اعتقال الصحافيين الفلسطينيين: جحيم آخر

اعتقال الصحافيين الفلسطينيين: جحيم آخر

14 يناير 2024
في لندن يوم السبت (هنري نيكولز/ فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود تقريراً جديداً، ركّزت فيه على اعتقال الصحافيين في فلسطين، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اعتقل الاحتلال 38 صحافياً، وأطلق سراح 7 منهم، ليبقى 31 في السجون الإسرائيلية، بحسب المنظمة. بينما تشير أرقام نادي الأسير الفلسطيني إلى أن حالات الاعتقال بين الصحافيين بلغت منذ 7 أكتوبر 50 حالة، أبقى الاحتلال على 35 منها، وجرى تحويل 20 صحافياً إلى الاعتقال الإداري.
وانطلق تقريرا "مراسلون بلا حدود" و"نادي الأسير الفلسطيني" حول اعتقال الصحافيين، من إطلاق سراح مدير مكتب "العربي الجديد" في غزة، الزميل ضياء الكحلوت. 
فبحسب "مراسلون بلا حدود" فإن "إطلاق سراح الصحافي ضياء الكحلوت في 9 يناير/ كانون الثاني بعد أكثر من شهر من الاعتقال لن يحجب حجم الاعتقال التعسفي الذي تمارسه إسرائيل ضد الصحافيين الفلسطينيين". وقالت المنظمة إنه "من الواضح أن هذه الموجة غير المسبوقة من الاعتقالات، في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة، قد نُفذت بهدف متعمد، يتمثل في إسكات وسائل الإعلام الفلسطينية. ويعمل جميع الصحافيون المعتقلون في وسائل إعلام فلسطينية، مثل جي ميديا، ووكالة معا الإخبارية، وسند، وراديو الكرامة، أو يعملون بشكل مستقل". وهو ما يؤكده نادي الأسير أيضاً إذ أشار في تقرير صادر، غداة إطلاق سراح الكحلوت، إلى أن "الاحتلال صعّد بعد السابع من أكتوبر عمليات الاعتقال بين صفوف الصحافيين، بهدف إسكات أصواتهم، وذلك في إطار نهج الاحتلال باستهداف حرية الرأي والتعبير".
وفصّل تقرير النادي، أساليب الاعتقال والتهم الموجهة إلى الصحافيين، فأشار إلى أن "الاحتلال استهدف الصحافيين بالاعتقال الإداري، بذريعة وجود (ملف سري)، بالإضافة إلى أن البقية منهم وُجّهت تهم بحقّهم، بذريعة ما يسمى بالتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي... وقد نفّذ الاحتلال بحقّ الصحافيين، كما المعتقلين كافة، الذين جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر عمليات تعذيب وتنكيل، وكان من أبرز الصحافيين، الصحافي الجريح معاذ عمارنة، الذي يعاني من أوضاع صحية صعبة، وهو بحاجة إلى رعاية صحية حثيثة، علماً أن الاحتلال حوّله للاعتقال الإداري".

اعتقال الصحافيين في غزة

بالفعل، كان الزميل ضياء الكحلوت قد أشار بعد الإفراج عنه الأسبوع الماضي، إلى تعرّضه إلى التعذيب، مع باقي المعتقلين، فقال في حديث مع "العربي الجديد"، بعد إطلاق سراحه إنه تعرض للضرب وللتعذيب بأسلوب "الشبْح" مرات عدة، وتحديداً من جهاز الشاباك. وأفاد بأنه أمضى 25 يوماً من أيام اعتقاله الـ33 جالساً على ركبتيه، و"هذا أشد عقاب تعرضت له"، كما قال، مضيفاً أن ظروف اعتقاله وفلسطينيين آخرين كانت غير إنسانية، وواجهوا أيضاً تعذيباً غير مباشر وإهانات. كما أوضح أن قوات الاحتلال ركزت خلال التحقيق معه على عمله الصحافي مع "العربي الجديد"، وتحديداً تقارير نشرتها الصحيفة عام 2018، حين تصدت وحدات من حركة حماس لوحدة خاصة من "سييرت متكال" (سرية الأركان) تسللت شرقي خانيونس في قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل قائدها وإصابة آخرين.
ورغم أن اعتقال الصحافيين كانت بشكل أساسي في الضفة الغربية، فإن نادي الأسير أشار إلى أنه بعد إطلاق سراح الكحلوت لا يزال الصحافي الغزي مؤمن سامي الحلبي (27 عاماً)، معتقلاً، وهو متزوج وأب لطفلين، وقد اعتقال بتاريخ 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من القطاع. لكن الحلبي ربما لا يكون الصحافي الوحيد المعتقل من غزة بحسب نادي الأسير "قد تكون هناك أعداد أخرى لم نبلغ عنها، ولا سيّما أن الاحتلال يواصل جريمة الإخفاء القسري بحقّهم، علماً أن من بين المفقودين الصحافي نضال الوحيدي، الذي لم يتضح مصيره منذ تاريخ السابع من أكتوبر". كذلك هناك صحافي مفقود آخر هو هيثم عبد الواحد، الذي فُقد الاتصال به في 7 أكتوبر، بحسب نقابة الصحافيين الفلسطينيين.
من جهتها، أشارت "مراسلون بلا حدود" إلى أن صحافيين غزيَّين اعتُقلا لمدة تقل عن 48 ساعة، ومن بينهما الصحافي سعيد الكيلاني، وهو مصور صحافي يعمل لحساب وكالات أنباء عدة، بينها "أسوشييتد برس"، و"فرانس برس"، ووسائل إعلام دولية أخرى، وقد كان واحداً من المراسلين القلائل الذين بقوا في بيت لاهيا، بعد دخول جيش الاحتلال إلى المدينة التي تقع شمالي غزة. وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول، كان الكيلاني يغطي تقدم قوات الاحتلال نحو مستشفى كمال عدوان واعتُقل مع الفريق الطبي. وقال: "بما أنني علمت أن الجيش الإسرائيلي يستهدف الصحافيين، فقد شعرت بالخوف وقمت في البداية بإخفاء خوذتي وسترتي الصحافية"، وفق ما تنقل المنظمة.
واحتجز الكيلاني لمدة 14 ساعة في قاعدة عسكرية شمال قطاع غزة. وقال: "لقد أُجبرنا على خلع ملابسنا، وتعرضنا للإهانة"، رغم إصراره على تعريف نفسه على الفور بأنه صحافي. وبعد إطلاق سراحه، تبيّن أن الاحتلال قد اعتقل زوجته وأطفاله، ثم أطلق سراحهم، كما أنه أحرق منزله، وأحرق الاحتلال أيضاً المعدات الصحافية التي كان يخبئها في المستشفى.
بعدها بأيام قليلة، أطلق قناص إسرائيلي النار مباشرة على ساجد، ابن سعيد الكيلاني، فاستشهد أمام عيني والده.

اعتقال الصحافيين في الضفة الغربية

بحسب "مراسلون بلا حدود" وقعت معظم الاعتقالات في الضفة الغربية، إذ اعتقل الاحتلال 34 صحافياً هناك منذ 7 أكتوبر، وجرى إطلاق سراح خمسة منهم فقط حتى الآن، علماً أنه عندما بدأ العدوان، كان اثنان محتجزين. وأشارت المنظمة إلى أنه لا يمكن للصحافيين المعتقلين تلقي زيارات، ومعظمهم محتجزون في سجون لم يجر الكشف عنها.
بعض الذين أُفرج عنهم، مثل الصحافية المستقلة سمية جوابرة، التي أطلق سراحها بكفالة في 22 نوفمبر، أي بعد 17 يوماً من اعتقالها، طلب منهم البقاء في المنزل، ومنعوا من استخدام الإنترنت، أو التحدث إلى وسائل الإعلام.

وركز تقرير المنظمة الدولية على قيام إسرائيل بالاعتقال الإداري "الذي بموجبه يجري احتجاز الشخص من دون إخطاره بأية تهمة على أساس أنه كان ينوي خرق القانون. ويمكن أن يُسجن الموقوف لفترات تصل إلى ستة أشهر، ولا يمكن تجديدها إلا بأمر من قاضٍ إسرائيلي. ويخضع ما لا يقل عن 19 صحافياً حالياً إلى الاعتقال الإداري. كما أن 10 صحافيين آخرين محتجزون على ذمة المحاكمة بتهم ملفقة بالتحريض على العنف... ويتعرض بعض الصحافيين المحتجزين لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. وهذا ما أكده مراسل "العربي الجديد" المفرج عنه في حديث لموقع "العربي الجديد" الإخباري... احتُجز الكحلوت لفترة وجيزة في سجن إيشيل في إسرائيل، وتعرض للتعذيب، بحسب مصادر لـ"مراسلون بلا حدود". ولم تذكر السلطات الإسرائيلية شيئاً عن مصيره لأكثر من شهر.
أما نادي الأسير، فأشار إلى أنه من بين الصحافيين الذين أبقى الاحتلال على اعتقالهم من الضفة، الصحافية إخلاص صوالحة من جنين، إذ جرى تحويلها للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر.

المساهمون