مهرجان "يوماين".. الأزمة فنياً

مهرجان "يوماين".. الأزمة فنياً

25 يوليو 2016
الأزمة موضوع يحيط بالناس في داخلهم وخارجهم (العربي الجديد)
+ الخط -
في ثمان وأربعين ساعة، مطلوبٌ من كلِّ فنان مشارك في مهرجان "يوماين"، أن ينجزَ عملاً حول ثيمة "الأزمة"، وذلك بالوسيط الفني الذي يبدع فيه. وتعتبر الـ 48 ساعة، واستخدام الوسائط الفنيَّة المُتعدِّدة، أبرز سمات مهرجان "يوماين" الذي أقيم بطنجة، شمال المغرب، واستضافه مسرح "Borderline Theatre Project" والمركز اللغوي الأميركي، وجمعية "Think Tanger"، كذلك جمعية "Border Art Factory".

وعلى هذا النحو، شارك في المهرجان ثمانية فنانين، من المتخصصين في المسرح والموسيقى والسينما والفنون البصرية والكتابة الإبداعية، وذلك لإنتاج أعمال جديدة تعالج موضوع "الأزمة Crisis".


يقول مدير المهرجان، جورج بجالية، لـ"العربي الجديد"، إن "الأزمة موضوع يحيط بالناس داخلهم وخارجهم. ونحن نرفض التحدث عن الأزمة الدائرة حولنا أو بداخلنا بناء على ما نراه ونعايشه. وبرأيي، فإنَّ الأزمة الحقيقية، هي عندما نكون عالقين في فكرة التحدث عن الأزمة وكيفيَّة معالجتها".

تختلف نسخة "يوماين" هذا العام، كما يقول بجالية، بـ"بالأدوات المستخدمة وبطريقة التفكير حول الموضوع. فقد برزت الكتابة الإبداعية هذا العام مثل الشعر والقراءة والنصوص المسرحية، إضافة إلى أعمال فنية أخرى "آنستلاشن" وفوتوغراف و"فيديو آرت"، عبَّرت عن طرق مختلفة عن فهم المشاركين لمصطلح الأزمة".

نسيبة الحلو في نص مسرحي
ومن المشاركين الشباب، قدَّمت، نسيبة الحلو، طالبة الأدب الفرنسي، نصَّاً أدائياً مسرحيَّاً حول مفهوم الأزمة، قائلة: "عادة ما يتحدث الناس حول الأزمة عند ارتباطها بالاقتصاد والمال والأرقام أو ما تنتجه الحروب، ولكنني أرى أن الأزمة تنتج قبل الحروب. الأزمة هي الفقر وعدم تواصل الناس مع بعضها وفقدان التفاهم بينهم، وانتشار العنصرية، وكل ذلك لا يصلح بالمال. إن أزمة الإنسانية أكبر من أزمة الأرقام، وقد حاولت أن أجسد الإنسان المغربي، الذي لا يعرف عن أي أزمة يتحدث، لكثرة الأزمات الاجتماعية المحلية والدولية من حوله. ولكن، يجب أن نظلّ متفائلين".

سعيد التاجي في عرض أدائي منفرد
بينما قدَّم، سعيد التاجي، عرضاً أدائيّاً مُنفرداً. حيث وضع رأسه في صندوق أسود وبدأ يتحرك في مساحة معينة، يقول لـ"العربي الجديد" إن "الإنسان الفقير لديه مشكلة في الأولويات فقط، هو محجوز في مربع صغير، وضائع بدون هدف، ويرى ما هو قريب له، كما أنه يريد أن يرى ولا يرى، وخطواته غير محسوبة أو مدروسة".

يوسف الزاوي ومروان اليوسفي في فيديو مصوّر
أما الفنان يوسف الزاوي، مع زميله في العمل الفني، مروان اليوسفي، فقد قدَّما فيديو مكوناً من مشاهد مصوّرة من قبل أشخاص، وقد نشروها إما على "فيسبوك" أو موقع "اليوتيوب"، يقول الزاوي: "خلال عملية إنتاجنا للعمل الفني، فضّلنا ألا نعرف أين هي الأزمة، لأن خبرتنا في الحياة قليلة، خلافاً لذلك، عملنا على الناس التي تعيش الأزمة، وعلى نتائجها المنتشرة في المجتمع من خلال فيديوهات منشورة على الإنترنت، وقام الأشخاص أنفسهم بالتقاطها. لذلك، تقنيّاً، قمنا بإعادة المشاهد الواردة في الفيديوهات لكي نترك التأويل لكل شخص عن نتائج الأزمة، كيف يراها وكيف يستخلص النتائج". وقد تناول الفنانان فيديوهات تُصوِّر العنف المنتشر في الشوارع المغربية "الكريساج"، والتحرش الجنسي، وعالم الغيبيات والنفايات، أي موضوعات قريبة من الجميع ويعيشها الجميع.

وقد كان هذا المهرجان بمثابة دعوة للفنانين للتأمل في مصطلح "أزمة" الذي تعود أصوله إلى الكلمة اليونانية Krisis أو القرار؟ وتأتي في نهاية حكم قضائي كنتيجة للمداولات القضائية أو تعبر عن نقطة تحول مرض ما عندما يتم تحديد مستقبله إمّا نحو الأسوأ أو الأفضل، كذلك في اللغة العربية يحيل إلى التفاقم أو الخطورة. لذلك كان الوقت الزمني المخصص لإنجاز الأعمال الفنية بمثابة فرصة للتفكير بمصطلح "الأزمة"، في الفضاء اللغوي المشترك بين الثقافات، واللغات المشتركة، كما كان يهدف منظمو المهرجان.

محمد كنان في عرض مسرحي
أما الفنان الفوتوغرافي، محمد كنان، فقد اتَّخذ من مسرح "سيرفانتس" القديم، مكاناً لإنتاج مفهومه حول الأزمة، بتصوير شخص يرتدي ملابس عصرية، بينما يدور في مكان يسوده الخراب. يقول كنان لـ"العربي الجديد"، بأن مشروعه "تشكل من مجموعة بورتريهات لأشخاص تبدو عليهم سمات الرفاه في أماكن غير متاحة وغير ملائمة لهم، مما يتيح مشاهدة الخيط الرفيع بين الفقر والرخاء أو الازدهار". مُضيفاً "واجهت بعض الصعوبات بالوصول إلى مسرح "سيرفانتس" المهجور، وغيره من الأماكن، إضافة إلى مصاعب تقنيَّة تتعلَّق بالإضاءة". ويقول عن "يوماين" بأنه "كان فرصة بالنسبة لي كفنان هاوٍ، لا سيما التشارك والتفاعل مع الآخرين، وباعتباره تحدياً لإنجاز بعض الصور حول مفهوم معين".

واعتمد المهرجان فكرة "الاستديوهات المفتوحة" التي يمكن فيها للفنانين دعوة أشخاص ليشاركوهم ويناقشوهم فكرة إنتاجهم الفني، كما اعتمد أيضا حلقات نقاش حول "الأزمة" شارك فيها الإعلامي والباحث إدريس كسيكس والفنان هشام، واختتم بعرض القطع الأصلية التي تم إنتاجها خلال يومين من مدة المهرجان.


المساهمون