"بيت الموسيقى" في غزّة: احتضان للمواهب الفنية في مساحة آمنة

"بيت الموسيقى" في غزّة: احتضان للمواهب الفنية في مساحة آمنة

14 سبتمبر 2021
الموسيقى أداة للتغيير الاجتماعي لدى الأطفال والشباب (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تحتضن الطفلة لانا العجل، 9 سنوات، من مدينة غزة، آلة العود، وتعزف أغنية "عيد الميلاد" وعدداً من الأغاني القديمة، وقد بدت منسجمة وهي تداعب بأناملها الصغيرة الأوتار المشدودة، فيما امتزجت ابتسامتها الطفولية مع النغمات الهادئة. وتعلمت الطفلة، ومعها عدد من زميلاتها وزملائها، أداء تلك الأغاني داخل "بيت الموسيقى" في مدينة غزة المحاصرة والمثقلة بالأوجاع، والذي يعنى بتدريب مختلف الشرائح على الآلات الموسيقية المتنوعة، من المراحل المبتدئة، حتى مراحل الاحتراف. 

وتعلمت لانا، خلال ثلاثة أشهر قضتها في "بيت الموسيقى"، أساسيات العزف، فيما باتت تتقن عزف أغنيتي "أهواك" و"ألف ليلة وليلة"، وقد اختارت تعلم العزف على آلة العود على اعتبار أنها "آلة حنونة، تُذكِرها بالماضي والتراث الفلسطيني". ويعمل "بيت الموسيقى" مع الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 7 سنوات وما فوق والشباب والبالغين، بهدف توفير مساحة آمنة تُمَكِّن الشباب والكِبار من استكشاف الموسيقى، وإتاحة الفرص لهم وبناء احترام الذات والطموح وتنمية شغف الموسيقى. أما الطفلة نتالي الحاطوم، 9 سنوات، من مدينة غزة، فقد تعلمت عزف العديد من الأغاني الطفولية، ومنها أغنية عيد الميلاد، وأغنية "ذهب الليل"، وأغنية "بيلا تشاو". 

وتقول إنّ عزفها اختلف عن اللحظة الأولى التي التحقت فيها بـ"بيت الموسيقى"، وتتطلع إلى التفوق والتميز في العزف على مختلف الآلات الموسيقية. وبدا الشغف واضحًا على ملامح الشابة نادية عبد اللطيف، 19 عامًا، والتي اختارت تعلم العزف على آلة الكمان، وقد بدأت رحلتها مع "بيت الموسيقى" بلقاء تعريفي، وفق وصفها، تخلله التعرف على الخطوات والمراحل الأساسية التي ستمر بها، ومن ثم تعلم المقامات الصوتية، ومنها مقام الحِجاز، الكرد والعجم، وترى أنها ستستفيد أكثر خلال الفترة القادمة "بعد إتمام كافة المراحل". 

يهدف "بيت الموسيقى" إلى احتضان المواهب الفنية، من المراحل الأولى حتى مراحل الاحتراف، إيماناً بأهمية الموسيقى

ويقدم "بيت الموسيقى"، من خلال عدد من الموسيقيين والمنتجين المحترفين الذين يسعون إلى التغيير الإيجابي، برنامجًا متنوعًا ومثيرًا من الدورات والفعاليات الحية والتدريب المهني. يتضمن ذلك درجة أساسية في الإنتاج الموسيقي والأعمال، ودروس إنتاج الآلات والموسيقى، وتعليم الكبار، وتدريب قادة الموسيقى. ويتخصص المُدرب هاني راضي في التدريب على الآلات الوترية والغناء والصوت، ويقول في حديث مع "العربي الجديد" إنّ "بيت الموسيقى" يقوم بتدريب مختلف الأعمار، من دون الارتباط بعمر معين، على اعتبار أن "الموسيقى للجميع". ويهدف "بيت الموسيقى" إلى احتضان المواهب الفنية، من المراحل الأولى حتى مراحل الاحتراف، وفق تعبير راضي، إيمانًا بأهمية الموسيقى كرسالة ولغة سلام عامة بين مختلف دول العالم، يمكنها أن تصل إلى الجميع عبر الأحرف والنوتة الموسيقية، من دون أي كلمة. 

ويمر هُواة تعلم الموسيقى عبر مراحل عديدة، تبدأ بالمستوى المبتدئ لمدة ثلاثة أشهر، ينتقل بعد إنجازها الطالب إلى المستويات الأعلى، فيما يمكث مدة ثلاثة أشهر في كل مستوى، تمهيدًا للوصول إلى المرحلة المطلوبة، التي تؤهله إلى المشاركة في الفعاليات الموسيقية. وتوضح الأمينة العامة لمكتبة إدوارد سعيد العامة دعاء المصري أنه تم تأسيس المكتبة عام 2019، وهي مشروع تابع لجمعية رؤية الشبابية التي تأسست عام 2009، وتضم أربع زوايا، وهي زاوية المكتبة، واللغة الإنكليزية، والحاسوب، والموسيقى. 

حول العالم
التحديثات الحية

وينقسم "بيت الموسيقى" إلى قسمين، يُسمى القسم الأول "الموسيقى المجتمعية"، وهي عبارة عن جلسات موسيقى للشباب والقراء والكتاب وأولياء الأمور، تستخدم كنوع من أنواع التفريغ النفسي، فيما يهدف القسم الثاني إلى تقديم دروس الموسيقى الخاصة على أربع آلات موسيقية، وهي آلة الكمان، وآلة العود، وآلة الغيتار، وآلة البيانو، إلى جانب تعليم الغناء والمقامات الصوتية، وتضم ثلاثة مستويات، وهي المستوى المبتدئ والمتوسط والمتقدم. يستمر كلّ مستوى مدة ثلاثة أشهر، فيما تنظَّم كلّ شهر ثمانية لقاءات، ويستمر كل لقاء مدة ساعتين. 

وترى المصري أنّ الموسيقى أداة للتغيير الاجتماعي والأفكار والعادات السلبية لدى الأطفال والشباب، في ما تخلقه من أجواء إيجابية، وتفريغ نفسي، وتنفيس انفعالي لدى مختلف الشرائح، علاوة على تنمية الذكاء والإبداع، وتختتم بالقول: "الموسيقى مساحة حرة للأطفال والشباب واليافعين والمدربين للتعبير عن أنفسهم من خلال العزف".

المساهمون