"القنبلة القذرة" في حضن الإعلام اليميني

"القنبلة القذرة" في حضن الإعلام اليميني

26 أكتوبر 2022
مقدم البرامج الإذاعية الأميركي أليكس جونز (جو بيوغلويتز/Getty)
+ الخط -

كررت روسيا، الثلاثاء، أمام مجلس الأمن الدولي اتهاماتها لأوكرانيا بتصنيع "قنبلة قذرة"، وقالت إنها "تشكّك" في قدرة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إثبات عكس ذلك. وهي ادعاءات نفتها كييف والغرب. وجهت موسكو هذه الاتهامات لأول مرة الأحد، خلال محادثات هاتفية بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونظرائه الأميركي والفرنسي والبريطاني والتركي، مشيراً إلى "استفزازات محتملة من جانب أوكرانيا باستخدام قنبلة قذرة". والإثنين، رفضت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في بيان مشترك، المزاعم الروسية "الكاذبة". وجاء في البيان: "العالم لن يكون غبياً إذا جرت محاولة لاستخدام هذا الادعاء ذريعة للتصعيد".

لكن المزاعم الروسية وجدت لها صدى لدى الإعلام والمجتمعات اليمينية على شبكة الإنترنت التي شددت على مصداقيتها، واعتبرتها تحذيراً خطيراً يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الحرب بين روسيا وأوكرانيا لصالح الأخيرة، وربما إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، وفق ما رصدت صحيفة نيويورك تايمز.

مقدم البرامج الإذاعية الأميركي أليكس جونز، وهو من أتباع اليمين المتطرف ومؤيد لنظريات المؤامرة، قال، خلال برنامجه الإثنين، إن أوكرانيا ستفجر قنبلة قذرة داخل حدودها، ثم ستلوم روسيا، لتجد "ذريعة لإقحام حلف شمال الأطلسي (ناتو) في الصراع" وإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة. وأضاف: "وفقاً لتحليلي في هذه المرحلة، ستكون هناك حرب عامة شاملة على روسيا، وعلى الأقل حرب نووية تكتيكية في أوروبا".

"ذا غيتواي بانديت"، وهو موقع إخباري أميركي يميني، كرر مزاعم روسيا، في مقال نشره الأحد وتساءل فيه: "هل سيفاجأ أي شخص؟" في حال حصل ذلك.

على موقع يوتيوب، قال المعلّق الأميركي المقيم في أوكرانيا، غونزالو ليرا، إن "كل الأدلة" تشير إلى "استفزاز متعمد من قبل الأميركيين". شوهد الفيديو أكثر من 59 ألف مرة، وتناقلته الحسابات اليمينية على مواقع التواصل الاجتماعي. في مقطع فيديو نشر بكثافة على تطبيق تيليغرام وشوهد أكثر من 36 ألف مرة على تطبيق برايتن، قال مستخدم إن "عصابة" من الديمقراطيين واليساريين كانت تخطط لاستخدام قنبلة قذرة من أجل بدء حرب نووية، ما من شأنه الإطاحة بفرصة الجمهوريين للفوز في الانتخابات النصفية الأميركية المرتقبة الشهر المقبل. وأضاف: "اليأس بلغ أشده لدى العصابة، من الواضح أنهم غير قادرين على السماح بذلك (فوز الجمهوريين). وحتى إذا تمّ الأمر، فمن المحتمل أن يحاولوا الدفع باتجاه اندلاع حرب قبل بدء الكونغرس الجديد عمله".

وهذا الموقف ليس جديداً على اليمين الأميركي منذ الاجتياح الروسي لأوكرانيا نهاية فبراير/شباط الماضي. ويقول خبراء في التلاعب بالمعلومات إن الروايات الكاذبة ونظريات المؤامرة التي روج لها بعض السياسيين الأميركيين المحافظين والشخصيات الإعلامية حول الغزو الروسي لأوكرانيا عززت آلة المعلومات المضللة للكرملين. مقدّم البرامج تاكر كارلسون مثلاً استعرض كثيراً من المزاعم الكاذبة أمام الملايين من مشاهدي قناة فوكس نيوز، وتلقفت موسكو هذه المزاعم، وتبنتها شخصيات يمينية أميركية. كارلسون حاول مثلاً ربط نجل الرئيس الأميركي جو بايدن، هانتر بايدن، بمزاعم مشكوك فيها بأن الولايات المتحدة مولت معامل الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا. وقال أيضاً في إحدى المرات إن أوكرانيا "مجرد دمية مطيعة في يد وزارة الخارجية في إدارة بايدن".

وبعض الشخصيات الروسية علقت علناً على ما يبدو أنها أرضية مشتركة مع الأميركيين من اليمين المتطرف. في مارس/آذار الماضي مثلاً، تحدثت مقدمة برنامج "60 دقيقة" الإخباري الروسي المدعوم من الدولة، أولغا سكابيفا، عن ضرورة تعزيز علاقات بلادها مع كارلسون.

وحتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، أرست روسيا الكثير من الأسس لتقاربها مع كثيرين في اليمين الأميركي قبل سنوات. قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، نشرت وكالة أبحاث الإنترنت المدعومة من الكرملين، وهي منظمة احترافية في مجال التضليل عبر الإنترنت، محتوى تحريضياً عبر موقع فيسبوك ومنصات اجتماعية أخرى، لزرع الانقسامات بين الأميركيين وتعزيز فوز الجمهوري دونالد ترامب. بعد انتخابه رئيساً، أشاد ترامب علانية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووصفه ذات مرة بأنه "عبقري". ساعدت هذه التصريحات في تشكيل وجهة نظر إيجابية عن أسلوب بوتين الحاسم والصارم في الحكم بين بعض الأميركيين. كما أن تفشي وباء كوفيد-19 قارب بين وجهات النظر لدى شخصيات من أقصى اليمين والبروباغندا الروسية؛ كلاهما سعيا لتقويض ثقة العامّة باللقاحات المضادة لفيروس كورونا وإثارة الشكوك في الحكومة الفيدرالية والوكالات الصحية.

المساهمون