مصارف لداعش في سورية... قريباً

مصارف لداعش في سورية... قريباً

04 يناير 2015
المصرف الذي افتتحه "داعش" في العراق، الأسبوع الماضي(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

سرت مخاوف افتتاح مصارف في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في سورية، على غرار خطوته في الموصل أخيراً، وسحب السيولة من مناطق الرقة ودير الزور وريف حلب، أو غسل أموال بيع النفط أو تلك التي سُرقت من المؤسسات الحكومية من جانب موظفين، استغلالاً لحالة الفوضى التي حدثت بعد سيطرة داعش على مناطق شاسعة شمال وشمال شرق البلاد.

وافتتح التنظيم، الأسبوع الماضي، أول مصرف خاص به للتعاملات المصرفية واستقبال الودائع

ومنح القروض، بمدينة الموصل بالعراق (400 كلم شمال بغداد)، تحت اسم "المصرف الإسلامي".

وقال الخبير المالي السوري، سمير سعيفان، إن تنظيم داعش يحاول أن يسوق فكرة أنه دولة إسلامية تعمل وفق مؤسسات، على خلاف بقية التنظيمات مثل القاعدة وغيرها، لذا من المتوقع أن يُقدم التنظيم على فتح مصارف جديدة لتأصيل فكرة الدولة ولتكون مكانا لتخزين إيراداته من النفط أو عائدات الضرائب بعد افتتاح "بيت الحسبة".

وأضاف لـ "العربي الجديد" أن استقرار وضع التنظيم أكثر مما هو عليه الآن، من الممكن أن يدفعه للقيام بخدمات تحويل الأموال ضمن المدن والمناطق السورية الواقعة تحت سيطرته كعمل مكاتب وشركات الصيرفة.

واستبعد سعيفان أن تقدّم مصارف داعش خدمات الإيداع والقروض والاعتمادات المستندية، لأنهم معزولون جغرافياً ومردود المصرف سيكون محدوداً جداً. ولكن من الممكن، إن أقاموا فروعاً في أكثر من مدينة سورية، أن تنشط على صعيد تحويل العملات وتمويل شكلي لبعض المشروعات التي تصب في خدمة هدفه. وأوضح أن هناك احتمالاً أن يقدم سكان المناطق الخاضعة لداعش على الاقتراض، "نظراً لاعتبار أنها إسلامية بلا فوائد أو ليقينهم أن تنظيم الدولة زائل وقد لا يسددون القروض بالنهاية".

ويشهد الوضع المالي لـ "داعش" تطورًا ملحوظًا، فبعد الاتهام بالاستيلاء على مصارف عراقية وسورية، ثم بيع النفط في السوق السوداء من الآبار التي تقع في المناطق التي يسيطر عليها، شرع "داعش" في سك عملات خاصة به، ثم مؤخرًا الإعلان عن مصرف إسلامي يستبدل العملات ويقبل الودائع.

وحول توفر كوادر مصرفية متخصصة لدى داعش، قال سعيفان: "بصرف النظر عن طبيعة عمل المصارف التي يمكن أن يحدثها داعش، تقليدية أو إسلامية، فهو بحاجة لكوادر، وهي متوفرة، سواء من الحواضن التي كانت تعمل بالمصارف السورية أو حتى من كوادره الآتية من خارج سورية".

وختم سعيفان: "من الممكن أن تمول مصارف داعش بعض المشروعات الخاصة بهم، وأن

يحولوا أموالا بين المناطق التي يسيطرون عليها، ولكن لا يمكن أن يمولوا الاستيراد والتصدير أو أن يحولوا أموالا عبر العالم لأنهم معزولون، ما يعني أن المصارف ستكون مؤسسات غير مستقرة وقليلة العائد، ناهيك عن أنها مرشحة للزوال سواء في العراق في واقع تطويق الموصل والقصف أو في سورية، رغم أن المناخ في سورية أرحب".

ويبدو أن فكرة المصارف الإسلامية التي بدأها "داعش" من الموصل بالعراق، قد تجد من يدعمها بالتعامل من سكان المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، كما حدث في الموصل، وفق رصد مراسل "العربي الجديد" هناك.

ويقول أحمد خالد، من ريف إدلب الذي تسيطر عليه جبهة النصرة، إن المصارف الإسلامية هي الحل لأنها لا تعتمد الربى كمصارف نظام الأسد الذي تصل فوائد القروض لنضف القرض. وأضاف لـ "العربي الجديد": "لن تزول دولة الإسلام كما يروّج. بل ستبقى وتتمدد

وإن افتتح تنظيم الدولة مصرفا فأنا أول من سيودع فيه".

في حين رأى مصدر من عشيرة العكيدات في ريف دير الزور الخاضع لتنظيم داعش، أن الخوف من الموت هو مرد كل التصريحات التي يقولها الناس في مناطق سيطرة التنظيم . وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ "العربي الجديد"، التنظيم بدأ يفرض قناعاته بالقوة ولا حول لنا إلا التطبيق، وإن افتتحوا مصرفاً في مدينة الرقة أو فروعاً في ريف دير الزور وحلب، فقد يمنحوا قروضاً زراعية أو قروض زواج ليكسبوا الحواضن والبسطاء من أهل المنطقة، و ليس مستبعداً أن يكون الإيداع إلزامياً كما يتم فرض ضرائب لم نعرفها كسوريين من قبل .

المعارض بسام يوسف، رئيس تحرير جريدة "كلنا سوريون"، قلل من أهمية الخطوة في العراق معتبراً أنها "همرجة إعلامية" لإعطاء نظرة أن داعش يؤسس دولة مؤسسات، وأن افتتاح مصرف في موصل العراق هي رسالة طمأنة للحواضن الاجتماعية وربما إغراء لهم بالقروض والاستقرار.

وتوقع يوسف، وهو عضو سابق بالائتلاف السوري، أن يُقدِم التنظيم على أكثر من هذه الخطوة في سورية، فبعد المصارف ربما نرى مجالس شورى ودور قضاء متخصصة، والهدف تكبير وهم الدولة لشراء الزمن ريثما يتم إيجاد حل للمنطقة برمتها.

وأوضح يوسف لـ "العربي الجديد": أن المسألة إعلامية ولن تقدم داعش فيما لو افتتحت مصارف، قروضا للسوريين الذين سُرقت أموالهم ومقدراتهم، لأن الخطوة محكوم عليها بالفشل، لاعتبارات سياسية عسكرية متعلقة بزوالهم وإن بعد حين واقتصادية لأن المصارف بحاجة لمنظومة اقتصاد متكاملة وربط بالأسواق والدول المجاورة .

وتوقع عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أحمد عوض، أن يفتح داعش مصارف في الرقة التي تعتبرها عاصمة للدولة، وأن يزيد تموضع التنظيم في الجزيرة السورية لأنه ليس

للتحالف من هدف محدد وإطار زمني لإنهاء التنظيم كما الحال في العراق.

وأضاف عوض، الذي درّس في الرقة ويعرف تضاريسها وذهنية أهليها، أن الحواضن قد ترحب بهذه الخطوة تحت دافع الخوف أو الاستفادة من القروض، لكن التنظيم يتعاطى باستراتيجية تسويق نفسه ولن يقدم إلا قروضا تصب في استكمال صورته.

واعترف عضو الائتلاف في حديثه لـ "العربي الجديد" بعجز الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة عن إيجاد قوة عسكرية موحدة تخضع لقيادة سياسية كما في العراق، كما أن التحالف الدولي يضرب أهدافا في سورية دونما خطة واضحة لأنه يخاف من إحلال قوات الأسد مكان داعش في الرقة ودير الزور، في واقع عدم وجود بديل عسكري معارض.

ولم يستبعد عوض تعامل داعش بالدولار ريثما يصدر عملتيه "الدرهم والدينار"، إن سمحت له الظروف وتم تمديد عمره في سورية، لأن إطالة عمره تخدم الدول التي تدعي حربه من السعودية إلى إيران والولايات المتحدة وتركيا.

المساهمون