أمازون تبدأ فصلاً جديداً من معركتها في فرنسا

أمازون تبدأ فصلاً جديداً من معركتها في فرنسا

03 مايو 2020
تستحوذ أمازون على 36% من التسوق الإلكتروني بفرنسا(فرانس برس)
+ الخط -
كان من المفترض ألا يتجاوز إغلاق "أمازون"، في فرنسا، أكثر من 5 أيام، تقوم خلالها بما يطلبه منها القضاء الفرنسيّ ومصلحة تفتيش العمل بتحسين ظروف العمل خلال أزمة كورونا للمشتغلين في مراكزها، عبر تزويدهم بالمعدات الوقائية اللازمة وتقليل الاحتكاك بينهم لتجنب العدوى.

لكن الشركة الأميركية، التي أغلقت مراكز توزيعها في كافة أنحاء البلاد، يوم 16 إبريل/نيسان الماضي، بناءً على قرار قضائي، لم تفتح أبوابها حتى اليوم، بل أعلنت تمديد الإغلاق حتى 5 مايو/أيار الحالي، وذلك في أعقاب خسارتها القاسية لطعن تقدّمت به أمام محكمة الاستئناف في فرساي، جنوب غرب باريس، لإعادة النظر في قرار الإغلاق الأوّلي.

وشكّل قرار محكمة الاستئناف انتصاراً للنقابات العمالية، حيث دعا الشركة إلى تقييم مخاطر أزمة كورونا على موظفيها والحدّ من نشاطها خلال فترة الوباء، محدداً مبلغ 100 ألف يورو كغرامة على كل مخالفة تقوم بها الشركة.

وصاغت المحكمة قائمة بالمنتجات التي يمكن للشركة العمل على بيعها وإيصالها خلال فترة العزل، وتضمن الأطعمة والمشروبات والمستحضرات الدوائية وتلك الخاصة بالصحة والجسد والنظافة، إضافة إلى المنتجات الإلكترونية والمكتبية والمنتجات الخاصة بالحيوانات.

وكانت النقابات تقدّمت بدعوى ضد الفرع الفرنسي للشركة احتجاجاً على رغبته في استكمال العمل بشكل طبيعي خلال العزل الذي تعيشه فرنسا للحدّ من الوباء، وذلك من دون توفير الشروط الوقائية الكافية للعمال.
وحثت النقابات العمّال على ممارسة حقهم في التوقف عن العمل تجنباً للإصابة بالفيروس، وهو حقّ يحفظه القانون الفرنسي للعاملين الذين يثبتون أن ظروف عملهم تهدد حياتهم بالخطر.

وتقدّمت ثلاث نقابات أساسية للمشتغلين لدى "أمازون"، بمقترح لاستئناف العمل تدريجياً في مراكز التوزيع الخاصة بالشركة.
وقالت "الكونفدرالية العامة للشغل"، و"الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للشغل" و"سود"، في بيان مشترك، إن العودة إلى العمل يجب أن تتم على مرحلتين، تستمر الأولى 10 أيام، ويجري خلالها استئناف العمل بشكل "محدود وبأعداد موظفين مخفّضة وبتنظيم للعمل تجري إعادة النظر فيه".

أما المرحلة الثانية، والتي تقترح النقابات أن تبدأ بعد أسبوعين من الأولى، فتستمر شهراً، ويجري خلالها استخلاص العبر من تجربة المرحلة الأولى، ومناقشتها مع الإدارة للوصول إلى تصوّر يسمح باستئناف النشاط بشكل كامل.

من جهته، قال مدير "أمازون" في فرنسا، فريدريك دوفال، إن المشكلة الأساسية لا تكمن في حماية الموظفين، الذين يستفيدون، بحسبه، من مراكز عمل "آمنة"، بل هي تكمن في عدم رغبة "المنظمات النقابية في الانخراط في عملية التشاور المعقدة مع اللجنة الاجتماعية الاقتصادية" الخاصة بالشركة.

وفي جلسة استماع له أمام أعضاء اللجنة الاقتصادية في مجلس الشيوخ الفرنسي، عقدت الشهر الماضي، انتقد دوفال قرار القضاء، قائلاً إن الغرامات الملوّح بها قد تكلف شركته "مخالفات تُحسب غالباً بمليارات اليورو كل أسبوع".

ويُظهر استماع مجلس الشيوخ إلى دوفال مدى الأهمية التي بات يأخذها الصراع بين "أمازون" من ناحية، والنقابات ونظام العمل والقضاء الفرنسيين من ناحية ثانية.
وكانت الحكومة قد تدخلت بدورها في هذا الصراع عبر حثّها "أمازون"، على لسان وزير الاقتصاد، برونو لومير، على الالتزام بالتعليمات الصحية وعدم الضغط على موظفيها.

وتستحوذ أمازون على 36% من سوق التسوق الإلكتروني في فرنسا، ويصل عدد الموظفين الثابتين في مراكزها إلى 10 آلاف.

ورغم إغلاق مراكز الشركة أبوابها، إلا أنها ما تزال مستمرة في توصيل الطلبات والمشتريات إلى زبائنها الفرنسيين، حيث تستخدم مراكز توزيعٍ واقعة في البلدان المجاورة لفرنسا، والتي لا تواجه فيها متاعب قضائية.

وتظهر الشركة الأميركية مرونة في الالتفاف على الصعوبات القضائية التي تواجهها في بلد مثل فرنسا، وفي إيجاد سبل لاستكمال النشاط رغم كل المعوقات، وهو ما يصبّ في صالح سياستها التجارية التي تفتخر بها، والقائمة على "خدمة" الزبائن تحت أي ظرف كان.

المساهمون