بأمر النقابة: هذه شروط غناء السوريين في لبنان

بأمر النقابة: هذه شروط غناء السوريين في لبنان

28 مارس 2017
ناصيف زيتون انطلق من بيروت(جوزف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -
قبل أسبوعين، توجهت نقابة الفنانين المحترفين في لبنان، بطلب إلى الأمن العام اللبناني بضرورة التشدّد في تطبيق القانون لجهة خضوع بعض الفنانين الأجانب المتواجدين في لبنان لدفع المستحقات المالية الخاصة بالأمن العام، كما لنقابة الفنانين المحترفين.

لكن السؤال الذي يُطرح، هو لماذا إصرار نقابة الفنانين المحترفين في لبنان في هذا الوقت بالذات على تطبيق القانون الخاص، وما علاقة بعض العازفين والفنانين السوريين بذلك؟ وهل تسبب النزوح السوري في تفاقم هذه الأزمة والضرر الذي يحكي عنه بيانُ النقابة بحق الفنانين اللبنانيين؟

منذ ثلاث سنوات تحديداً، بدأت هذه الأزمة، بعدما تهجَّر عدد من الفنانين السوريين إلى لبنان، ومنهم عازفون ومغنون. ودون شك، فإن التقارب الجغرافي بين لبنان وسورية كان على مدار سنوات محطة للتبادل الفني بين البلدين وهذا ليس بجديد. لكن الأزمة السورية فتحت كل الجبهات، وربما زادت من حضور بعض الفنانين السوريين، ووصلت إلى درجة الطلب بالتشدد الرقابي، وتنفيذ القانون المتعلق بكل فنان غير لبناني.

لو عدنا بالتاريخ قليلاً، لوجدنا أن الفنانة الراحلة، سعاد محمد، هي من أصول سورية، وكذلك زميلتها الراحلة، فايزة أحمد. وقد اختارتا العيش في لبنان، وكذلك الفنان، جورج وسوف. كما تواجد في السنوات الأخيرة عددٌ لا بأس به من الفنانين السوريين في بيروت، ومنهم رويدة عطية، ومحمد خيري، وشهد برمدا، ومحمد المجذوب، وناصيف زيتون، وحازم الشريف وعلي وحسين الديك، وغيرهم الكثير. ويعمل عدد كبير من العازفين السوريين في الفرق الموسيقية لفنانين لبنانيين ومنهم فارس كرم، وعاصي الحلاني، وآخرون. هذا التنوع الفني بين البلدين، لم يكن يوماً سبباً في التفرقة، على العكس تماماً، استطاع أن يقدم صورة جيدة عن التبادل الفني الثقافي بين البلدين، إلى أن حلت الثورة السورية، سنة 2011، وبدأت ملامح الأزمات تتضح، حتى وصلت إلى حرب مباشرة بين نقابة الفنانين وبعض الفنانين الأجانب الذين يسميهم البيان الأخير.

يؤكد مصدر متابع للقضية، بأن الأزمة الحقيقية بين بعض المنتسبين إلى جمعية الفنانين المحترفين في لبنان، وبين مجموعة من المغنين والعازفين السوريين في لبنان، تعود إلى دخول هؤلاء على الخط اللبناني، وتعزيز تواجدهم. ويلفت المصدر إلى أن معظم الفنانين السوريين الذي عملوا في لبنان، لم يتنبهوا بداية لقرارات النقابة، بسبب بعض المتعهدين، ودون شك، فإن ظاهرة المغني علي الديك في برنامجه التلفزيوني "غنيللي تغنيلك" ونجاح شقيقه حسين الديك بسرعة صاروخية من بيروت، هو ما فتح أبواب الأزمة. يقول هيثم علايلي، وهو متعهد فنّي لبناني، لـ "العربي الجديد": "عندما بدأ الفنان حسين الديك الغناء في لبنان، استطاع أن يحجز لنفسه موقعاً ثابتاً على الخارطة الغنائية، وسوق الحفلات". يَذكر العلايلي أن حسين الديك أحيى أكثر من عشرين حفلاً بمدة زمنية قصيرة، وهذا ما فتح، عيون المتعهدين على الساحة الفنية، ووصل اليوم إلى المطالبة بالتشدد على تنفيذ القانون من قبل الفنانين اللبنانيين، الأمر الذي تنبّه له الديك وقام بدفع كامل المستحقات المتوجبة عليه لدائرة الأمن العام ونقابة الفنانين.




يؤكد أحد أصحاب المطاعم في لبنان، بأنه يستوفي كامل الشروط الخاصة بالأجراء والفنانين تحديداً لأي جنسية انتموا. ويقول: "لست ضد قانون دفع المستحقات الواجبة للدولة اللبنانية، ونحن لا نفرق بين فنان أو مغن سوري أو لبناني. على العكس تماماً، الأهم أن نقدم صورة متكاملة في العزف والموسيقى وحتى الغناء، فلا هوية في اعتقادي للموسيقى".

وسألت "العربي الجديد"، بعض المتعهدين حول هذا الموضوع، فأكد أحمد رمضان، بأنه أقام في لبنان أكثر من 12 حفلاً لفنانين سوريين، كانت جميعها تستوفي الشروط المالية والضرائب الخاصة بهذه الحفلات. يقول: "تعهدتُ عدداً من الحفلات الخاصة لشيوخ الطرب من حلب في مسرح قصر اليونيسكو ومسرح المدينة في بيروت. ومن اليوم الأول لقرار الحفل، قمت بتنفيذ كافة الإجراءات والشروط الواجبة للأمن العام اللبناني، ونقابة الفنانين، والاستحصال على تراخيص خاصة بهذه الحفلات".


كما يؤكد مسؤول قسم البرامج في أحد المحطات اللبنانية، أنّ إدارة المحطة تقوم بكافة الإجراءات المالية الخاصة باستضافة الفنانين الأجانب. ويقول: "لا أريد حصر إجابتي هنا فيما يتعلق بالأخوة السوريين من مغنين وعازفين. والمعروف أن معظم المحطات اللبنانية لديها مندوب خاص لتخليص هذه الأمور، خصوصاً أثناء المهرجانات الصيفية، أو برامج المنوعات، وهي تتطلب ميزانيات مالية مرتفعة جداً، ويدخل ضمنها "التخليص" المتعلق بالأمن العام ونقابة الفنانين، والضرائب الخاصة بوزارة المالية اللبنانية".

تُصنف الملاهي الليلية والمطاعم في لبنان بدرجات تختلف بين مطعم أو ملهى وآخر. فلو كان المكان مُصنَّفاً بنجمتين على صاحبه دفع مبلغ يُقدر بـ 163 دولاراً أميركياً للدولة اللبنانية والأمن العام اللبناني الذي يتقاسم ذلك مع نقابة الفنانين المحترفين. وتزداد القيمة على ذلك بحسب التصنيف السياحي للمكان، أما المجموع العام، فيمكن لصاحب الملهى أن يستقبل فنانين أجانب في مطعمه وأن يدفع 1100 دولار شهرياً بدل ضرائب عن هؤلاء، ولأي جنسية انتموا، فيما لا ينطبق الأمر أبداً على الفنانين اللبنانيين، وتتجه القضية إلى مزيد من التساؤل حول العلاقة السياسية الخاصة بهذه القضية!



المساهمون