عودة المصريين من ليبيا تفاقم أزمة البطالة

عودة المصريين من ليبيا تفاقم أزمة البطالة

06 اغسطس 2014
مصريون عائدون من ليبيا (الأناضول/getty)
+ الخط -
يبدو أن مصر على موعد جديد مع تفاقم معدلات البطالة، في ظل هرولة العاملين في ليبيا إلى مغادرتها مع انتشار شظايا النزاع المسلح، ما يزيد الضغوط على اقتصاد مصر المتأزم بفعل الاضطرابات السياسية المتواصلة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وحسب تصريحات للسفير الليبي في القاهرة محمد فايز جبريل، مطلع أغسطس/آب الجاري، فإن نحو 1.6 مليون مصري متواجدون في ليبيا سواء للعمل أو الإقامة.

وساءت الأوضاع الأمنية في ليبيا منذ بداية العام الجاري، وتزايدت عقب نشوب نزاع مسلّح منذ 3 أسابيع تقريباً، بين مليشيات موالية للجنرال المنشقّ خليفة حفتر، وقوات تابعة للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) والثوار الليبيين.

وقال رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج بالاتحاد المصري للغرف التجارية حمدي إمام، في تصريحات هاتفية مع مراسل "العربي الجديد" في القاهرة، إن عودة العمالة المصرية ستفاقم حتماً مشكلة البطالة التي تعانيها مصر في الوقت الحالي.

وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي في مصر، فإن إجمالي القوى العاملة تجاوز في يوليو/تموز الماضي 26 مليون شخص، تبلغ نسبة البطالة بينهم 13.4 في المئة، بما يقارب 4 ملايين شخص.

وتوقع رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج ارتفاع مستويات البطالة خلال الفترة المقبلة جراء تدفق العمالة المصرية الموجودة في ليبيا.

وقال "نحن على موعد مع أزمة حقيقية إذا لم تتدخل الدولة بحلول سريعة لاستيعاب هذه العمالة عبر تحفيز رجال الأعمال على ضخ استثمارات جديدة". وأشار إلى أن جميع المؤشرات تؤكد أن العمالة المصرية في ليبيا تتجاوز المليون عامل.

ويشهد الاقتصاد المصري تراجعاً في معدلات نموه وتدنياً في الاستثمارات الجديدة بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية ومخاوف المستثمرين من عدم الاستقرار.

وزادت حدة الاضطرابات في مصر في أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز بعد عام واحد من وصوله للحكم عبر أول انتخابات رئاسية تشهدها البلاد.

وتنظر قطاعات من المصريين، إلى أن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيراً للدفاع خلال الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، سيقود البلاد نحو الاستقرار لاسيما اقتصاديا، لكن الخطوات التي اتبعتها حكومة إبراهيم محلب نحو إسناد العديد من المشروعات الكبرى للجيش تثير قلقا متزايدا لدى المستثمرين من سيطرة المؤسسة العسكرية على اقتصاد البلاد.

وتنامى نفوذ الجيش المصري، في الاقتصاد، منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي أطاحته ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حيث جمع أنشطة اقتصادية واسعة في مجالات متنوعة، من بينها شركات إنشاءات، وأغذية، وتعبئة مياه، ومحطات وقود، ولكن لم يكن مسموحاً الحديث عن أنشطته وأمواله في الفترات السابقة للثورة.

وقال عضو في مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إن "خطوات النظام الحالي تجاه المستثمرين لا تبعث على الارتياح، لم نر حتى الآن أي اتجاه لتعزيز الاستثمارات وتشجيعها وبالتالي تشغيل المزيد من الأيدي العاملة.. كل ما يشغل ذهن النظام هو كيف يحصل على الأموال سواء من المستثمرين والشعب على حد سواء".

وكانت الرئاسة المصرية قد أعلنت في يوليو/تموز الماضي عن تدشين صندوق باسم "تحيا مصر" لجمع التبرعات من المصريين ورجال الأعمال لدعم الاقتصاد، فيما قال السيسي الذي يشرف على الصندوق إنه يستهدف جمع 100 مليار جنيه.

وتهاوت إيرادات مصر من السياحة التي تستوعب أعداد كبيرة من العمالة، منذ الإطاحة بمرسي، لتصل إلى 5.9 مليارات دولار في 2013، مقابل 10 مليارات دولار في العام السابق، فيما تمثل ثالث أكبر مصدر دخل بعد الصادرات وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وينظر مسؤولون مصرفيون إلى أن عودة العمالة في الخارج، لاسيما من ليبيا، في ظل الظروف الحالية سيتسبب في أزمات كبيرة بالبلاد، فالأمر لا يقتصر على إيجاد فرص بديلة لهم محلياً، وإنما ستفتقد مصر جزءاً ليس بالقليل من تحويلات العملة الصعبة من الخارج كانت ترسله هذه العمالة.

وقال مسؤول مصرفي، طلب عدم ذكر اسمه، إن تحويلات المصريين في الخارج ساعدت بشكل كبير على مدار السنوات الماضية في دعم اقتصاد مصر وعدم انزلاقه للهاوية، حيث استمر نشاط عدة قطاعات مثل البناء والتشييد الذي يستوعب عمالة كبيرة بالبلاد، ولولا هذه التحويلات وضخها في هذا النشاط لتعرضت البلاد للانهيار اقتصادياً.

وأضاف: "نحن أمام مأزق حقيقي، فلا بد أن يكون هناك بدائل لاستيعاب العمالة الهاربة من الموت في ليبيا.. أرى أنه ينبغي أن يبرم النظام المصري اتفاقات مع دول الخليج لاستيعاب عدد أكبر من العمالة المصرية طالما أن الوضع حاليا في مصر لا يسمح بتوظيفها".

لكن رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج، قال إن الطلب على العمالة المصرية تراجع 50 في المئة خلال السنوات الثلاث الأخيرة جراء تدني الكفاءة لدى المصريين وتقليص عدة دول خليجية لهم.

وأشار إلى أن اتجاه بعض الدول، مثل السعودية والإمارات والكويت، إلى استبدال العمالة الأجنبية بعمالة سعودية سيقلص حتما فرص العمالة المصرية هناك.

وأضاف "هذه الدول لا تلجأ حالياً للعمالة المصرية، إلا في أضيق الظروف وفي حالات التخصصات النادرة، وفيما عدا ذلك يجري اللجوء إلى العمالة الرخيصة من جنوب شرق آسيا خاصة الهند وبنجلاديش وباكستان". 

وقال عبد الحميد الخولي، عامل مصري، استطاع العودة إلى مصر عبر منفذ السلوم البري غرب، إنه استغرق 4 أيام في الأراضي الليبية بين مدينة طرابلس ومنفذ السلوم.

وأضاف أنه دفع أكثر من 400 دينار ليبي للوصول إلى منفذ السلوم البري في حين لا تتعدى المصروفات في الأوقات الطبيعية نحو200 دينار.

وقال "شاهدت الموت بعيني في الأراضي الليبية، وزملائي الذين ساروا للعبور إلى الأراضي التونسية تعرضوا للضرب والسرقة من المليشيات المسلحة، ورجع بعضهم مرة أخرى إلى طرابلس بعد مضىي 10 أيام دون أمل في العبور".

وذكر أن هناك أكثر من 40 ألف عامل مصري على الحدود الليبية الغربية ينتظرون العبور إلى تونس.

وكانت وزارة الطيران المدني المصرية قد سيرت أربع رحلات يومياً إلى مطار جربا في تونس لنقل العمالة العالقة بالأراضي التونسية.

دلالات

المساهمون