عن "أوسكار" والسينما الأميركية والعالم

عن "أوسكار" والسينما الأميركية والعالم

07 مارس 2018
حفلة "أوسكار" 2018 (فيسبوك)
+ الخط -
تُشكِّل الحفلة السنوية لتوزيع جوائز "أوسكار" محطّة أساسية في مسار العمل السينمائي في هوليوود. ينشغل كثيرون بها. يتابعون وقائعها. يهتمّون بالأفلام المُرشّحة، وبتلك الفائزة. يجرون مقارنات. يفتّشون عن لوائح سابقة، للتأكّد من مسائل عديدة، أبرزها: من الفائز للمرة الأولى؟ يُعلّقون: لماذا التأخير في منح هذا السينمائيّ أو ذاك جائزة يستحقّها منذ زمن؟ يبنون أقوالهم على مشاهدة دقيقة لأعمالٍ سابقة لمن يعتبرونه الأجدر والأحقّ بالفوز. 
هذا مناخ صحي وجميل. الحفلة الأشهر في المشهد السينمائيّ الدوليّ، تستقطب ملايين المتابعين، وتتحوّل إلى مساحة تتّسع لأمور كثيرة، خارج إطار الفن السابع، تتعلّق بالسياسة والقضايا العامة، وبمسائل مرتبطة بأحوال الصناعة نفسها. الأقليات والنساء عنوانان لافتان للانتباه في حفلاتٍ سابقة. التحرّش الجنسي وسياسة دونالد ترامب عنوانا الحفلة الـ90 (4 مارس/ آذار 2018).
الحفلة منصّة لأقوالٍ تعكس انفعالات إزاء تساؤلات جمّة. الأنظار كلّها تتّجه إليها. هي إطلالة على العالم، رغم انتسابها إلى السينما الأميركية. لكن السينما، عمومًا، تُطلّ على العالم، وتخرج منه، وتذهب إليه، وإنْ تنفتح على خيال علمي، أو حكايات فانتازية، أو كواكب أخرى، أو عوالم غير معروفة. هذه كلّها تعود، بشكلٍ أو بآخر، إلى العالم، وإلى أسئلته ومشاكله وهواجس ناسه. تمامًا كـ"أوسكار": فرغم أن جائزة واحدة فقط، من أصل 24، تُمنَح لفيلمٍ غير ناطق باللغة الإنكليزية (أفضل فيلم أجنبي)، إلاّ أن الحفلة والتماثيل والجوائز تُطلّ، بدورها، على العالم، لأن الأفلام ـ المرشّحة والفائزة ـ تروي حكاياتٍ منه وعنه وله، بقدر ما تهتمّ بالداخل الأميركي أيضًا، وبمشاغل أميركيين ومُقيمين في ذاك البلد.
الاهتمام الدولي بحفلة "أوسكار" منبثقٌ من الانتشار الدولي للسينما الأميركية. هذا واقعٌ، تتصدّى له دول متشدّدة في صراعها مع "بلاد العم سام"، وهي قليلة؛ وتحاول دولٌ أخرى ـ هي قليلة أيضًا ـ التخفيف من سطوته داخلها.
وإذْ "يخضع" نقّادٌ وصحافيون سينمائيون لهذه الحالة، بمتابعتهم الحفلة وعوالمها، فإنّ هؤلاء، أو بعضهم على الأقلّ، يُذكّرون بحفلاتٍ أخرى شبيهة بالاحتفال الأميركي، متسائلين ـ وإنْ يُدركون الجواب سلفًا ـ عن سبب انفضاض كثيرين عنها. فدول تصنع السينما، كفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، تحتفل بنتاجاتها المحلية، وتنظم حفلات سنوية لتوزيع الجوائز، وتُكرِّم عاملين في الصناعة، وتحتفي بأجانب أيضًا. رغم هذا كلّه، تمرّ الحفلات تلك مرور الكرام، دوليًا، في مقابل اهتمام البعض بها، إما لهيامه بالسينما، وإما لضرورات المهنة.
حفلة "أوسكار" جزءٌ من سياسة الانتشار السينمائي الأميركي في العالم. هذا واقعٌ يجذب ملايين الناس، طالما أن هوليوود تذهب إلى الأمكنة كلّها، تقريبًا، رغم عوائق يُراد لها تحصين مجتمعات منها، كـ"الاستثناء الثقافي الفرنسي"، غير القادر على التصدّي لها كلّيًا.
لكن، ورغم كلّ شيء، هذه حفلة منتظرة من عام إلى آخر.

المساهمون