أوبرا الإسكندرية... آخر قلاع الفن في المدينة

أوبرا الإسكندرية... آخر قلاع الفن في المدينة

16 سبتمبر 2023
مسرح سيد درويش الأثري يتجاوز عمره 100 عام (العربي الجديد)
+ الخط -

في وقتٍ تعاني الإسكندرية كسائر المدن المصرية من تحديات كبيرة في قطاعَي الفن والثقافة، تبقى أوبرا الإسكندرية الحصن الأخير للفن بمفهومه الكلاسيكي في المدينة.

وتُعد أوبرا الإسكندرية أحد أبرز المعالم الثقافية في مصر، إذ تجسد تاريخًا عريقًا وتراثًا فنيًا مهمًا. ويعود تاريخ هذا المبنى إلى القرن العشرين، حين أنشئ ليكون مركزًا للفنون المسرحية والموسيقية وليستقطب الفنانين والجماهير من جميع أنحاء البلاد والعالم. كما تُعتبر الدار المعروفة باسم مسرح سيد درويش ثاني أكبر دار للأوبرا فى البلاد بعد القاهرة، من حيث المساحة والفعاليات الفنية.

فمسرحها يُعد من المسارح المصرية العتيقة، وتقدَّم عليه عروض مسرحية عدة منها مصرية وأجنبية. ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1918، وقد أُدرج ضمن قائمة التراث في المدينة عام 1999، لما يحتويه من عناصر معمارية ومجموعة فريدة من الزخارف التي ترجع إلى عصر النهضة الأوروبية.

تقول مديرة الأوبرا الجديدة وعازفة الكلارينت، هدى حسني، إن مبنى أوبرا الإسكندرية "تحفة فنية ومعمارية وأثرية. بدأ بناؤه عام 1918، وصمم هيكله المهندس المعماري الفرنسي الشهير جورج بارك الذي جمع بين العناصر المعمارية الكلاسيكية والعربية". وتضيف: "يُعد المبنى إحدى منارات المدينة الثقافية والفنية ويقع في وسط شارع فؤاد العريق، ويُعتبر من المباني الفريدة في المدينة الساحلية، إذ يتميز بالنقوش الملكية المطلية بماء الذهب، إلى جانب واجهته الرائعة التي تشبه القصور الأثرية، حيث تتوسطها قبة مذهلة عليها أشكال زخرفية رائعة، كتبت بواسطتها أسماء أهم مؤلفي الموسيقى العالمية وتمثال نوبار باشا أحد أهم التماثيل الأثرية في الإسكندرية... كما يضم عددًا كبيرًا من القاعات المسرحية والموسيقية ذات المستوى الفني والمعماري الفريد، بما في ذلك قاعة المسرح الكبيرة التي تتسع لأكثر من 1100 مقعد، وتعتبر مكانًا مثاليًا للعروض المسرحية الكبيرة والأوبرالية، إذ تتميز بتصميمها الفريد الذي يجمع بين الأناقة والفخامة والتفاصيل الدقيقة لتوفير تجربة فنية لا تُنسى للجمهور".

من جهته، يشرح مدير عام الإسكندرية للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، محمد متولي، أن "مسرح سيد درويش الأثري يتجاوز عمره مائة عام، وهو مسجل في عداد الآثار الإسلامية في المحافظة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 449 لسنة 1990". ويشير إلى أن "منطقة آثارالإسكندرية بدأت مشروع صيانة وترميم شاملاً لدار الأوبرا، بناء على موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية منذ عام 2003، تحت إشراف وزارة السياحة والآثار. إلا أن الوزارة لا تتحمل تكلفة الترميم، بل تتحملها الأوبرا ذاتها، لكن الأعمال تتم تحت إشراف الوزارة للاحتفاظ بالشكل القديم".

وعن دورها المجتمعي، يقول الفنان الأوبرالي السكندري أشرف فاروق، لـ"العربي الجديد"، إن أوبرا الإسكندرية ليست مجرد مكان للعروض الفنية، "بل هي أيضًا مؤسسة تعليمية وتدريبية تهدف إلى تطوير المواهب الشابة وتعزيز الفن والثقافة في المجتمع، ويتم تنظيم ورش العمل والمحاضرات والدروس الفنية في المبنى لتعزيز المهارات الفنية والإبداعية للشباب الموهوبين".

ويضيف: "كان مبنى الأوبرا ولا يزال هو البيت الأصيل لكل فنان حقيقي، فإذا كان يضم بين جنباته في الوقت الحاضر مدحت صالح وعلي الحجار ومحمد الحلو وغيرهم من أساطير الطرب الحاليين، فإنه استضاف في أزمنة مضت فنانين عالميين وتاريخيين من بينهم أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، ووديع الصافي، وغيرهم... تعود فكرة إنشاء أوبرا في الإسكندرية إلى أواخر القرن التاسع عشر، وكان السبب وراء ذلك هو النهضة الثقافية التي كانت تشهدها مصر في ذلك الوقت، وقد ساهمت في ظهور العديد من الفنانين والمثقفين المصريين. وفي العام 1898، تم إنشاء أول دار أوبرا في الإسكندرية، وهي دار أوبرا سان جورج. لكنها لم تستمر طويلًا، حيث أغلقت عام 1914 بسبب الحرب العالمية الأولى".

ويوضح أنه بعد الحرب العالمية "أعيد إحياء فكرة إنشاء أوبرا في الإسكندرية، وفي العام 1918 تم وضع حجر الأساس للمبنى الحالي، وتم البناء عام 1921، وافتتحت الدار رسميًا في العام 1923 ليطلق عليها في البداية اسم تياترو محمد علي، قبل أن تحمل اسم فنان الشعب سيد درويش عام 1962".

المساهمون