"نبتدي منين الحكاية".. دراما سورية بسيطة تشوش المشاهد

"نبتدي منين الحكاية".. دراما سورية بسيطة تشوش المشاهد

18 يوليو 2016
مشهد من مسلسل "نبتدي منين الحكاية"/ فيسبوك
+ الخط -
رغم أن المسلسل الاجتماعي السوري "نبتدي منين الحكاية" للكاتب فادي قوشقجي، والمخرج سيف الدين السبيعي، بطولة غسان مسعود وسلافة معمار، يقوم على حكاية بسيطة وخطوط درامية محدودة، إلا أنه يصيب مشاهده بحالة من الخلط والتشوش.

فالتنقل بين الأزمان الذي يبدو أنه يشيع في الدراما التي ينتجها النظام السوري بهدف المقارنة بين الماضي الزاهر والحاضر الأسود، والقفز بين الخطوط الدرامية الثانوية، يبقي القليل من الأساسي في هذا العمل الفني الفقير.

يتمحور المسلسل حول قصة الحب بين البطل "بشير" (غسان مسعود) والبطلة "ليال" (سلافة معمار)، وعدا عن هذه الصفة العشقية، لا صفات محددة لدى البطلين، فبشير إعلامي سابق ومدير بنك، لكنه مارس الإعلام من باب الهواية، ومع ذلك هو نصف فيلسوف، وشخصية مؤثرة في المجتمع، ومن غير الواضح كيف أصبح على هذه الصورة وكيف انتزع تلك المكانة، وهو يظهر متفرغاً يمضي الوقت في المقاهي والمطاعم والبارات، ويبقى بالبيجاما في المنزل الفخم يحتسي الويسكي في أكثر من نصف المسلسل، وكأنه يذهب إلى العمل حين يرغب، ربما لأنه "قاعد على بنك" كما تقول العبارة العامية.

أما، ليال، فهي تملك محلاً للتحف والسلع الكمالية في مركز المدينة، وهي أيضاً مثقفة تطرح الأفكار العميقة باستمرار، وفق تلك النبرة المتفذلكة التي اعتادتها الممثلة معمار وممثلات سوريات أخريات من المثقفات اللواتي يظهرن في مسلسلات مثقفة، بالملابس الخفيفة في جميع الفصول وبالماكياج الكامل.

ليس لليال أسوة ببشير عمر محدد، فهي في حالة من الشباب الدائم رغم مرور أكثر من عشرة أعوام على قصة الحب، مع أن علامات الزمن تظهر على المرأة بشكل أكبر. وليس لها وضع اجتماعي محدد فهي عزباء، ويبدو أن ذلك نتيجة للاعتماد الكبير في الدراما السورية على معمار، التي تمثل الدور نفسه منذ أعوام، والمضطرة لأداء أدوار بأعمار مختلفة.

هكذا مع تحرر بشير وليال من القيود الاقتصادية والاجتماعية، مع كونهما يعيشان بحبوحة ومستمرة حتى الزمن الحاضر داخل سورية! وكون بشير مطلق وابنه يعيش مع والدته، وليال فتاة كبيرة تسكن وحدها لا سلطة لعائلتها عليها، حتى ولا لشقيقها الأكبر الدرويش رباح (جرجس جبارة)، فإن البطلين متفرغين للغرام.

إلا أن هذا الغرام فقير، فمنذ الانطباع الأول، تشعر بأنه ليس هناك انسجام جسدي. والحوارات والمكالمات الهاتفية بين البطلين لا يشعر المشاهد بأنها نابعة من القلب، بل مفتعلة متذاكية، ندية، كأنها مناكفات بين صديقين. ولا بد من الإشارة إلى تامر صديق البطل (الفنان المسرحي سامر عمران) الذي يلعب دور المستمع، والمعلق طيلة المسلسل كطرف ثالث في هذه العلاقة.

حقق كاتب العمل، فادي قوشقجي، قدراً من الشهرة قبل أعوام، حين طرح قضية الزواج المختلط في مسلسله "ليس سراباً". وهو يعيد طرحها اليوم في "نبتدي منين الحكاية" من خلال حكاية تغريد (جفرا يونس)، وريثة سلافة معمار في الفصاحة والخطابة في أكثر من عمل، وبعد كل هذه الدماء التي سالت، ما يؤكد أن النخبة الدرامية السورية من كتابها إلى فنييها، عاجزة عن التغيير أو أقل من أن تدرك هول ما جرى، والصحيح أنها غير راغبة بل ومتواطئة، نظراً لأنها ابنة مؤسسة السلطة فيزيائياً أو طائفياً، ووظيفتها خلق المبررات وتجميل الشر.

المساهمون