شمالاين بعود إلى صدارة شباك التذاكر

شمالاين بعود إلى صدارة شباك التذاكر

15 فبراير 2017
تجاوزت عائدات الفيلم 100 مليون دولار (Getty)
+ الخط -
في أواخر التسعينيات، صدر فيلم The Sixth Sense للمخرج، إم نايت شمالاين. حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، ورشح للأوسكار. وفي عصر "الانقلابات الدرامية" والنهايات المفاجِئة، اعتبر بعض النقاد أن شمالاين هو "هيتشكوك الجديد"، تماماً كما يسمون كل مخرج إثارة مُبشِّر. استمر الرجل بفيلم آخر ناجح هو Unbreakable عام 2001، ثم فيلم آخر مقبول هو Signs عام 2002، قبل أن تبدأ مسيرته منذ ذلك الحين في التراجع بقوة، على المستوى النقدي والجماهيري. وطوال ما يقارب الـ15 عاماً، كان اسمه ينزوي، ويجد صعوبة حتى في إنتاج الأفلام، لدرجة أن فيلمه الجديد Split، بلغت كلفته 9 ملايين دولار فقط. ولكنه، في المقابل، عاد به لصدارة "هوليوود" مرة أخرى، بعد أن احتل قمة شباك التذاكر الأميركي للأسبوع الثالث على التوالي، ومتجاوزاً حاجز الـ100 مليون دولار.
يتحرَّك الفيلم بفكرةٍ جديدة وجاذبة، يتجاوز فيها، شمالاين، محاولاته الدائمة في استنساخ نجاح "الحاسة السادسة" ونهايته العاصفة. ويحاول أن يبني الفيلم بشكل مختلف، قائم أولاً، على اختلاف الحكاية، وثانياً، على الإثارة المستمرة التي يتفاعل معها المشاهد.
يبدأ العمل بحادثة اختطاف غريبة من قبل رجل لـ3 بنات في سن المراهقة، قبل أن نعرف من خلال مشاهد غامضة ثم حوارية أن هذا الرجل "كيفين" لديه 23 شخصية مختلفة يسكنون داخل عقله، من بينهم طفل لاهٍ يدعى "هيدويج"، وامرأة هادئة تسمى "جاد"، ورجل يحاول تنسيق الأمور بين الـ23 شخصية هو "باري"، إلى جانب اثنين من الأشرار هما "دينيس" و"باتريشا" (وهما الشخصيتان اللتان اختطفتا الفتيات).
وتسيرُ الأحداث بتناوب تلك الشخصيات، ولكن الخطر الحقيقي ينبع من ميلاد الشخصية رقم 24 داخل عقل كيفين، وهي "الوحش" ذو الاستخدام الفائق لقدراته العضلية، والذي سيكون مُدمِّراً للفتيات المخطوفات، وربما للعالم.
يمرُّ الفيلم بثلاث مراحل غير متساوية على الإطلاق في مدتها الزمنية، ولكنها مراحل مؤثرة في طبيعته وهويته. الثلث الأول من الفيلم، هي مرحلته الأفضل والأهم، إذ ننجذب خلالها للحدث الرئيسي، وفي اكتشاف طبيعة الشخصية التي أمامنا. وفي الفكرة المثيرة لتحكم 23 شخصية على عقله، يثار فضولنا بشدة نحو المنطق الذي يتحول فيه "كيفين" لواحد من شخصياته الـ23، وللصراع الدائر بينها، سواء بين الخير والشر بشكل مباشر، أو حتى في المسحات الكوميدية التي تقدم بذكاء عند ظهور شخصية الطفل "هيدويج" مثلاً (بأداء جسدي وصوتي رائع من الممثل، جيمس ماكفوي).
ورغم أن تلك المرحلة فيها حوارات مباشرة بين الشخصية وطبيبتها النفسية، بهدف توصيل معلومات للمتفرج، إلا أن ذلك نفسه يتم عبوره بذكاء عبر شخصية "باري" (من داخل كيفين)، وتقديمه كشخص "دبلوماسي"، يريد تنسيق الأمور بدلاً من انفجارها.

المرحلة الثانية هي الأطول والأضعف، إذ تقلُّ فيها دهشة الفكرة الأساسيّة، وندرك، أيضاً، أننا لن نشاهد 23 شخصية. نترقَّب ظهور "الوحش" وما يمكن أن يفعله، ولكن مسار الفيلم الأساسي يتحول لصراعٍ تقليدي بين الفتيات اللاتي يرغبْنَ في الهروب، و"كيفين" (بشخصياته المختلفة) الذي يحاول ردعهم أو عقابهم، فيتغير منطق الإثارة الذي يعتمد عليه الفيلم، من جانب "عقلي" يستمد قوته من الحوارات والتفاصيل الذكية، إلى جانب "حركي" يعتمد على المونتاج والمطاردات الداخلية.
بالإضافة إلى ذلك، فالاعتمادية على حل ما يحدث، وصراع الفيلم الرئيسي إلى جزئية "العنف ضد الأطفال" كانت مُفتعلة نسبياً، ربما لأنها ليست جزءاً من الحكاية، فبدت كضيف ثقيل في النهاية، ليمنح الفيلم سبباً للشخصية ونهاية ليس أكثر.

يعود شمالاين إلى واجهة هوليوود مرة أخرى، وبأفضل صورة محتملة بعد خلق عالم إخراجي تتصل فيه أفلامه ببعضها في مشروع واحد ممتد، وذلك بعد أن كاد الجميع ينساه.

المساهمون