"صراع العروش"... نهاية قريبة للمسلسل الأكثر شعبية في العالم

"صراع العروش"... نهاية قريبة للمسلسل الأكثر شعبية في العالم

25 اغسطس 2017
طاقم عمل مسلسل "صراع العروش" (Getty)
+ الخط -


خلال المواسم الستة الأولى من المسلسل الأكثر شعبية في العالم Game of Thrones، كان التمهّل واحداً من الأسباب الأساسية لجودة الأحداث والصراعات والمعارك، والتي تمّ التمهيد لها جيداً. والأهم، أنّ كل الشخصيات تأخذ حظوظها دومًا على الشاشة. فنتفهم قراراتها، ونشعر بالتعاطف المفرط معها، أو البغض الشديد لها.

ومع نهاية الموسم السادس، أعلنت قناة HBO، والمنتجان ديفيد بينوف ود.ب ويس، أنّ المسلسل سينتهي بعد موسمين فقط، وهو قرار قد يكون منطقيّاً. ولكن الغريب فعلاً، هو الإعلان عن كونِ الموسم السابع سيتكوَّن من 7 حلقاتٍ فقط (تعرض الأخيرة يوم الأحد المقبل)، بينما الثامن سيتكوَّن من 6 حلقاتٍ، بدلاً من 10 حلقات للموسم الواحد، كما جرت العادة. ومع بداية عرض الموسم الجديد، والذي مرَّت منه 5 حلقات منذ منتصف يوليو/ تمّوز حتى الآن. يبدو هذا القرار واحداً من أغرب القرارات التلفزيونية التي اتخذت.

 


في الموسم الجديد، هناك عيب رئيسي ملحوظ منذ الحلقة الثانية، وهو التسارع الشديد في وتيرة الأحداث، وهو عيب لأن تلك السرعة أفقدت المسلسل عنصر "الشعور بالزمن"، والاهتمام بـ"الجغرافيا" الذي يميزه منذ البداية. ولأنَّها، أيضاً، صنعت الكثير من فجوات المنطق التي تتسع كلما تقدمنا للأمام. فمع قرار النهاية بعد 13 حلقة فقط (بدلاً من عشرين في حال احتوى كل موسم على 10 حلقات)، أدرك صناع المسلسل أن لديهم صراعين على درجة شديدة من الضخامة: الصراع على العرش الحديدي بين سيرسي لانستر ودينيريس تارجريان (مع البيوت الموالية لهما)، وصراع آخر من المفترض أنه الرئيسي بين "البشر" و"السائرين البيض" القادمين من خلف السور. ويدرك جون سنو فقط مدى خطورتهم ويحاول توحيد "ويسترش"، أي البشرية، من أجل التصدي لهم. وإلى جانب الصراعات، فهناك عشرات الخطوط والشخصيات التي يجب وضع نهاية لها. ومن هنا بدأ كل شيء يحدث في لهاث.




في الحلقات الأربعة الأولى، حدث هذا اللهاث بشكلٍ ملحوظ، وإن ظلّ مقبولاً ومُحتملاً. فجوات منطقيَّة من قبيل كيف وصل أسطول يوريون جريجوري إلى "كاستلي روك" بهذه السرعة؟ وكيف لم يلحظ أحد جيش اللانسترز وهو ذاهب إلى الـ"هاي-جاردن"؟ ولماذا لم يعرف "لورد فاريس" تلك التحركات، رغم أنه من أذكى شخصيَّات العمل؟ وصولاً حتى لجيش الدوثراكي مع دينريس الذي وصل إلى اللانسترز في ظرف يوم؟ تفاصيل كانت تحدث في 5 حلقات، مثلاً، في مواسم أسبق، صار المشاهد يتفاجأ بها دون مقدمات. ولكن ظلَّ الأمر مقبولاً بسبب جوانب القوة في نواحٍ أخرى، والتي لا يزال المسلسل يحتفظ بها، سواء في بعض اللحظات والحوارات العظيمة، كموت "أولينا تايريل" في نهاية الحلقة الثالثة، أو لقاء جون سنو بدينيريس وتيريون، أو "انتقام الملكة" سيرسي من عائلة مارتيل وغيرها، أو من خلال بعض المعارك وعلى رأسها معركة "حقل النار" (في واحد من أفضل مشاهد المعارك في تاريخ المسلسل).


تلك اللحظات التي تحمل شيئاً من الثقل القديم للعمل، وتجعل هذا التسرع والفجوات محتملين إلى درجة ما، ولكن مع الحلقة الخامسة أصبح الأمر غريباً لدرجة تجافي المنطق تماماً. 

في الحلقة الخامسة، يفقد المسلسل أي شعور بالزمن، لا نعرف أبداً هل الأحداث التي تجري أمامنا حدثت في شهر أو في عام أو عامين، فجأة يذهب "تيريون" إلى "كينغز لاندينغ" وفي المشهد التالي نجده قد عاد إلى "دراجون ستون"، التي يعود إليها "جورا مورمنت" أيضاً من الـ"سيتاديل". فجأة نجد جون سنو قد وصل إلى "ما وراء السور"، وهي تفاصيل بجغرافيا المكان التي تعودنا عليها في المسلسل، تستغرق شهوراً في الطريق، ولكنها تحدث هنا بين مشهد وآخر دون أي إشارة لزمن. والأسوأ أن اللهاث يتجاوز حركة المكان والزمان والاهتمام بالجغرافيا (إذا اعتبرنا أن ذلك فائض رغم أنّ المسلسل قد اهتم به دائماً) ويصل إلى "الدراما". مشهد لقاء جيمي وتيريون لأول مرة منذ الموسم الرابع ينتهي في دقيقة ونصف.

جون سنو الذي لم يرَ أخوته (أو للدقة من تربى معهم كأخوة) منذ الموسم الأول يذهب إلى ما وراء السور دون المرور على "وينترفيل". 7 شخصيات تذهب في رحلة عبثية لإحضار واحد من "جيش الموتى"، وغيرها من الترنُّحات الغريبة التي لا يوجد فيها أي منطق، وتعاني بشدة من تسرع في الكتابة ومرور سريع على الأحداث. ليكون السؤال من جديد: لماذا اختصر باقي المسلسل لـ13 حلقة بدلاً من 20 على الأقل؟



فعلى الرغم من أن الموسم السادس عانى من بعض الضعف بسبب نهاية الروايات المقتبس عنها لجورج آر آر مارتن (من المفترض أنه سيطرح الجزء السادس في 2018 ولم يحدد بعد موعد بقية الكتب)، وتنحي مارتن نفسه عن فريق الكتابة والاكتفاء بالاستشارة، إلا أن المسلسل لم يصل أبداً إلى هذا التسرع وضعف المنطق كما في هذا الموسم. سيظل العمل التلفزيوني الأنجح، والأكثر شعبية خلال السنوات الحالية، وسيظل محملاً بلحظات ملحمية وشخصيات عظيمة بنيت على مدى 7 سنوات، ولكن هذا الضغط غير المبرر يهدد بنهاية أقل كثيراً من قيمة المسلسل.


المساهمون