إليسا: الغناء كتحد في مواجهة المجهول

إليسا: الغناء كتحد في مواجهة المجهول

31 يوليو 2018
تعمل إليسا لمستقبل تخاف منه فنيًا (روتانا)
+ الخط -
قبل أيام، صدر الألبوم الجديد للمغنية اللبنانية إليسا "إلى كل اللي بحبوني"، ويتضمن ست عشرة أغنية. يأتي إصدار إليسا الجديد، بعد أكثر من سنتين على إصدار آخر عمل غنائي لها، "سهّرنا يا ليل" (2016).
تعمل إليسا وفق نطاق ضيق. فريق عمل لا يتجاوز الخمسة أشخاص. في كل مرة تحضّر لألبوم غنائي، تحاول البحث عن كلمة جديدة، تنجح في ذلك، لكنها تقع مرات كثيرة في فخ الألحان المكررة التي تبقيها على الخط الفاصل بين النجاح والفشل.

لا تقدم بالمعنى الحقيقي للمغنين العرب في الغناء، بعضهم كما إليسا يعيش على الشهرة التي اكتسبها في بداياتها الفنية، بموازاة أو بنجاح أعمالها الفنية والغنائية الحالية. عرفت إليسا منذ سنوات بعيدة، كيف توظف نجاحها لصالحها، بعض أصدقائها أو العاملين معها يخافون عليها لدرجة يعملون فيها على انتزاع النجاح بالقوة.

منذ أيام، وحرب المواقع الإلكترونية ناشطة، بشأن الأرقام والنتائج، لما حققته أغاني إليسا الجديدة. أقل أغنية حققت نسبة مليون ونصف المليون مستمع، بحسب ما يتم تداوله على منصتّي "روتانا" و"أنغامي". كل ذلك يُشير، بحسب المنصات، وتداول متابعي إليسا، إلى أنها تربعت على المراتب الأولى من خلال عملها الجديد، ولا تزال من دون منافس قوي منذ أكثر من أسبوع.


قد تكون "المنصّات" والمواقع الإلكترونية صادقة في نتائج ما تحققه الأغاني على المواقع البديلة بشكل عام. لكن، هل يعتبر ذلك مقياساً حقيقيًا لنجاح الأغاني الجديدة؟

تجهد الماكينة الإعلامية الخاصة بإليسا بإعادة نشر وتبادل نشر الأغاني الجديدة والأخبار المُثنية على نجاح جديدها، لكن الماكينة "الموالية" لإليسا لا تأتي على ذكر الانتقادات التي تواجه الألبوم، منذ صدور الأغنية الأولى "إلى كل اللي بحبوني" واتهام ملحنها محمد يحيى بسرقة الموسيقى التي تختتم فيها الأغنية من أغنية اللبنانية يارا "شفتو من بعيد". وأكثر من ذلك، قال البعض إن غالبية ألحان الأغاني مأخوذة من ألحان قدمت في السابق، لكن في مقارنة بين الأغاني الجديدة والأغاني الأصلية، يتبين لنا أن بعض النغمات الموسيقية استعملت أو تشابهت بين ملحن أو موزع موسيقي وآخر، تماماً كما هو حال أغنية "بينا نعشق" المتشابهة في نغمة صغيرة مع أغنية لدينا حايك بعنوان "جرب الغيرة"، وكذلك أغنية "عالمخفي" للملحن سليم عساف التي اتهمت بالتشابه مع أغنية لعبير نعمة تحمل عنوان "يا ترى"، وغيرها من الألحان التي جاءت متشابهة مع لحن كان باعه الملحن نفسه لمغنية ثانية كما هو حال أغنية "كرهني" الذي استنسخ ملحنها فضل سليمان بعض النغمات من أغنية لحنها وليد سعد لنانسي عجرم قبل سنتين "قول حنساك".


فرضت إليسا نفسها على بعض الملحنين، لذلك جاءت بعض الألحان متشابهة مع أغنيات قديمة حفظها متابعو إليسا، وينشرون ذلك على صفحات "الميديا البديلة".

المشكلة لم تأت هذه المرة فقط بالألحان المُستنسخة؛ إذ فجر الملحن رامي الشافعي قنبلة قبل أيام، على مواقع التواصل الاجتماعي، فقال: "مش قادر كون فخور بحالي وأنا مش مقتنع بالنتيجة وأنا حاسس بأني عملت شي عكس اللي بآمن في". كلام الشافعي الذي تعرض لكافة أنواع السبّ والشتم من قبل متابعي إليسا، دفع منتج الألبوم، جان نخول، للرد عليه عبر تغريدة؛ فقال نخول: "مش مهم إنت ترضى. مهم إليسا راضية. عا كل حال، إذا منك راضي فيك ما تعطينا، ونحنا أصلا ما رح نطلب بقا خاصة إنو في غيرك بيستاهلو فرصة وما رح يطلعو ناكرين للجميل متل حضرتك، لو عندك حسن نية كنت تصرفت غير هيك أساسا بدل تويتر. سلام".


رامي الشافعي شاعر ومُلحن فلسطيني، كان له ألحان ناجحة مع الفلسطيني أدهم النابلسي وشغل لوقت منصب مدير أعمال النابلسي، لكن إليسا التي تسلمت اللحن من دون أن تلتقي الشافعي وسلمت توزيعه الموسيقي لشقيقها كميل خوري، كأنها فتحت جبهة من دون أن تدري مع الملحن، الذي ارتبط اسمه لوقت بالموزع الموسيقي عمر صباغ، لذلك أعلن في تغريدة ما يشبه الندم على بيعه لحن لإليسا في جديدها الغنائي.

ليس الشافعي، الضحية الوحيدة، لما يصفه البعض باستعلاء إليسا في تعاونها مع بعض الملحنين أو الشعراء، فالمعروف أن مشاكل كثيرة تعترض أعمال إليسا الغنائية، خصوصاً مع الملحنين ومنهم مروان خوري، وهادي شرارة، وأحمد ماضي، وزياد برجي، ومحمد رحيم، وها هي تطوي صفحتها مع الشافعي من دون أن تتعرف إليه.

من المُبكر إصدار الحكم النهائي على نجاح أو فشل البوم إليسا الجديد، كل أعمالها تقتضي أن يمر الوقت كي يعلن نجاحها أو فشلها، هي رهينة الوقت، ويبقى بعضها أسيراً لأرشيف جميل، موسيقى مشغولة بإتقان، وكلمات جديدة تحاكي واقع العشق والقضايا الاجتماعية، حتى إليسا لا تغني أغنياتها في حفلاتها ولا تعتمد على "ذاكرة" مُحملة بأكثر من مئة أو 200 أغنية حتى اليوم، بل تُغني قديمها المألوف وتستعين بأغان للسيدة فيروز ولعبد الحليم حافظ ووردة وطوني حنّا وسلوى القطريب.

تعمل إليسا لمستقبل تخاف منه فنيًا، وتحاول في كل مرة تصدر فيها جديداً أن تبرهن على نوعية خاصة من الكلمات والألحان، وأن تقفز إلى المراتب الأولى كما تريد في كل مرة، أحياناً تصيب في ما تريد، وفي أحيان أخرى لا، وتعترف ضمنيا بالفشل، لكنها تحاول التغلب عليه وكأنها تعيش الغناء كتحدّ يحميها من الغد المجهول.

المساهمون