رحيل مديحة يسري: سمراء النيل التي احترمت فنّها

رحيل مديحة يسري: سمراء النيل التي احترمت فنّها

30 مايو 2018
قضت يسري فترة طويلة في المشفى قبل رحيلها (إنترنت)
+ الخط -

عن عمر يناهز الخامسة والتسعين عاما، رحلت سمراء النيل الفنانة القديرة مديحة يسري، بعدما فقدت القدرة تماما على الحركة، لتودّع حياتها على سرير المرض في أحد المستشفيات الذي وُجدت فيه لأكثر من عام.

سبعون عاما قضتها الفنانة الراحلة في الوسط الفني بين كواليسه، وأسدل الستار على حياتها كفنانة واعتزلت عام 2012 بعد 16 عاما من تقديمها آخر فيلم لها وهو "الإرهابي"، الذي قدمته مع الفنان عادل إمام عام 1994، ورغم كل هذه السنوات التي قضتها مديحة في الفن وتقديمها 100 عمل سينمائي وتليفزيوني، إلا أن علاقاتها الفنية لم تكن متشعبة مثل غيرها من الفنانين، وفي أواخر أيامها لم تكن على علاقة بأحد سوى بالفنانين نبيلة عبيد ويسرا ونجلاء فتحي وعزت العلايلي وميرفت أمين ولبلبة.

جسّدت سمراء النيل مديحة يسري على الشاشة، واقع المرأة المصرية وطموحاتها والحفاظ على تقاليد مجتمعها، وكانت مثلما قالت في أحد لقاءاتها بعد الاعتزال، إنها ترفض تماما بعض الجمل الحوارية الاستفزازية غير اللائقة التي امتلأت بها الشاشة، فلها مبادئها، ولم تكن مجبَرة على تقديم عمل غير راضية عنه، ولم تشعر أنها منافسة لأحد، ولم ترتدِ مديحة "مايوه" أو حتى "شورت"، طيلة كل الأعمال التي قدمتها، وذلك يعود إلى تربيتها وسط عائلة محافظة.

أدوار مديحة يسري ابتعدت عن الخوف من وضع نفسها في إطار ما، فكانت أصغر فنانة تؤدي أدوار الأم، فجسدت شخصية الأم لكل من الفنانين سعاد حسني ويسرا وعبد الحليم حافظ وحسن يوسف. وسبق وأوضحت مديحة أن أهم شيء هو أداؤها وقدرتها على أداء هذه الشخصية، وأكدت أنها كانت فعلا تشعر أن كل من جسّدت شخصية أمه على الشاشة هي أمه في الواقع، وتظل علاقتها بهم جميعا قائمة حتى بعد انتهاء التصوير.

كان أول أعمال مديحة يسري هو فيلم "ممنوع الحب" عام 1942 للمخرج محمد كريم، وظهرت فيه بدور صغير للغاية أمام الفنان الراحل محمد عبد الوهاب، واللافت أن أول بطولة سينمائية لها كانت من خلال فيلم "أحلام الشباب" في نفس العام.


كان لمديحة تجربة في الكتابة السينمائية أيضا، وذلك من خلال فيلم "وفاء" الذي ظهرت فيه بشخصية الزوجة الوفية المخلصة، وكانت تهدف من خلاله إلى توجيه رسالة للزوجات مفادها أن زوجها لو مر بمرض ولم يعد قادرا على العمل فلا بد أن تكون خير سند له، وتعمل وتنفق ولكن من دون أن تجرح كبرياءه وكرامته كرجل، وشاركها في بطولة الفيلم الذي أنتج عام 1953 كل من الفنانين عمر الحريري وعماد حمدي وعبد الوارث عسر، وإخراج عز الدين ذو الفقار.

أكدت مديحة أنها اعتزلت مشاهدة الأفلام السينمائية المصرية، لإيمانها بأن العمل لا بد وأن يحمل رسالة وهدفا، فالسينما توثق حياتنا صوتا وصورة. وأرجعت مديحة سبب عدم مشاهدتها أي فيلم مصري حاليا لاحتوائه على ألفاظ خارجة وملابس عارية لا تليق، ولا يوجد مبرر للإقبال على هذه الخطوة التي تسيء إلى سمعة الفن المصري سوى المادة، فلا مبرر آخر.

الجانب الأسري في حياة مديحة كان حزينا؛ فقد تزوجت خمس مرات، مرتان منها من مشاهير هم الفنانين محمد فوزي وأحمد سالم، وتعرضت للخيانة منهم جميعا عدا أحمد سالم، وفقدت نجلها من محمد فوزي "عمرو" بطل الجودو وابنتها في حادث سيارة.

المساهمون