ارتطام نيزكي قبل 3600 سنة دمر مدينة تل الحمام

ارتطام نيزكي قبل 3600 سنة دمر مدينة تل الحمام

25 سبتمبر 2021
تأثير النيزك ربما يكون قد أصاب البحر الميت جزئياً، وأسهم في غناه بالملح (Getty)
+ الخط -

كشفت دراسة جديدة أن مدينة تل الحمام الأثرية في الأردن، التي ازدهرت في العصر البرونزي الوسيط (قبل قرابة 3600 سنة؛ أي 1650 قبل الميلاد)، تعرضت للدمار بسبب ارتطام نيزكي، أدى إلى حدوث انفجار قرب موقع المدينة التي تقع على أرض مرتفعة جنوب وادي الأردن شمال شرق البحر الميت.

وفق الدراسة التي نشرت يوم الاثنين الماضي، في دورية "سَينتفك ريبورتس"، وجد الباحثون شظايا فخارية ذات أسطح خارجية منصهرة في الزجاج، وكرات صغيرة من الحديد والسيليكا والكوارتز المضغوط، ومواد بناء ذائبة جزئياً، وكلها مؤشرات على حدوث ارتفاع غير طبيعي في درجات الحرارة، وأكثر سخونة من أي شيء آخر يمكن أن تنتجه التكنولوجيا في ذلك العصر.

قبل أكثر من 3000 عام، كانت مدينة تل الحمام الحالية حاضرة جنوب بلاد الشام، ومركز الحضارة المبكرة لبضعة آلاف من السنين. وفي ذلك الوقت، كانت المدينة المندثرة أكبر بعشر مرات من مدينة القدس، وخمس مرات أكبر من مدينة أريحا.

اكتشف الباحثون طبقة سوداء سمكها قرابة 15 متراً، تتكون من فحم الخشب والرماد والطوب اللبن المنصهر، وأوان خزفية يعود عمرها إلى ما قبل 3600 عام. ترجح الدراسة الجديدة أن نيزكاً يبلغ قطره 65 متراً، ضرب المنطقة، ودمر المدينة، وعدداً من المدن المحيطة بها. ويربط الباحثون بين هذا الحادث وواقعة تدمير "سدوم"، التي يعتقد أنها مدينة قوم النبي لوط المذكور في التوراة والقرآن.

وقال الأستاذ الفخري لعلوم الأرض في "جامعة كاليفورنيا" والباحث المشارك في الدراسة، جيمس كينيت، إن تل الحمام هي ثاني مدينة معروفة دمرت بفعل تأثير كوني، بالإضافة إلى مدينة تل أبو هريرة في الجزيرة الفراتية في سورية التي دمرت قبل 12800 عام. وأضاف كينيت في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه من الواضح أنه لا يمكن إغفال الربط بين الأبعاد الثقافية والدينية في المنطقة "الحرجة"، وتدمير المدينة بوصفه حدثاً مهماً من الناحية التاريخية.

ويرى الباحث أنه بالرغم من صعوبة الجزم بذلك، فإن الملاحظات الواردة في سفر التكوين تتوافق مع فرضية الانفجار الكوني التي تثبتها الدراسة: "كانت تل الحمام المدينة الرئيسية في منطقة جنوب بلاد الشام، وكان تدميرها (وكذلك القرى والمزارع المجاورة) مهماً بشكل واضح في التطور الثقافي في المنطقة". تستند تفسيرات الفريق البحثي إلى قدر هائل من التحليلات الدقيقة. وتستند الاستنتاجات الرئيسية إلى أدلة قوية، لذلك لا يعتقد كينيت أن الدراسة قد تتعرض إلى "انتقادات في محلها" من باحثين آخرين.

عثر العلماء على أدلة على درجات حرارة أعلى من 2000 درجة مئوية، بحيث بدت المواد المتفحمة والمنصهرة في تل الحمام مألوفة للباحثين الذين ربطوا بين انفجار تل الحمام وانفجار نووي وقع في عام 1908 في تونجوسكا في روسيا، بقوة 12 ميغا طن، عندما اخترق نيزك يبلغ ارتفاعه 56-60 متراً الغلاف الجوي للأرض فوق شرق سيبيريا.

كان الانفجار في تل الحمام كافياً لهدم المدينة وتسويتها بالأرض فوق سكانها. وأشار توزيع العظام إلى التفكك الشديد وتشظي هياكل البشر الذين قتلوا في الانفجار. كما قد يفسر الانفجار أيضا وجود تركيزات عالية بشكل غير طبيعي من الملح في طبقة التدمير، بمتوسط 4% في الرواسب وتصل إلى 25% في بعض العينات.

ويعتقد الباحثون أن تأثير النيزك ربما يكون قد أصاب البحر الميت جزئياً، وأسهم في غناه بالملح. كما أن الشواطئ المحلية للبحر الميت غنية بالملح، لذا فقد يكون التأثير قد أعاد توزيع بلورات الملح هذه على نطاق واسع في المنطقة وزيادة معدلات الملوحة في التربة ومن ثم انخفاض عدد السكان من عشرات الآلاف إلى ربما بضع مئات، بعد هجرة السكان من المنطقة لصعوبة زراعتها بسبب الملوحة.

المساهمون