منى حيدر... ألا تشعرين بالحرّ؟

منى حيدر... ألا تشعرين بالحرّ؟

10 يونيو 2018
تحارب الصورة النمطية للإسلام عبر خطاب استشراقي (Getty)
+ الخط -
منذ بداية الألفية الثالثة، بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، تفاقمت العنصرية التي تعرّض لها المسلمون في الولايات المتحدة، وأدت للربط بين مفهومي الإسلام والإرهاب، وتحولت لحالة عامة في الشارع الأميركي، وصلت إلى ذروتها مع وصول ترامب إلى الحكم؛ هي ذاتها العنصرية التي ولدت ردود فعل لمقاومتها، قام بها المسلمون في أميركا، تجلت بالفنون والأنشطة الاجتماعية التي مارسها الناشطون في السنوات الأخيرة، ليواجهوا الصورة النمطية التي تكونت حول الإسلام.

من هذه الممارسات، ما فعلته الناشطة الأميركية ذات الأصول السورية، منى حيدر، قبل سنتين، بعد هجمات باريس الإرهابية، حين أطلقت مبادرة "اسأل مسلم" رفقة زوجها سيباستيان روبينز، الذي اعتنق الإسلام سنة 2012؛ حيث وضعا أكشاكاً صغيرة أمام جامعة كامبريدج في ولاية ماساتشوستس، للإجابة عن جميع الاستفسارات المتعلقة بالدين الإسلامي. وحققت هذه المبادرة نجاحاً كبيراً، وأكسبت حيدر وزوجها شهرة واسعة.

في العام الماضي، قررت حيدر بأن تخطو خطوة إضافية في حربها ضد الإسلاموفوبيا، فأطلقت في مارس 2017 أغنية الراب الأولى الخاصة بها، حملت اسم "حجابي"، وذلك بمناسبة "يوم المرأة المسلمة". أثارت حيدر جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية الأميركية والعالمية، لكونها أول امرأة تتناول قضية الحجاب في أغنية راب باللغة الإنكليزية، وقد صورتها على طريقة الفيديو كليب. تتحدث حيدر في الأغنية عن المضايقات التي تتعرض لها بسبب حجابها في المجتمع الأمريكي؛ فذكرت في الأغنية الأسئلة والتعليقات التي تسمعها المرأة المحجبة باستمرار في أميركا، مثل: "كيف يبدو شعرك"؟ و"أليس الحجاب ضيقاً"؟ و"هل تظنيه يجعلك جميلة"؟ و"ألا تشعرين بالحر"؟ لتحاول في نهاية الأغنية أن توصل رسالة مفادها أن حجاب المرأة جميل مهما كان عرقها أو لونها، لتحارب من خلال الأغنية العنصرية التي تتعرض لها المرأة المحجبة.

ورغم أن استخدام "الراب" كنمط فني للتعبير عن هذه القضية يبدو منطقياً، خصوصاً أن العنصرية التي يتعرض لها المسلمون اليوم في أميركا تشابه لحد بعيد العنصرية التي كان الأميركيون الأفارقة يتعرضون لها في السبعينيات عندما ابتدعوا فن "الراب"، ورغم أهمية القضية التي تتناولها حيدر في أغنيتها الأولى؛ إلا أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي لصناعة الفن. فالأغنية التي قدمتها حيدر متواضعة من الناحية الفنية وكرسالة، وذلك للعديد من الأسباب، أبرزها:

تحاول حيدر أن تستخدم موسيقى تدمج فيها ما بين الإيقاع الغربي والموسيقى الشرقية البدوية، ولا يبدو المزج ناجحاً، حيث تشعر بأن كلا النمطين يسير منفرداً، ولا تربطهما أي علاقة باستثناء التزامن. ناهيك عن كون الموسيقى البدوية التي تستخدمها تشكل صورة نمطية بدورها عن العرب المسلمين.

يبدو في الكثير من المقاطع أداء حيدر هزيلاً غير قادر على حمل الأفكار التي تحاول طرحها؛ ففي حين أن الكلمات ترد على ألسنة عدة أشخاص، إلا أن أداء حيدر يبدو جامداً غير قادراً على مجاراة الكلمات التي كتبتها.

وبعد أن حققت الأغنية جدلاً واسعاً، وتمكنت من إيصال صوتها للملايين، يبدو أنها استمرأت دور المغنية؛ فأطلقت موقعاً على الإنترنت خاصاً بها، عرفت فيه عن نفسها باعتبارها شاعرة ومغنية "راب"، وأصدرت أغنية ثانية نهاية العام الماضي بالشراكة مع جاكي كروز، حملت اسم "دوغ" (كلب).

تناقش "دوغ" قضية تسلط الرجل الشرقي، وترد بها على من عاداها في أغنيتها الأولى من الرجال المسلمين، الذين وصفوا ما تقوم به بأنه "حرام". لكن الأغنية الثانية تتفوق بتواضعها على الأغنية الأولى، وذلك لعدة أسباب:

تقدم حيدر في أغنية "دوغ" صوراً نمطية جاهزة وسيئة للرجل الشرقي المسلم، لتكرس بذلك الصورة النمطية المعادية للإسلام بدلاً من محاربتها، كما زعمت في أغنية "حجاب".

تبرئ حيدر المسلمين في الغرب من بعض الصور النمطية، في حين أنها تكرس ذات الصور للمسلمين في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في دول الخليج العربي، حيث تذكر تعابير "سعودي" و"كويتي" كاختزال لصورة الرجل الشرقي النمطية.

تستخدم حيدر في الأغنية كماً كبيراً من الكلمات العربية، مثل: "كوفية"، "شيخ"، "سوق" وغيرها. ذلك قد يؤدي لعدم قدرة المتحدثين باللغة الإنكليزية على فهم الأغنية بشكل كامل، كما أن اعتمادها بشكل أكبر الإنكليزية يجعل نسبة كبيرة من الجمهور العربي غير قادر على فهم الأغنية، علماً أن حيدر لم تتوجه بأغانيها للجمهور العربي.​

المساهمون