"كرزة"... مهاجر سوري يحوّل شغفه بأطفاله إلى مشروع فني

"كرزة"... مهاجر سوري يحوّل شغفه بأطفاله إلى مشروع فني و"يوتيوب" يكرمه

23 مايو 2019
يسعى أُبي لترك إرث من أغنيات الطفولة باللغة الفصحى(كرزة)
+ الخط -
عمل أُبي سكر (نحو 20 عامًا) في مجال هندسة الصوت، بدأها مذ كان في السابعة عشرة من عمره، في محطة "سبيس تون" السورية، أول محطة عربية مختصة ببرامج الأطفال والرسوم الكرتونية، سافر خلالها إلى أميركا، ودرس في هوليوود دبلوم هندسة الصوت.

دفعت الحرب الطاحنة في سورية، وموقفه المناوئ لسياسة البطش التي اتبعها نظام الأسد، أُبي سكر (36 عامًا) للهجرة من وطنه الأم، فاختار العودة مجددا إلى أميركا، والاستقرار هناك نهائيا مع زوجته لين (طبيبة ورسامة قصص مصورة) وأولادهما الثلاثة، قبل نحو خمس سنوات.

غير أن القلق الذي تركه خلفه في الوطن، اتخذ أمامه شكلًا آخر في وطنه الجديد، انسلاخ أطفاله عن الهوية العربية، حيث لمس ضعف الاهتمام باللغة العربية، الأمر الذي أطلق الشرار الأولى لمشروعه "كرزة"، وكان في جعبة أُبي رصيد يكفي لإنجاحه، من الخبرة الطويلة المصقولة بالمعرفة الأكاديمية، والشغف باللغة العربية الذي استقر في وجدانه مبكرًا مع تمكنه من تلاوة وتجويد القرآن على يد والديه.

يقول أُبي لـ"العربي الجديد": "دفعني حرصي على تعليم أطفالي اللغة العربية للبحث في المنتجات التي تقدم للأطفال الذين بعمرهم (2-5 سنوات) عبر الميديا، سواء كانت أغنيات أو فيديوهات تعليمية، وفي الحقيقة كان لدي العديد من المآخذ حولها، فمعظم ما يتم تقديمه للطفل كان تجارياً وغير مبني على أسس علمية ونفسية، يستخف بذكاء الطفل برسائله السطحية ومحتواه الخفيف، إضافة إلى سعيه للاستقطاب الأيديولوجي الديني وغيره، في محتواه".

يتابع: "اليوم يمتلك الطفل حرية الاختيار أكثر من جيلنا، وتتوافر بين يديه كل الأدوات، محطات تلفزة، منصات رقمية، وسائل التواصل الاجتماعي، أجهزة ذكية... لذلك بات صعبًا علينا أن نفرض على الطفل ما ينبغي عليه أن يشاهده".



أدرك أُبي أن الأغاني والفيديوهات التعليمية التي تستهدف الطفل العربي في سنواته الأولى، تعاني من عيوب جمة، ومن هنا ولد مشروع "كرزة"، يقول أبي "للعربي الجديد": "لدي قاعدة أساسية في الحياة تقول أي شيء لديك خبرة فيه وتجيد صناعته والناس بحاجة له ..إذا هذا هو مشروع العمر أو (دريم جوب) كما يقال".

ويضيف: "اجتمعت دراستي بهندسة الصوت وخبرتي الطويلة بإدارة الإنتاج، مع معرفتي لحاجة السوق، وشغفي بتقديم منتج جديد يحترم ذائقة وذكاء الطفل ويسعى لتطويرهما، إضافة إلى موهبة زوجتي لين بالرسم، فأطلقنا حملة تمويل جماعي استجاب لها عدد من المؤمنين بالمشروع، لنضع سويا اللبنة الأولى لمشروع "كرزة".



يؤدي أغنيات "كرزة" مغنون صغار، ولا يجري التلاعب بأصواتهم مطلقًا، ويعمل إلى جانبهم عدد كبير من المختصيين من ذوي الخبرات الطويلة في اختصاصاتهم المختلفة، ما بين كتاب وملحنين ومدققين لغويين ورسامين وفنيين، غير أن ما حرص أبي على توافره في فريق العمل، إضافة إلى الخبرة، أن يكونوا جميعهم أباء وأمهات، ينتجون ما سيستهلكه أولادهم قبل أي أحد آخر، ليضمن بالتالي جودة ما سيقدمونه لأولادهم.

يتابع أُبي: "يعمل في مشروع كرزة إلى جانب كل من ذكرتهم في فريق الإبداع، أخصائيون في تربية الطفل، كانوا شركاء لنا في أدق التفاصيل منذ اللحظة الأولى لبناء القناة، بدءا من اختيار الاسم ولوغو القناة وتصميم الشخصيات والألوان المستخدمة" ويضيف: "مع الحفاظ على المرونة وربط تطورنا عبر الاستدلال بآراء الجمهور".




يشير أُبي إلى أن القناة انطلقت قبل سنتين ونصف السنة، وسط ظروف صعبة، سببها ضعف التمويل، ومن ثمّ طبيعة منصة "يوتيوب" التي تعتمد آلية الربح فيها على كمّ الإنتاج أكثر من نوعية المحتوى، ويؤكد: "تابعنا بسياستنا نفسها، مقدمين الرسالة على الربح، فلدى كرزة هدف بعيد المدى، التأسيس لترك إرث من أغاني الأطفال باللغة العربية الفصحى، لجيل قادم، حرم منه جيلنا هذا".

وصلت كرزة إلى منعطف فارق في طريقها مع بلوغها 100 ألف مشترك في منصة "يوتيوب" ما رفع من تصنيفها، وجعل إدراة المنصة توثق القناة وتخصص لـ"كرزة" فريق دعم أسرع بالاستجابة، كما كرمت "يوتيوب" أسرة قناة "كرزة" وتم منحها الدرع الفضي.







المساهمون