الحكومات تمنح الأولوية لأمن الإمداد قبل الاعتبارات الاقتصادية والبيئية

الحكومات تمنح الأولوية لأمن الإمداد قبل الاعتبارات الاقتصادية والبيئية

20 يوليو 2019
الغاز الطبيعي هو أنظف مصادر الطاقة الأحفورية (Getty)
+ الخط -
قال تحليل اقتصادي صدر اليوم، إن الحكومات غالباً ما تمنح الأولوية لأمن الإمداد، لا الاعتبارات الاقتصادية أو البيئية في قراراتها، منوهاً بأن زيادة استخدام الطاقة المتجددة غالباً ما تكون منطقية من منظور تأمين الإمدادات والاقتصاد والبيئة.

ويعني مفهوم "أمن الإمداد" في الأساس القدرة على توفير الكهرباء، في ظل مجموعة واسعة من الأوضاع الاقتصادية والمناخية والجيوسياسية.

ووفقاً للتحليل الصادر عن بنك قطر الوطني اليوم، ونشرته وكالة الأنباء القطرية "قنا"، فإن هناك عدداً من الأمثلة الرئيسية على تغليب أمن الطاقة على الخيارات الأخرى، منها استجابة اليابان لكارثة "فوكوشيما دايتشي" النووية عام 2011، عندما أغلقت البلاد محطاتها النووية الأخرى لإجراء اختبارات السلامة، واضطرت إلى زيادة الاعتماد على محطات الطاقة التي تعمل بالغاز للحفاظ على أمن الإمداد.

أيضاً وفقاً للتحليل، استجابة ألمانيا لكارثة "فوكوشيما" بالإغلاق التدريجي لمحطاتها النووية على الرغم من عدم تعرضها لخطر التسونامي، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في استخدام محطات الطاقة القديمة التي تعمل بالفحم.


كما واصلت بولندا الاعتماد على محطات توليد الطاقة، التي تعمل بالفحم لتوليد غالبية إنتاجها من الكهرباء حتى لا تعتمد على الغاز الروسي، ورابع هذه الأمثلة اعتماد الصين على الفحم لتحقيق معظم النموّ الكبير الذي حققته خلال العقد الماضي.

ويضيف التقرير أن هناك بعض النماذج الرائدة التي تحاول الدمج بين البعد الأمني والأبعاد الاقتصادية والبيئية، مثل تجربتي ألمانيا وولاية كاليفورنيا الأميركية، إذ إن حصة مصادر الطاقة المتجددة فيهما كبيرة للغاية، ويتم إنتاج كل الكهرباء اللازمة في الأيام المشمسة والعاصفة خلال الصيف، ومع ذلك، فإنهم يكونون بحاجة إلى الوقود الأحفوري لتوفير الطاقة في الليل وخاصة خلال أشهر الشتاء.

وأشار التحليل إلى أنه من المتوقع مواصلتها إحراز تقدم بشأن التحدي المتمثل في زيادة الحصة الفعّالة للطاقة المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة، ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى الوقود الأحفوري لموازنة الطلب على توفير الطاقة، مكمّلاً للطاقة المتجددة حتى في هذه البلدان الرائدة.

الغاز الطبيعي بديل آمن

وأوضح البنك في تحليله، أن هناك عدداً من المعوقات ما زالت تواجه التحول الكامل للطاقة المتجددة، منها أن مصادرها مثل الألواح الشمسية وغيرها لا ينبعث منها غاز ثاني أكسيد الكربون مباشرة عندما تنتج الطاقة، ولكن تصنيع وتثبيت وتشغيل وصيانة مصادر الطاقة المتجددة تؤدي بشكل غير مباشر إلى انبعاثات يجب أخذها في الاعتبار.

أما التحدي الثاني فهو أنه، على الرغم من التقدم السريع في تخفيض التكاليف، تظل مصادر الطاقة المتجددة أعلى تكلفة من الوقود الأحفوري في غالبية البلدان والمواقع، وخاصة عند المقارنة مع البنية التحتية القائمة، وثالثاً أن موازنة التحميل اليومية لشبكة الطاقة تصبح أكثر صعوبة كلما ازدادت حصة الكهرباء الناتجة عن مصادر الطاقة المتجددة.

أما التحدي الرابع وفقاً للتحليل، فيكمن في أن أهمية موازنة الحمولة الموسمية تزداد مع إنتاج قدر أكبر من الطاقة الشمسية في الصيف مقارنة بفصل الشتاء، في حين يبلغ الطلب على الطاقة لتوليد الكهرباء وللتدفئة ذروته في فصل الشتاء في معظم الاقتصادات الكبيرة، فيما تبرز القضية الخامسة في هيمنة الشركات الكبرى على قطاعات الخدمات العامة في معظم الدول، وأنه لدى هذه الشركات أساطيل قديمة من محطات الطاقة ومصالح خاصة، والقدرة على ممارسة الضغوط على الحكومة.


كما لفت تحليل بنك قطر الوطني إلى أن قطاع الطاقة في معظم البلدان يخضع لقواعد تنظيمية صارمة، لأن الحصول على إمداد كهربائي موثوق به ومنخفض التكلفة أمر ضروري لدعم النموّ الاقتصادي المحلي والقدرة التنافسية للصادرات.

واختتم البنك تحليله، بأنه يمكن لصانعي السياسات في جميع البلدان تقليل الانبعاثات بدرجة أكبر، من خلال دعم التحول من الفحم الضارّ بالبيئة إلى الغاز الطبيعي، الذي يعتبر إلى حدّ بعيد أنظف وقود أحفوري، وهذا يتطلب التعامل مع المصالح الخاصة في البلدان الغنية، مثل النقابات العمالية التي تقاوم وتؤخر إغلاق مناجم الفحم في ألمانيا، والتحديات الاقتصادية للبلدان الأكثر فقراً، التي تخطط لتوفير نسبة كبيرة من الطاقة لنموّها الاقتصادي باستخدام الفحم نظراً لتوافره محلياً بتكلفة اقتصادية منخفضة.