاريخي في مسارنا الطويل إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي".

وصرّح المقرّر الثاني دراغوس تودوراتشي بأنه بفضل هذا النصّ "نجحنا في بلوغ توازن دقيق جدّاً بين المصلحة في الابتكار والمصلحة في الحماية".

لكنّ هذا التشريع "ليس سوى البداية"، بحسب تودوراتشي، الذي لفت إلى أن الذكاء الاصطناعي ما انفكّ يتطوّر تطوّراً سريعاً.

وشدّد على ضرورة "متابعة تطوّر التكنولوجيا في المستقبل عن كثب والاستعداد لمجابهة التحديات الجديدة التي قد تنجم عن هذه التطوّرات".

وينصّ التشريع على مقاربة قائمة على مستويين. وينبغي لنماذج الذكاء الاصطناعي "ذات الاستخدام العام" أن تمتثل لمتطلّبات الشفافية، فضلاً عن القواعد الأوروبية المرتبطة بحقوق المؤلّف.

أما الأنظمة التي يُعتبر أنها تنطوي على "مخاطر عالية"، والمستخدمة مثلاً في البنى التحتية الحرجة والتعليم والموارد البشرية وحفظ الأمن، فستخضع لمتطلّبات أكثر صرامة. ولا بدّ مثلاً في سياقها من أخذ إجراء تحليل إلزامي بشأن الأثر على الحقوق الأساسية.

كما ينبغي الإشارة بوضوح إلى الصور والنصوص والفيديوهات المعدّة بواسطة تقنية التزييف العميق.

يحظر القانون أيضاً أنظمة تصنيف المواطنين أو المراقبة الجماعية المستخدمة في الصين، فضلاً عن أنظمة التعرّف البيومتري عن بعد إلى الأشخاص في المواقع العامة.

وحدّد القانون بعض الاستثناءات في مجال التعرّف البيومتري عن بعد خلال مهام قوى الأمن، مثلاً لدرء تهديد إرهابي أو البحث الموجّه عن الضحايا.

وسيكون التشريع الأوروبي مرفقاً بآلية رقابية وعقابية مع استحداث مكتب أوروبي للذكاء الاصطناعي في كنف المفوّضية الأوروبية، وقد تفرض بموجبه غرامات تراوح قيمتها بين 7.5 و35 مليون يورو، بحسب فداحة المخالفة وحجم الشركة.

وكتب المفوّض الأوروبي تييري بريتون: "نحاول التنظيم أقلّ ما يمكن لكن بقدر ما هو ضروري".

غير أن أوساط التكنولوجيا تنظر بعين الريبة إلى هذا التشريع الجديد.

وصرّح المسؤول في الفرع الأوروبي من مجموعة الضغط "سي سي آي إيه" بونيفاس دو شامبري بأن "الكثير من هذه القواعد الجديدة يبقى ضبابياً، ما قد يبطئ تطوير تطبيقات ابتكارية وطرحها".

وأعرب كلّ من مرصد الشركات المتعددة الجنسيات (فرنسا)، ومرصد شركات أوروبا (بلجيكا)، و"لوبي كونترول" (ألمانيا)، عن خشيته من أن تضعف مجموعات الضغط سبل تنفيذ القواعد الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

وجاء في بيان مشترك للمجموعات الثلاث أن "تفاصيل كثيرة من قانون الذكاء الاصطناعي تبقى مفتوحة (على التأويلات)، ولا بدّ من توضيحها في ما يخصّ مثلاً المعايير والعتبات ومتطلّبات الشفافية. كما أن تشكيلة المجلس الاستشاري والوكالة الأوروبية الجديدة للذكاء الاصطناعي تبقى ضبابية".

ومن المرتقب أن توافق الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على النصّ في إبريل/نيسان، قبل نشر القانون في الجريدة الرسمية للاتحاد في مايو/أيار أو يونيو/حزيران.

(فرانس برس)

المساهمون