البث غير القانوني يفرض نفسه على الاقتصاد اللبناني

أكثرُ من مليوني مستخدم على كامل الاراضي اللبنانية، يسدد واحدهم شهرياً ما يقارب 18 الف ليرة لبنانية (12 دولاراً) لمشاهدة الفضائيات، والقنوات التلفزيونية العالمية.

واقع فرض نفسه بعد غياب الدولة عن القيام بواجبها، وتنظيم هذا القطاع إسوة بباقي دول العالم، تاركة الامر الى بعض التجار المدعومين من قبل الاحزاب السياسية لتقاسم كعكة البث الفضائي.

عمل غير قانوني

منذ عام 1996، وقطاع توزيع البث الفضائي يعمل خارج اطر القانون، بعد قرار الدولة اللبنانية منع بث المحطات التلفزيونية والإذاعية غير المرخصة، فتوجهت حينها أنظار المشاهدين اللبنانيين الى البث الفضائي، لكن ارتفاع تكلفة الحصول على الصحون اللاقطة للاقمار الاصطناعية، والاشتراكات الخاصة بالمحطات، ساهم في فتح باب جديد للتجارة، يتعلق بتوزيع البث الفضائي عن طريق محطات غير شرعية.

وعمد بعض الشباب التابعين بمعظمهم لأحزاب سياسية في المناطق السكنية الى افتتاح محطات لتزويد اللبنانيين بحق مشاهدة القنوات الفضائية، ومنذ ذلك الوقت، انتشرت في لبنان هذه التجارة المربحة، حيث وصلت نسبة المشاركة في الستالايت الى اكثر من مليوني مشترك على جميع الاراضي اللبنانية بحسب محمد الخطيب أحد وكلاء شركات البث الفضائي.

حرمان الخزينة

مليونا مشترك يسدد واحدهم شهرياً ما يقارب 18 الف ليرة لبنانية، أي ما يعادل 12 دولاراً شهرياً، حيث تتفاوت الاسعار من منطقة الى أخرى، ففي العاصمة بيروت يتراوح الاشتراك ما بين 15 الف ليرة (10 دولارات) و20 الف ليرة (17.5 دولاراً) شهرياً في الاحياء والمناطق الشعبية والفقيرة، أما بالنسبة الى الاحياء الراقية فتصل قيمة الاشتراك الى 30 الف ليرة لبنانية أي (20 دولاراً).

اما في ضواحي العاصمة، فيراوح الاشتراك الشهري ما بين 10 آلاف ليرة (7.5 دولارات تقريباً) و15 الف ليرة (10 دولارات).

وفي المناطق الريفية أو البعيدة نسبياً عن العاصمة، لا يتعدى السعر 10 آلاف ليرة لبنانية نظراً لوجود صلات القرابة بين موزع الكابلات وسكان المنطقة، بحيث يوجد داخل كل قرية ريفية محطة واحدة تغذّيها.

بالارقام، هناك مليونا مشترك تقريباً في محطات توزيع البث الفضائي، يسدد واحدهم 18 الف ليرة شهرياً كمعدل وسطي لجميع المناطق اللبنانية، فيصبح مجموع ما يدفع شهرياً لاصحاب المحطات 36 مليار ليرة لبنانية (24 مليون دولار)، بمعدل سنوي يصل الى 432 مليار ليرة لبنانية سنوياً أي (288 مليون دولار).

هذه الاشتراكات يدفعها اللبناني لشركات تعمل خارج أطر القانون وفي ظل غياب الدولة اللبنانية عن القيام بواجباتها الاساسية في توزيع البث الفضائي على اللبنانيين، واستفادة الخزينة مما يمكن ان يدره هذا القطاع من ارباح.

غرافيك أنس عواد

التجارب الاخرى

 لفت وكيل إحدى شركات البث الفضائي محمد الخطيب الى أن غياب تنظيم الدولة اللبنانية لهذا القطاع ساهم في حرمان الخزينة من عائدات تقدر بملايين الدولارات بسبب غياب القوانين المرعية لهذا القطاع من جهة، ومشاركة الطبقة السياسية في تجارة البث الفضائي غير الشرعي من جهة اخرى.

وقال لـ"العربي الجديد": رفعت بعض محطات البث الفضائي دعاوى قضائية ضد العديد من موزعي الكابلات الذي يستغلون غياب التنظيم في القطاع ويوزعون حق البث الى المشتركين لقاء مبالغ مالية، لكن الدعاوى حتى اليوم لم يبت بها".

وأضاف:" طالبنا مراراً الحكومات اللبنانية بتنظيم هذا القطاع، وأن تتحمل الدولة مسؤولياتها في هذا المجال، إسوة بباقي دول العالم، إذ إن لبنان الوحيد بين دول الشرق الاوسط الذي تنتشر فيه تجارة البث الفضائي أو الستالايت بطريقة غير مشروعة".

وتابع "قدمنا طروحات عديدة لمشاركة القطاع العام، وتقديم المعدّات والآليات وتجهيز البنى التحتية للبث الفضائي، على أن تقوم الدولة بتنظيم عملية الاشتراك لكل مستخدم وأن يتم تسديد الاشتراك لصالح الخزينة، حيث يساهم ذلك في تغذية الخزينة بإيرادات مالية تساهم في سد العجز من جهة، وتخفف عن المواطن قيمة الاشتراك بحيث لا يدفع هذه المبالغ الطائلة شهرياً، لكن مطالبنا لم تلاق آذاناً صاغية بسبب القوى السياسية".

كلفة انطلاق العمل

تصل تكلفة تركيب كابل غير شرعي الى 150 الف ليرة (100 دولار)، وتحسب القيمة نظراً لقرب المشترك عن محطة التوزيع أوبُعده، ويسدد المشترك شهرياً ما يقارب 18 الف ليرة (12 دولاراً).

وتحتاج محطة توزيع  البث الفضائي الى صحن لاقط بقيمة 7500 ليرة (5 دولارات) وجهاز استقبال تصل قيمته الى 150 الف ليرة (100$) وشريط كابل بسعر لايتعدى 6000 ليرة لبنانية (4 دولارات) بالاضافة الى اشتراك سنوي للمحطات المشفرة يصل الى 1500 دولار، وبالتالي تجهيز محطة توزيع بث فضائي لا تحتاج الى رأس مال يتعدى مليوني و400 الف ليرة أي 1600 دولار أميركي.