"العرب"... أول جامع صدح بالأذان في إسطنبول

25 يونيو 2019
يقع جامع "العرب" في حي غالاطا (الأناضول)
+ الخط -

يعد جامع العرب أول جامع بُني في إسطنبول، على يد القادة المسلمين العرب خلال حصار المدينة، حيث حُوّل إلى كنيسة لاحقًا، قبل أن يعيده السلطان محمد الفاتح إلى جامع مجددًا، بعد فتحه للمدينة عام 1453.

ويقع الجامع في حي غالاطا، بمنطقة بي أوغلو وسط إسطنبول، حيث تشير الروايات التاريخية إلى أنه بُني عام 717 م، على يد الجيش الإسلامي القادم لفتح المدينة، بقيادة مسلمة بن عبد الملك، وعلى الرغم من عدم تمكن هذا الجيش من فتح إسطنبول "القسطنطينية سابقًا"، بعد حصار بري وبحري لمدة عام واحد، إلا أنه سيطر على حي غالاطا وقتها، ونتيجة لذلك عقد اتفاقًا مع الإمبراطور البيزنطي "ليون"، يقضي ببناء جامع في المنطقة عام 717، ليرفع أول أذان في المدينة.

واستمر الجيش الإسلامي في أداء العبادات في الجامع لمدة 7 أعوام، قبل أن يعود إلى بلاد الشام مجددًا، بهدف إخضاع المتمردين في عاصمة الخلافة الأموية دمشق، فاستغل رهبان مذهب الدومينيكان مغادرته، وحولوا الجامع إلى كنيسة، وبنوا فيها برجًا للجرس، وأطلقوا عليها اسم كنيسة "سان باولو".



يقع الجامع في حي غالاطا (الأناضول) 


تحويله إلى جامع بعد فتح إسطنبول:

حوّل المبنى إلى جامع مجددًا عام 1453، بعد فتح إسطنبول على يد السلطان محمد الفاتح، الذي أمر بإضافة محراب ومنبر له، واتخذ في ما بعد اسم جامع العرب، بعد هجرة أعداد كبيرة من عرب الأندلس واستقرارهم في منطقة غالاطا.

وخضع الجامع في ما بعد لعدة عمليات توسيع وترميم، على يد كل من والدة السلطان محمود الأول، وزوجة السلطان مصطفى الثاني، وابنة السلطان محمود الثاني، وتحول الجامع إلى واحد من جوامع السلاطين، عقب إنشاء مقصورة للسلطان في قسمه العلوي، كما أنشئ فيه سبيل ماء وموضأ وصهريج.

وعثر على شواهد قبور تعود للاتينيين والجنوبيين في القسم السفلي من الجامع، خلال عمليات الترميم عام 1913، ونقلت إلى متحف علم الآثار في إسطنبول.

مئذنة مختلفة عن الطراز العثماني المعتاد:

يعد معمار جامع العرب من أغرب هياكل الجوامع في إسطنبول، حيث يختلف عن الطراز العمراني المعهود، بفضل مئذنته التي حُوّلت من برج جرس الكنيسة، والتي تضم 102 درجات، وتتميز بشكل رباعي الزوايا، في قمته مخروط حاد.

ويستند الجامع إلى 22 عمودًا خشبيًا، بينما يستند قسمه العلوي إلى 8 أعمدة من أحجار المرمر، ويتكون من 3 طوابق، وله 70 نافذة.

مئذنته التي حُوّلت من برج جرس الكنيسة 





مكانة خاصة بميراث إسطنبول:

وفي لقاء مع الأناضول، قال مؤرخ الفنون التركي سليمان فاروق غونجا أوغلو، إن جامع العرب يحتل مكانة خاصة في ميراث إسطنبول العمراني والثقافي الغني.

وأضاف أن الجامع يحمل قيمة كبيرة في تاريخ علم الاجتماع العثماني، حيث تعرض العرب واليهود إلى مجازر كبيرة، على يد الكاثوليك الإسبان بعد سقوط الأندلس عام 1492، اضطر نتيجتها قسم كبير من عرب الأندلس للهجرة إلى الدولة العثمانية، واستقر قسم منهم في منطقة غالاطا، حيث حمل الجامع بعد هجرتهم اسم جامع العرب.

 

أول أذان:

وأوضح غونجا أوغلو أن ذكر الجامع، ورد في كتاب "سياحة نامة" للرحالة العثماني الشهير أوليا جلبي، الذي أشار إلى أن الجيش الإسلامي حاصر إسطنبول عام 716، لكنه فشل في تجاوز أسوار المدينة، ونتيجة اتفاقية خاصة، بنى جامعًا في منطقة غالاطا، ورُفع الأذان للمرة الأولى في سماء إسطنبول عام 717.

 

طراز أندلسي:

كما أشار غونجا أوغلو، إلى أنّ بعض أجزاء الجامع اتسمت بالطراز العمراني الأندلسي، إثر بناء نوافذه وجبهته الخارجية على يد العرب الأندلسيين لاحقًا، وأضاف أن الجامع شهد عمليات توسيع وترميم عديدة من قِبل زوجة السلطان مصطفى الثاني، صالحة سلطان، عام 1734، وثم من قِبل ابنة السلطان محمود الثاني، عادلة سلطان، قبل أن يتخذ شكله الحالي، نتيجة أعمال ترميم بين عامي 1913 و1919، وأوضح أن قبر مؤسسه القائد الإسلامي مسلمة بن عبد الملك يقع في جوار الجامع، إلا أن مكانه الدقيق غير مؤكد.

بعض أجزاء الجامع اتسمت بالطراز العمراني الأندلسي (الأناضول)



(الأناضول)

دلالات
المساهمون