سياسة حرق الأسعار تعصف بجودة الخدمات السياحية في مصر

سياسة حرق الأسعار تعصف بجودة الخدمات السياحية في مصر

24 فبراير 2014
+ الخط -

مع انحسار حركة السياحة الوافدة إلى مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، اضطرت العديد من الفنادق إلى خوض سباق "حرق الأسعار"، في محاولة لاقتناص أكبر عدد من الوافدين، الأمر الذي دفع القائمين على وزارة السياحة إلى إلغاء تراخيص عدد ليس بالقليل من الفنادق لعدم الالتزام بالجودة.

وتأثرت السياحة في مصر بشدة من الاضطرابات السياسية والأمنية التي مرت بالبلاد منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، والتي ازدادت حدتها بعد الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي.

وقال هشام علي، رئيس جمعية المستثمرين السياحيين في جنوب سيناء شمال شرق مصر في تصريحات للـ" العربي الجديد "، إن القطاع السياحي دفع فاتورة الاضطرابات السياسية بخفض الأسعار بأكثر من 30% خلال عامي 2011 و2012، ليصل إلى 50% خلال 2013.

وأضاف أن أصحاب الفنادق في جنوب سيناء فشلوا في الوصول إلى اتفاق بعدم خفض الأسعار على مدار الفترة الماضية، ووصل الأمر إلى أن يبيع أحد الفنادق الغرفة الواحدة بنحو 14 دولاراً للفرد في الليلة شاملة الوجبات الثلاث.

وقال علي، الذي يمتلك مجموعة من المنتجعات والفنادق في شرم الشيخ في جنوب سيناء، إن " خفض السعر لن يكون حافزا لقدوم السائح... الأمر كله مرتبط بالاضطرابات السياسية والأمنية".

وقال عادل الشربيني، عضو غرفة الفنادق في جنوب سيناء لـ" العربي الجديد "، إن سياسة حرق الأسعار التي تتبعها الفنادق لها نتائج كارثية على القطاع على المدى الحالي والطويل، فيما يتعلق بجودة الخدمات السياحية التي توفرها مصر للسائح، حيث تعصف بسمعة مصر في الأسواق الخارجية.

وأضاف الشربيني أن مستوى الخدمة داخل الفنادق شهد انخفاضا كبيرا، خاصة في الفنادق الأقل من مستوى 4 نجمات، جراء هبوط الفنادق فئة 5 نجوم إلى أسعار متدنية، مما أجبر الفنادق الأقل من 4 نجوم على تخفيض الأسعار بدورها لاقتناص السائح.

ويرى أن خفض الأسعار وارتفاع تكلفة التشغيل، جراء ارتفاع سعر المواد الغذائية والطاقة والأجور، سيؤدي حتما إلى تعرض الفنادق لخسائر.

ويدفع تناقص الايرادات شركات الإدارة والشركات المالكة إلى عدم الاهتمام بصيانة الفنادق وإحلال المواد المستهلكة، فتكون المحصلة النهائية تدني سمعة مصر السياحية في الأسواق المصدرة للسياحة، وفق الشربيني.

وحسب قسم البحوث التسويقية في غرفة الفنادق المصرية، بلغ عدد الفنادق التي تم إلغاء تراخيصها خلال 15 شهرا في الفترة من يوليو/تموز 2012، وحتى سبتمبر/أيلول الماضي 46 فندقاً، بسبب عدم التزامها بالجودة.

وقالت عادلة رجب، المستشار الاقتصادي لوزير السياحة المصري، لـ "العربي الجديد" : "تراجع الدخل السياحي لمصر خلال الثلاث السنوات الماضية كان كبيرا مقابل عام 2010 الذي كان يوصف بعام الذروة السياحية لمصر، حيث تم جذب 14.7 مليون سائح، بإيرادات 12.5 مليار دولار".

وأضافت أن " التراجع الأعنف كان خلال العام الماضي 2013، حيث بلغت ايرادات مصر السياحية 5.9 مليار دولار، بانخفاض بلغت نسبته 41% عن عام 2012 ".

وحسب وحدة الحسابات الفرعية في وزارة السياحية، حققت مصر دخلا سياحيا خلال 2012 بلغ 10 مليارات دولار، مقابل 8.8 مليار دولار خلال 2011.

وقالت مستشار وزير السياحة إن التراجع في الإيرادات لم يكن وليد تدني حركة السفر الوافدة إلى مصر وحسب، بل لتراجع متوسط الانفاق على مدار الثلاث سنوات، مقابل عام الذروة السياحية 2010، حيث وصل متوسط إنفاق السائح في مصر 87.2 دولار في الليلة.

وأوضحت أن متوسط إنفاق السائح انخفض إلى أقل مستوياته خلال العام الماضي، حيث وصل إلى 62.8 دولار في الليلة للفرد، مقابل 72.2 دولار خلال 2012 و76.2 دولارا في 2011.

ويقول عادل زكي، رئيس لجنة السياحة المستجلبة في غرفة وكالات السفر وشركات السياحة المصرية، إن التدني في الإنفاق كان أكثر وضوحا في السياحة الشاطئية التي تمثل 98% من إجمالي الحركة الوافدة إلى مصر، بينما لا يزال إنفاق السائح الثقافي مستقرا عند 100 دولار لليلة.

 وتتركز السياحة الترفيهية على شاطئ البحر الأحمر في جنوب سيناء ومحافظة البحر الأحمر شرق البلاد، حيث تضم الأولى 62 ألف غرفة، والثانية 69 ألف غرفة من إجمالي 225 ألف غرفة عاملة في مصر.

ويبلغ عدد الغرف الفندقية في القاهرة 30 ألف غرفة، يتواجد أغلبها على ضفاف نهر النيل في وسط العاصمة المصرية، والباقي يتوزع على منطقة الاهرامات غرب العاصمة وبجوار مطار القاهرة الدولي شرق القاهرة، حيث يقوم على سياحة الترانزيت.

وتعوّل مصر على قطاع السياحة في توفير نحو 20% من العملة الصعبة سنوياً، فيما يقدّر حجم الاستثمارات في القطاع بنحو 68 مليار جنيه (9.8 مليار دولار)، حسب بيانات وزارة السياحة.

وقال إلهامي الزيات، رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، إن سياسة حرق الأسعار تصعب من رفع الأسعار مجددا مع معاودة الحركة الوافدة نشاطها وارتفاع تكلفة التشغيل.

ويرى الزيات أن الفنادق المصرية لا تستطيع رفع سعر خدماتها السياحية في الوقت الحالي، ما لم يكن هناك طلب متنام ٍ عليها بأكثر من 15% كل 6 شهور.

وفى شمال شرق مصر في قطاع نوبيع طابا قال هاني جاويش، وهو مالك فندق فئة 4 نجوم، إن تدني حركة السفر إلى المنطقة، أجبر أصحاب الفنادق على خفض سعر الإقامة للفرد في الليلة للغرفة إلى 130 جنيها (18.7 دولار)، وهو سعر متدنّ ٍ مقابل تكلفة التشغيل.

وطالب عمرو صدقي، مالك شركة لإدارة الفنادق، بضرورة وضع ميثاق شرف بين الفنادق في مصر يجبر شركات الإدارة على عدم خفض سعر الإقامة عن 100 دولار للفندق فئة 5 نجوم، على أن يكون لها حق بيع غرفها فوق ذلك السعر.

الدولار = 6.95 جنيه مصري.

المساهمون