"كروكس"... حذاء أكبر من الموضة

"كروكس"... حذاء أكبر من الموضة

02 اغسطس 2022
"كروكس" بنسخه الرخيصة منتشر بين الكبار والصغار (كيت جيلون/Getty)
+ الخط -

لا يخلو موقع أو مقال يخص الموضة من تحذيرات حول ضرورة عدم ارتداء "كروكس" Crocs، الحذاء البلاستيكي اجتاح العالم مطلع الألفية الثالثة. لكن، وبالرغم من كل التنبيهات، "كروكس" بنسخه الرخيصة منتشر بين الكبار والصغار، الشبان والشابات. لا يعرف "كروكس"، الذي صُمم لأول مرة عام 2001 حذاءً للتجديف، حدوداً أو عمراً أو مكانة اجتماعيّة، إذ يرتديه الأطباء والصيادلة، باعة السمك وعمال البقالات. ارتداه جورج بوش وبعده ميشيل أوباما. فـ"كروكس" أكبر من الموضة نفسها، والسبب بسيط، هو حذاء مريح، رخيص الثمن، يوفر تهوية لا متناهية للقدمين، ومصنوع من البلاستيك الطري. ومرتدي كروكس يمتلك هدفاً واضحاً، يقول لنا من دون مواربة: أنا لا أهتم بشيء سوى راحتي الشخصية.
هل يصنف "كروكس" حذاءً؟ أم خُفاً؟ أم "مشّاءةً"؟ يكسر "كروكس" هذه التصنيفات من دون تردد محتفلاً بمرور عشرين عاماً على ميلاده. لكن المنافسين أصبحوا أشد ضراوة، إذ بدأ المعلقون على الأزياء التحذير من التصاميم الجديدة، التي بدأ منافسو "كروكس" بالترويج لها. وصف البعض التصميم الجديد الذي طرحته "أديداس" لنسختها من "كروكس" بالدبابة، بسبب حجمه الكبير وتصميمه الذي لا يمكن تجاهله. فالحذاء حسب وصف الشركة مزيج من "الحذاء الرياضي والخف" ويحمل اسم Yeezy Foam RNNR، واقترح تصميمه كانييه ويست، كما يتراوح ثمنه بين تسعين ومئتي دولار. 
أكثر ما يلفت في الحذاء هو شكله، فهو أشبه بدبابة فعلاً، لكنها دبابة مفرّغة، يمر عبرها الهواء، ويصلح للمشي في المدينة وتسلق الصخور، بل يمكن لمرتديه أن يمشي على سطح المريخ بسهولة، كون البعض شبهه بأرجل الكائنات الفضائيّة، إذ يمكن ارتداءه مباشرة، لا حاجة لربطه أو لصقه. وهنا يمكن أن نفهم سبب طرحه بهذا السعر، وهو محاولة للحفاظ على خصائص "كروكس" وتصميمه المريح، وفي ذات الوقت الابتعاد عن السمعة السيئة المرتبطة به، والتخفيف من سطوة التحذيرات ضد ارتدائه بوصفه عدواً للموضة.

الصورة
عارضة الازياء هايدي كلوم ترتدي حذاء "كروكس" (Getty)

الحذاء الآخر من إنتاج شركة RAL7000STUDIO في إيطاليا، والذي يقتبس أيضاً من "كروكس". لكنه يبدو أقرب إلى حذاء جري تقليدي، إذ يتبنى الكعب البلاستيكي العملاق، ويحافظ على بعض فتحات التهوية، مع إشارة إلى تصميمه الذي يراعي أسلوب المشي والحركة، أي بصورة أخرى، هذا التصميم مريح وعملي، لكن سعره حوالي 80 دولاراً، وهو ثمن غالٍ بالمقارنة مع "كروكس" التقليدي، أو ذلك المقلّد الذي لا يتجاوز سعره 10 دولارات. 
اللافت في الحذاءين أن الكلمات المستخدمة لوصفهما شديدة الغرابة: دبابة، كائن فضائي، وحش، وغيرها من الصفات التي لم تكن تستخدم سابقاً لوصف الأحذية، كأنيق، مريح، ذي شكل انسيابي. وكأن القبح الذي يوصف به الكروكس حرك مخيلة منافسيه، ولا بد إذاً من الرهان على هذه الخصائص الوحشية. ناهيك عن أن "كروكس" نفسه يستمد اسمه من كلمة "تمساح" Crocodile، ما جعل منافسيه يحاولون استخدام صفات الوحوش للحديث عن تصاميمهم.
انتشار الكروكس ومنافسيه وفقدان "شرطة الموضة" قدرتها على الحد من إنتاج تصاميم معينة يرتبطان بطبيعة العالم الذي نعيشه. ففي عالمنا اليوم، يمكن لأي جماعة أو مجموعة تشترك بذوق ما، أو خيارات مهما كانت غريبة، أن تجد لها صفحة ما على "فيسبوك" أو Reddit. ويمكن لهذه المجموعة ذات الذوق الغريب، أو خارج السياق، أن تجعل من موضوع شغفها صيحة عالميّة. لكن الاختلاف عما سبق هو أن المؤثرين والمشاهير كانوا محركي الموضة، فأحذية كرة السلة الرياضية تبنتها ثقافة الراب، وثقافة البانك- روك تبنت أحذية د. مارتن التي كانت مخصصة للعمال. لكن اللافت في حالة الكروكس أنه انتشر بين الجميع، بصورة أدق بين كل من يبحث عن الراحة، وعن حذاء طويل العمر يتألف من كتلة واحدة ومن الصعب إتلافه، والأهم أن ثمنه رخيص.
ما يثير الاهتمام أيضاً أن أحذية كروكس متوافرة دوماً، يمكن شراؤها من أي مكان، كونها لا تحمل بياناً سياسياً أو فنياً، هي سلعة مريحة وبمتناول اليد وعمليّة، بالرغم من قبحها المزعوم.

المساهمون