فرقة "عنبر": تكريم الموسيقى المغربية والتونسية

فرقة "عنبر": تكريم الموسيقى المغربية والتونسية

27 مايو 2019
زياد مهدي في إحدى حفلات "عنبر" (العربي الجديد)
+ الخط -
"عنبر" هي مجموعة موسيقية فتية، رأت النور نهاية العام الماضي في العاصمة الفرنسية باريس، لكن جذور تكوينها تعود إلى سنوات خلت في تونس، بعدما تعلم مؤسساها الرئيسيان زياد مهدي، وهو عازف عود وموسيقي تونسي، وفاتن زيد وهي مغنية تونسية، أصول الموسيقى التونسية التقليدية.

وجاءت فكرة تأسيس "عنبر" بعد عدة أعمال موسيقية جمعت زياد وفاتن، لتولد فرقة متخصصة في المالوف والموسيقى لا التونسية فحسب، بل المغاربية والأندلسية كذلك. وتهدف لتعريف الغرب بذلك التراث الفني، واليوم تضم الفرقة 10 موسيقيين ومغنين يؤدون ألواناً موسيقية مختلفة. وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال زياد مهدي: "فلسفتنا الموسيقية تتمثل في تقديم مادة موسيقية راقية للجمهور، تتراوح بين تراثنا المغاربي، وتتخللها لمسات أندلسية وحتى غربية رقيقة. فالعنبر يمتاز براحته الفوّاحة التي تسرّ الأنفس تماماً، مثل لوننا الموسيقي الذي نسعى ليكون مزيجاً مشوّقاً، ما بين عبق موسيقى المالوف التونسية والموروث الأندلسي في الجزائر والمغرب، وحتى إسبانيا".

وأوضح مهدي أنهم يعتمدون على المالوف التونسي كعنصر رئيسي في ما يقدمونه من موسيقى. وبالاعتماد على الأصوات المتنوعة داخل الفرقة، فإنهم يؤدون التراث المغاربي والأندلسي، إذْ يبرع في أدائها المنشد المغربي إبراهيم انهيد، والمغنية المغربية غزلان بن المليح، كما أنَّ عنبر تولي اهتماماً للمعزوفات الموسيقية والعزف المنفرد على آلة واحدة دون غناء.

وكانت أغنية "نسمة" باكورة إنتاج الفرقة، وهي من ألحان زياد مهدي وكلمات وغناء فاتن زيد، وقدمت للجمهور لأول مرة على مسرح سان جيرمان في باريس. وعن موسيقى المالوف، بيّن مهدي أنه لون موسيقي تشتهر به منطقة المغرب العربي، وتحديداً تونس وشرق الجزائر، وبعض مناطق غرب ليبيا، بينما يسمى في المغرب بموسيقى الآلة أو الغرناطي، هو عبارة عن خلاصة للموروث الحضاري الخاص بشمال أفريقيا، يمزج بين الخصائص الموسيقية المحلية بالتراث الأندلسي. كما يتضمن بعض التأثيرات الموسيقية التركية أو العثمانية، وهو ما يجعله مختلفاً عن الموسيقى السائدة في المشرق العربي أو في تركيا، رغم وجود الكثير من نقاط الشبه.
وتابع قائلاً: "المالوف هو مزيج من الإيقاعات والألحان والقصائد المختلفة تجمع كلها في "نوبة" واحدة، والنوبة هي عبارة عن قالب موسيقي له مقوماته اللحنية والإيقاعية المتشابهة والمتعارف عليها، من حيث وحدة المقام الموسيقي أو "الطبع" كما يسمى في تونس. وتتدرج حركة النوبة بمقاطع موسيقية تختلف سرعتها من البطيء في البداية، إلى السرعة عندما يبلغ المقطع الموسيقي ذروته. وتتكون النوبة من أشعار وموشحات مختلفة. ويتكون المالوف التونسي مثلاً من 13 نوبة تقليدية".



وتستخدم "عنبر" مجموعة متنوعة من الآلات الموسيقية، بعضها نادر وأخرى واسعة الاستخدام. فزياد مهدي يبرع في العزف على آلة العود التونسي أو العود العَرْبِي التقليدي كما يسمى في تونس. وهو للوهلة الأولى لا يختلف كثيراً عن العود الشرقي. ولكن عند التمعن نتبين خصوصياته، فهو أصغر حجماً، ويتميز بشكل صندوقه، وكذلك بصوت رنينه المختلف عن آلة العود المستخدمة في الشرق، وكذلك بعدد أوتاره الأربعة المضاعفة.
ومن الآلات النادرة أيضاً "الثيورب" أو العود الباروكي المزخرف، وقد اختص في العزف عليه الفنان الإسباني كارلس دورادور. وتمتاز هذه الآلة بصوتها الجميل وبحجمها الكبير نوعاً ما، وبشكلها الفريد واللافت للانتباه، حيث تشبه في نفس الوقت العود الشرقي والغيتارة أو الفيولونسيل (التشيلو).
ولفت مهدي قائلاً: "خلال حفلنا الموسيقي الأخير، جاء العازف التونسي مكرم الأنصاري خصيصاً من تونس للمشاركة، وتقديم وصلة بآلة الرباب التونسي التي قل استعمالها كثيراً اليوم للأسف، وذلك في ظل انكماش وتراجع عدد العازفين البارعين على هذه الآلة. كما تستعمل مجموعة "عنبر" آلات موسيقية تقليدية، مثل الكمنجة والطار (الرق) والدربوكة والفيولونسيل".

وفي سؤال عن جمهور الفرقة قال مهدي: "جمهورنا بشكل أساسي من الجاليات العربية والمغاربية في فرنسا وأوروبا بشكل عام. ولكن أيضاً هنالك الكثير من المهتمين الفرنسيين والأوروبيين، الذين يتابعون أنشطتنا وعروضنا الموسيقية، إذْ نتلقى الكثير من رسائل الدعم والشكر والإعجاب وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، من متابعين لا يفهمون العربية، ولكن يستمتعون كثيراً بألحاننا وموسيقانا، ويتابعون ما ننشره من مقاطع موسيقية. وهذا الأمر يسعدنا جداً، باعتباره يحقق أحد أهدافنا، وهو مزيد النشر والتعريف بتراثنا الموسيقي التونسي والمغاربي في الدول الأوروبية".

وتتكون فرقة "عنبر" علاوة على المؤسسين زياد مهدي وفاتن زيد، من أيمن ماجول وهو عازف كمنجة تونسي، ومحمد أمين الخراز وهو أيضاً عازف كمنجة تونسي، وإبراهيم انهيد وهو مغن ومنشد مغربي، وغزلان بن المليح وهي مغنية مغربية، ومنى بن ڤمرة ضابطة إيقاع تونسية، وبلال السديري مغن تونسي، وسميح السويسي عازف آلة الفيولونسيل (التشيلو). وكارلس دورادور جوفي عازف آلة ثيورب.

كما تتعاون عنبر مع فنانين وموسيقيين آخرين من تونس والجزائر والمغرب، خلال حفلاتها وعروضها الفنية. وتستعدّ الفرقة حالياً لحفلها المقبل في 24 مايو/ أيار، بالاشتراك مع دار تونس بباريس، الذي سيقام على مسرح الحيّ الجامعي الدولي في العاصمة الفرنسية.

دلالات

المساهمون