"آذان" غالية بن علي: دوران الدرويش لا يزال مستمرّاً

"آذان" غالية بن علي: دوران الدرويش لا يزال مستمرّاً

24 مايو 2020
يضم العمل مجموعة من القصائد العربية لشعراء معاصرين (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أيام، أطلقت المغنية التونسية - البلجيكية غالية بن علي ألبوماً جديداً، حمل عنوان "آذان"؛ وهو التاسع في مسيرة بن علي الفنية الممتدة على مدار 20 سنة. يضم الألبوم 13 أغنية يغلب عليها الطابع الصوفي. ولأن الحكومة البلجيكية فرضت الحجر الصحي على مواطنيها ومنعت إقامة الفعاليات الفنية على أراضيها حتى نهاية شهر أغسطس/ آب، لجأت بن علي إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لتحتضن جولتها الفنية الرقمية؛ جولة بدأت في اليوم الخامس من الشهر الجاري وتنتهي مع نهاية الشهر.

تستفيض بن علي في الشروحات حول محتوى الألبوم والقصائد والرسائل الشخصية التي قامت بتطويعها لتكون متن الألبوم والحامل الرئيسي له. فأشارت إلى أن الألبوم يحتوي على حكايات مختلفة، إذ يبدأ بقصيدة "تونس" للشاعر المصري عماد فؤاد، وهذه القصيدة كانت في الأصل رسالة أرسلها فؤاد إلى بن علي عقب اندلاع الثورة التونسية سنة 2011، وقبل اندلاع الثورة المصرية. هي ليست الرسالة الشخصية الوحيدة التي حولتها بن علي إلى أغنية في ألبومها الجديد؛ فذات النهج اتبعته بأغنية "لا تلم"، والتي كانت في الأصل رسالة، أرسلها لها الشاعر المصري أحمد رشوان.

وإضافة إلى هذه الرسائل، اختارت بن علي مجموعة من القصائد العربية لتغني بها محتوى الألبوم؛ وكان بعض تلك القصائد من الإرث الأدبي العربي الغني، ولا سيما الإرث الإسلامي الصوفي؛ إذ ضم الألبوم أغاني عدة بأشعار صوفية، وهي أغنية "ترياق" للشاعر الفارسي شهاب الدين السهروردي، وأغنية "رأى البرق شرقياً" للشاعر محيي الدين بن عربي، وأغنية "جاء رسول" للشيخ القوصي؛ وقد لمّحت بن علي إلى أن الأغنية الأخيرة تختزل الألبوم، وبالتحديد البيت الأول منها: "جاء رسول من أنفسكم".

يضم الألبوم قصيدة "مسبب الأسباب" أو "يوم سحلت القاهرة" المرتبطة بـ "السيرة الهلالية". وكذلك يضم مجموعة من القصائد العربية لشعراء معاصرين، مثل أحمد سلاموني وعلاء الدين آغا المصري، الذي نظمت قصيدته "نوح الحمام" على أنغام قطعة موسيقية ألفها الموسيقار الفرنسي الباروكي ماران ماري الفرنسي في القرن السابع عشر، وكذلك الشاعر السوداني محمد الفيتوري، الذي وصفت قصيدته "شحبت روحي" بأنها مفاجأة الألبوم للجمهور الغربي والشرقي على حد سواء، لأنها ملحمة شعرية روحية نظمت على موسيقى عريقة مثل "les folies d’Espagn".

وكذلك، تقوم بن علي بطرح توزيع جديد من أغنيتها "دام دائماً" ضمن ألبومها الجديد، وهو التوزيع الرابع الذي تنتجه لذات الأغنية؛ التي تعتبر من أفضل أعمالها خلال مسيرتها إلى جانب "بنت الريح" و"هيمتني".

ومن حيث الموسيقى والأداء، فإن الآلات الوترية شغلت المساحة الصوتية الرئيسية في الألبوم، إلى جانب أداء بن علي، الذي يبدو في مكانة ما بين الترتيل والمناجاة، وتمتزج هذه العناصر في صناعة موسيقى "فولك" غير نمطية؛ موسيقى "فولك" تستلهم مكوناتها من ثقافات متعددة وغريبة بعضها عن بعض؛ البعض منها يقترن بالهوية الثنائية لغالية بن علي، بجانبيها العربي والأوروبي الغربي، وهو ما يمكن أن نلمحه بأسلوب الترتيل المعجون بالثقافة الإسلامية، وفي موسيقى الباروك، التي ألفها الفرنسي ماران ماري قبل ثلاثة قرون، والتي تعيد بن علي إحياءها. ولكن بعض مكونات موسيقى "الفولك" التي تنسجها بن علي تبدو غريبة عن هويتها، وهو ما نلمحه في أغنية "رأى البرق شرقياً" التي بُنيت على مقامات هندية، ونسمع فيها صوت رومينا ليشكا وهي ترتل "الدروباد".

المساهمون