"مخدومين" لماهر أبي سمرا: صورةٌ أخرى

"مخدومين" لماهر أبي سمرا: صورةٌ أخرى

06 فبراير 2017
من "مخدومين": وجهة نظر أخرى (فيسبوك)
+ الخط -
بين 9 و22 فبراير/ شباط 2017، يُعرض "مخدومين"، الوثائقيّ الجديد للّبناني ماهر أبي سمرا (1965)، في بيروت، الفائز بـ "جائزة أفضل فيلم غير روائي"، في "مسابقة المهر الطويل"، في الدورة الـ 13 (7 ـ 14 ديسمبر/ كانون الأول 2016) لـ "مهرجان دبي السينمائي الدولي". وهو، بسرده واقعاً إنسانيّاً حاضراً في دول عديدة، يُشكِّل جزءاً من رغبة سينمائية في التنقيب في الاجتماع اللبنانيّ، المنفتح على السياسة والاقتصاد والثقافة والإيديولوجيا.
من اهتمامٍ إنساني بالبيئة مع "إعمار على الموج" (1996)، إلى إعادة قراءة تجارب فردية منطلقة من التزام إيديولوجي ثقافي سياسي بـ "الحزب الشيوعي اللبناني"، قبل الانفصال عنه والانصراف إلى اشتغالات تتناقض وإياه، كما في "شيوعيين كنّا" (2010)، منتقلاً إلى "نساء من حزب الله" (2000) وحكاياتهنّ المختلفة، يحاول ماهر أبي سمرا إيجاد مُعادل سينمائي وثائقي لكمّ من الحكايات المفتوحة على ذاكرة بلد واجتماع وأفراد، وإنْ تتفاوت السينما الوثائقية، لديه، بين فيلمٍ وآخر.
لكن أولوية أفلامه كلّها معقودةٌ على حوارٍ ونقاشٍ وتواصلٍ. فالمواضيع المختارة أساسية في السيرة اللبنانية، أقلّه منذ النهاية المزعومة للحرب الأهلية (1990). وهذا يجعل تلك الأفلام حيّة في السجال المتنوّع، الذي يشهده البلد منذ أعوام مديدة. والاهتمام بالحوار نابعٌ من حماسة السينمائيّ إزاء تواصلٍ يُبنى على نقاشٍ مفتوحٍ، يميل المخرج، غالباً، إلى جعله صُوَراً بصرية، تستند إلى تقنية التوثيق، وتستفيد أحياناً من جماليات البناء الدرامي، لمواكبة الحكاية ومضامينها، ولرواية سير وتفاصيل.


لن يخرج "مخدومين" عن السياق العام للسيرة السينمائية لماهر أبي سمرا. لكنه يختلف عن أفلامٍ لبنانية عديدة، تتناول الموضوع نفسه: الخادمات الأجنبيات، اللواتي يعملن في المنازل اللبنانية. فغالبية تلك الأفلام منطلقةٌ من واقع الحال الخاصّ بالخادمة، وإنْ يُفرِد بعضها لعائلات مختلفة حيّزاً لتبيان علاقات أفرادها بالعاملات لديها. أما "مخدومين"، فيضع الكاميرا داخل مكتب يؤمّن خادمات من دول آسيوية وأفريقية، ويتابع وقائع العمل اليوميّ فيه، ويستعرض جوانب من المسؤوليات الجمّة، الواقعة على كاهل صاحب المكتب. وهو ـ إذْ يتعاون مع زين، مالك وكالة لتوظيف العاملات ـ يرسم معالم بيئة متكاملة، ستبقى، رغم النيّة السينمائية الصافية، منزّهة عن مألوفِ كلامٍ متداول، بشدّة، بين لبنانيين كثيرين.
ذلك أن كشف بعض المستور في هذه المهنة لن يكون كبيراً، والانصراف إلى وجهة النظر الأخرى لن يؤدّي واجبه السجاليّ العميق، رغم أن زين يبوح بشيء طفيفٍ من كواليسها. أما الجانب السينمائيّ، المتمثّل بتصوير أبنية وإضاءة خارجية ومدينة وشرفات منازل، على وقع نبرة صوتية تروي شيئاً من سيرة المخرج نفسه، وعائلته، مع الخادمات، فيحاول أن يكون متنفّساً سينمائياً لثقل التوثيق داخل المكتب.


المساهمون