"خلصت وفشلت"... الواقع السوري بلسان الدمى

"خلصت وفشلت"... الواقع السوري بلسان الدمى

27 يوليو 2022
عرض "تلفزيون سوريا" 3 مواسم من البرنامج (تلفزيون سوريا)
+ الخط -

بعد نجاح شخصية "وطوط" التي قدمها ريكاردو باصوص ضمن برنامج "نور خانم" على تلفزيون سوريا، ها هو المعد والمقدم السوري ينجح في إعداد وتقديم برنامج كامل قائم على الدمى المتحركة يحمل عنوان "خلصت وفشلت" على شاشة تلفزيون سوريا ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة للقناة.
نجاح البرنامج، لم يمنع طرح سؤال حول عنوانه الذي قد يحيل إلى انتهاء وفشل الثورة السورية. حول هذا الموضوع يقول باصوص، في حديث مع "العربي الجديد"، "اقتبست العنوان من عبارة كان يكررها المحللون المؤيدون للنظام في الأشهر الأولى للثورة، في محاولة إقناع موالي النظام بأن (المؤامرة الكونية)، كما يسميها إعلام النظام، قد أحبطت وانتهت وتم إفشالها". ويضيف "مع تردي الأحوال المعيشية وفشل النظام في تأمين أبسط مستلزمات الحياة الكريمة في عموم البلاد، بدأ السوريون في الداخل يستخدمون بتهكم وسخرية عبارة (خلصت وفشلت) في تلميح إلى أن الحياة في هذا البلد انتهت. أضف إلى ذلك أن البرنامج من بطولة شخصيتي الحاج عدنان وسوسن، وهما زوجان من أصحاب الدخل المتوسط يعيشان في منطقة تابعة للنظام ضمن أحد أحياء مدينة حلب، حيث تعكس حلقات المسلسل الحياة اليومية لهذه العائلة الصغيرة، وعليه تم استخدام هذا المصطلح بمعانيه الخفية وتلميحاته المتمردة".
ورغم ارتباط محتوى "خلصت وفشلت" بالواقع في الداخل السوري، فإن المحتوى السياسي الذي يقدّمه لم يكن يوماً مباشراً، وهو ما يؤكده باصوص قائلاً "أتابع بشكل دائم تفاصيل الأوضاع في الداخل السوري، لا سيما مناطق سيطرة النظام، من خلال وسائل الإعلام عموماً وإعلام النظام خصوصاً، إلى جانب منصات التواصل الاجتماعي المحلية، لأحصل على صورة تفصيلية واقعية لما يجري في الداخل، بعدها أقوم بوضع الأفكار وكتابة المواضيع وتحديدها بنفسي بثقة كبيرة من إدارة تلفزيون سوريا ومتابعتها الدائمة. البرنامج بالأساس هو اجتماعي ساخر، ولكن لم نبتعد عن السياسة أبداً، وكما تعلمون، الواقع اليومي في سورية تدخل السياسة في كل تفاصيله، أزمة الخبز والوقود والمياه والخدمات والأمان والتعليم والصحة وغيرها الكثير من المجالات كلها تدخل بشكل أو بآخر في السياسة".
وانطلاقاً من كل ما سبق ومن هذا التداخل السياسي مع الواقع اليوم، قدّم باصوص 3 مواسم (12 حلقة في كل موسم) من البرنامج، مركزاً على ثلاثة أنواع من المواضيع: اجتماعية تعنى بالمواقف والمشاكل الحياتية اليومية مثل: الغيرة، والثقة، والملل في العلاقة الزوجية، وأخرى تطرح الأزمات المعيشية التي هي الشغل الشاغل لمعظم سوريي الداخل، وأخيراً حلقات سياسية تطرح مواضيع مختلفة مثل الديمقراطية، والديكتاتورية، وركاكة خطاب رئيس النظام وغيرها.

وفي انتظار بدء عرض الموسم الرابع، يستعيد باصوص انطلاق الفكرة التي أوصلته في النهاية إلى شاشة التلفزيون. إذ بدأت الفكرة عام 2018 عبر صفحاته الخاصة على مواقع التواصل، من خلال دميتي أطفال تنتقدان المواضيع البارزة في سورية، ثم انتقلت التجربة إلى التلفزيون في برنامج "نور خانم" عبر سكتش "وطوط والكورونا"، "وعندما قدمت شخصية الخفاش "وطوط" المعتقل من قبل المخابرات السورية بتهمة تسريب مرض كورونا إلى سورية بهدف نقل العدوى إلى بشار الأسد شخصياً، تقبل الجمهور للدمية كان ملفتاً للنظر، وقدمت ثلاث حلقات مع الزميلة نور حداد، وقررت بعد انتهاء الموسم أن أتوسع في هذه التجربة ببرنامج خاص للدمى".
لكن هذه التجربة لم تكن سهلة فهناك صعوبات كبيرة في التعامل مع الدمى، كون هذا النوع من البرامج نادر في العالم العربي، "ربما تلفزيون سوريا هو المؤسسة السورية الوحيدة التي تنتج هذا النوع من البرامج، وبطبيعة الحال واجهتنا صعوبات فنية متنوعة تتعلق بحجم الدمية وقلة الخبرات الفنية في التعامل معها من اضاءة والديكور وتخصيصي أماكن لإخفاء المحرك وتأمين وضعيات مريحة له. طبيعة البرنامج الدرامية صعبة جداً مع الدمى، فالدمية ليست ثابتة على مكتب مثل برامج التوك شو بل هي متحركة وتتفاعل مع الديكور والممثلين. قلة الخبرات المتوفرة في تحريك الدمى وتقليد الأصوات والاستخفاف بصعوبته، حيث أقوم بتحريك معظم المشاهد شخصياً ثم أقوم بتصوير مشاهدي التمثيلية ونقوم بدمج الدمية والممثل في المونتاج".


ولعل أشهر الأسئلة التي طرحت حول البرنامج كانت اختياره للهجة الحلبية وصعوبة فهم بعض كلماتها من قبل الجمهور العربي. لكن جواب باصوص في هذا الإطار يبدو واضحاً وبسيطاً "البرنامج بالكامل كإعداد وتقديم هو من نمط One Man Show، حيث أقوم بتأليف وكتابة وتصميم شخصيات وتمثيل وتحريك وتسجيل الأصوات، وأنا حلبي عشت في حلب معظم حياتي، فطغت اللهجة الحلبية على العمل بالطبع".

 حقيقة، كان هناك تخوف من الفكرة النمطية التي تقول إنه لا يمكن تقديم كوميديا باللهجة الحلبية، لكن هذا التخوف ما لبث أن تلاشى بعد الحلقة الأولى من البرنامج، إذ كانت شخصيتي "عدنان وزوجته سوسن" خفيفة الظل وقريبة من القلب لمعظم من تابعها.
 

المساهمون