الجمهور المستأجر: الدفع سلف لتلميع الصورة

الجمهور المستأجر: الدفع سلف لتلميع الصورة

04 اغسطس 2017
هل يتحوّل جمهور الحفلات إلى جمهور مدفوع؟ (العربي الجديد)
+ الخط -
لماذا تتّجه بعضُ المحطّات التلفزيونيّة إلى استئجار الجمهور؟ وتحوّلهم إلى مصفّقين ضمن البرامج المباشرة والمُسجّلة. ولماذا استجدَّت هذه الظاهرة في منتصف التسعينيات في لبنان تحديداً؟ وأصبحت ركيزةً أساسيّة لأيّ إنتاج يتعلق بالبرامج، خصوصاً الفنية منها، والتي تتطلّب تفاعلاً مُباشراً بين المقدمين والجمهور داخل الاستديو، أو التوجه إلى الجمهور المتابع في الخارج.

لم يكن جمهور الاستديو أو التلفزيون في السبعينيات من القرن الماضي، سوى مجموعةً من المتابعين للبرامج التي كانت تُصوَّر في تلك الفترة في لبنان. يذكُر عادل، 65 عاماً، أن برنامج "استديو الفن" الذي بدأ عام 1973، كان يُصوَّر في استديوهات تلفزيون لبنان في بيروت، وكان يُعرَض يوم الجمعة مساءً. وانتقل عرضه إلى يوم السبت. يقول عادل: "كنتُ من جمهور (استديو الفن) لسنوات. وكنّا نأتي إلى الاستديو قبل ثلاث ساعات من بداية التصوير، وننتظر أن يبدأ تسجيل الحلقة قبل أربعة أيام من عرضها. ولم نكن لنصفّق بأمرٍ من قبل مدير المسرح، كما هو الحال اليوم في معظم البرامج التي تُعرَض، بل كنّا نصفق بعفوية تامة، وأحياناً لموقف أو تصريح من قبل لجنة التحكيم المتواجدة داخل الاستديو. وترتفع وتيرة التصفيق (التفاعلي) مع مُشترك تفوَّق بصوته وأدائه. لكننا لم نتقاضَ يوماً فلساً واحداً حول مشاركتنا. كان يكفينا القول، تواجدنا في الحلقة، وربما سنظهر بلقطة عابرة على الشاشة الصغيرة أثناء عرض البرنامج. كان الناس يتابعون هذا البرنامج بشغفٍ لا يُوصَف، ويتحول في اليوم التالي بعد عرضه إلى حديث البلد، والإعجاب بالأصوات والمواهب المتبارية".


في فترة الثمانينيات، تزايدت التحوُّلات التقنيَّة في البرامج التلفزيونية. وأمامَ عصر الانفتاح على الغرب، حاولت بعض المحطات العربيَّة استغلال نجاح بعض البرامج الغربيَّة وتقليدها. وقام البعض بشراء حقوق عرض هذه البرامج، والتي كانت تفرضُ وجود جمهور حيّ داخل الاستديو. ليتحوّل الأمر مطلع التسعينيات إلى ظاهرةٍ أساسيّة، تتضمنّها شروط إعداد وإنتاج البرامج الفنية والاجتماعية، وحتى الحوارات السياسيّة.

تقول شيرين، وهي منتجة منفذة لمجموعة من البرامج التلفزيونية في لبنان وبعض الدول العربية: "لم يكن أمامنا سوى الاستعانة بجمهور كبير، عندما قدمنا مجموعة من البرامج، ومنها تحديداً برنامج (اكس فاكتر) بنسخة عربية، خصوصاً أن إنتاجه كان لمحطة خليجية. إذ اختيرت بيروت لتصوير موسمين من (اكس فاكتر). كان حرياً أن نتقاسم المسؤولية لنجاح هذا البرنامج مع فريق الإعداد والتقديم وحتى المشتركين بفئاتهم العمرية والغنائية المتنوعة، وهذا ما يتطلب تفاعلاً جماهيرياً أثناء تصوير الحلقة وعرضها على الهواء، أو بثها بطريقة المباشر. من هنا يأتي دور مدير المسرح لتنظيم عمل الجمهور، وأحياناً كنا نحتاج إلى أكثر من مدير مسرح بحسب عدد الجمهور. وبالتالي تصبح الشروط هنا مدروسة من قبل الجهة المنتجة للبرنامج، لفرض شروط أساسية على هؤلاء الناس الذين ربما لا يهمهم كثيراً التفاعل، بل هي رغبة في الأجرة المدفوعة سلفاً من قبل صاحب وكالة التأجير. وتأتي الأجرة على وقت يستغرق أحياناً خمس ساعات في التصوير. ومن المفترض أن يراعي هذا الجمهور الشروط التي يطلبها بث الحلقة، خصوصاً لو جاءت مباشرة على الهواء، من مراعاة اللباس، وعدم التلهي، ومنع استخدام أواستغلال الهواتف النقالة، والنوم أثناء التصوير". وتراوح كلفة الفرد الواحد من جمهور البرامج بين 25 و30 دولاراً لقضاء خمس ساعات، أثناء مدة التصوير تنال منها الوكالة 10 دولارات.

وتنفي المنتجة المنفذة لبرنامج "ستار أكاديمي" أن يكون الجمهور المرافق للسهرات المباشرة مدفوع الأجر، بل تؤكد أن المراهقين يسارعون لحجز بطاقاتهم لحضور الأمسيات المباشرة على الهواء، وأحياناً يفوق طلب البطاقات الحد الأقصى لأماكن الجلوس، "ما يوقعنا تحديداً في حرج مع جمهور هذا البرنامج". وتنفي المسؤولة عن "ستاراك" أي معلومات عن مبيعات لبطاقات دخول المتابعين والجمهور إلى المسرح. وتقول: "تبقى هذه المسألة رهناً ببعض الدخلاء من باب السرقة والنصب، لأنّ الدخول إلى البرنامج كان مجانياً".

قبل أسابيع، تداولت الصحافة مسألة الفنان المصري تامر حُسني، أثناء العرض الأوّل لفيلمه "تصبح على خير"، من إخراج محمد سامي، في بيروت، بعد مشكلة في صفوف معجبيه والمنظمين، ومسؤولي الأمن. إذ تدافع الجمهور إلى مداخل السينما، وحصلت حالة من التوتر، وتعالى الصراخ الذي نُقِل على مواقع التواصل الاجتماعي بالفيديو والصور، من أجل إثارة بلبلة والحديث عن الفيلم، وحول حُسني الذي حضر لحظة افتتاح العرض. ما دفع البعض، ومنهم المزين والمغني اللبناني جو رعد، للرد بشكل قاس على حُسني، واتهامه بأنه اشترى مجموعة من الشباب ليقوموا بهذه التمثيلية المفضوحة. وتساءل رعد في برنامج تلفزيوني، لماذا تحصل هذه المشاكل بين الجمهور في حفلات الفنان تامر حُسني فقط؟ وطرح رعد أسماء عديدة من نجوم يسبقون حسني شهرة ونجاحاً، قائلاً أن معظم حفلاتهم الاجتماعية والفنية يسودها الهدوء وحسن التصرف. ونفى صاحب إحدى الوكالات الخاصة باستئجار الجمهور، ويُدعى ربيع الزين، أن يكون تامر حُسني طلب حضور جمهور مدفوع إلى عرض فيلمه في بيروت، مستنكراً اتهامات البعض بهذا الشأن.




المساهمون