4 أهداف وراء الحظر الكامل لصادرات النفط الإيراني


4 أهداف وراء الحظر الكامل لصادرات النفط الإيراني

25 ابريل 2019
مايك بومبيو مع نظيره الياباني في واشنطن (Getty)
+ الخط -
وسط هذا الكم الهائل من المعلومات المتدفقة بشأن تداعيات القرار الأميركي بوقف كامل صادرات النفط الإيراني، تثور تساؤلات حول الأهداف الأميركية من تشديد الحظر النفطي على إيران الذي أعلن يوم الإثنين الماضي.

حسب الهدف المعلن للرئيس دونالد ترامب، فهو تحطيم إيران اقتصادياً ومالياً وتركيعها حتى تقبل التفاوض مجدداً على الاتفاق النووي "5+1"، الذي تخلى عنه، وبشروطه هو وليس شروط إيران، أو إسقاط النظام الحالي في إيران، عبر إحداث انهيار في الريال الإيراني وارتفاع التضخم والغلاء والجوع وتردّي الخدمات، وذلك وفقاً للأهداف التي أعلن عنها الرئيس الأميركي لدى إعلانه التخلي عن "الاتفاق النووي".

وتتوقع إدارة ترامب وحليفها نتنياهو، تحقيق هذا الهدف، لأن انعدام الدخل النفطي الذي يمثل أهم دعامة في الاقتصاد الإيراني ستتراكم سلبياته على معيشة المواطن. وكانت العملة الإيرانية قد انهارت إلى 150 ريالا مقابل الدولار، بعد تطبيق الحظر المالي في العام الماضي. كما شهدت طهران والمدن الكبرى احتجاجات واسعة لقرابة الشهر بسبب غلاء الأسعار.

لكن هنالك أهداف أخرى، حسب محللين دوليين بنشرة أويل برايس، وهي خدمة قطاع النفط الصخري الأميركي، الذي يواصل الانتعاش ويبحث عن أسواق للتصدير، خاصة في أسواق آسيا سريعة النمو مقارنة بالأسواق الأوروبية. وبالتالي، فإن ترامب يرغب في أخذ حصة صادرات النفط الإيرانية إلى آسيا ومنحها لشركات النفط الصخري الأميركية.

كما يستهدف كذلك منع الاستثمار في الغاز الإيراني وإنتاجه ثم تصديره مستقبلاً لأوروبا، وذلك ببساطة لأن سوق الغاز الأوروبي قريب من ناحية الجدوى التصديرية لأميركا، كما أن منافسته للغاز الروسي تخفف النفوذ الروسي على أوروبا، وهو هدف تحدّث عنه وزير الخارجية مايك بومبيو، في أكثر من مناسبة.

أما الهدف الثالث، فهو كسب ترامب الحملة الانتخابية، عبر الظهور بمظهر الرئيس القوي الذي يدافع عن أمن إسرائيل في وجه إيران التي يتهمها بالإرهاب، وبالتالي يتمكن من كسب اللوبي الإسرائيلي في حملته الانتخابية الثانية للرئاسة الأميركية في 2020.
أما الهدف الرابع والأهم فهو تنفيذ استراتيجية الهيمنة على الطاقة العالمية، وتمكين أميركا ودعم تحكمها في إمدادات النفط عالمياً وأسعاره وممراته.

ومن شأن تحقيق هذا الهدف أن يدعم من محادثاته التجارية مع الصين التي تحتاج بقوة إلى النفط الذي تستورده من إيران والدول الخليجية. وكذلك الضغط على حلفائه الآخرين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.

لكن تحقيق هذه الأهداف ربما لا يكون سهلاً، حسب هؤلاء المحللين، بسبب احتمال إضرار قرار "تجفيف دخل النفط الإيراني"، بمصالح الدول الرئيسية المستوردة للخامات الإيرانية.
وقال الخبير النفطي الأميركي سكوت موديل إن الدول الآسيوية المستوردة من النفط غاضبة من القرار الأميركي، وذلك في تصريحات نقلتها بلومبيرغ.
وحتى الآن، تبدو أسواق النفط هادئة والأسعار لم ترتفع بدرجة مقلقة، ولكن التطورات الجيوسياسية في كل من فنزويلا وليبيا وزيادة التوتر العسكري في المنطقة العربية، ربما تتفاعل لترفع أسعار النفط في المستقبل وتضر بمصالح العديد من الدول المستهلكة للطاقة في أوروبا وآسيا.
وحسب بيانات بلومبيرغ لمراقبة الشحنات النفطية، فإن الصين تعد المستورد الأكبر للنفط الإيراني، حيث تستورد 613 ألف برميل يومياً. ولدى بكين شركات تنتج النفط الإيراني وتأخذ حصة من الإنتاج ضمن صفقة "مقايضة عمليات الإنتاج بالنفط".

وكانت الشركات الصينية تستفيد من بيع هذه الشحنات التي تقارب 100 ألف برميل يومياً في السوق الصيني. والآن لا تستطيع فعل ذلك. كما أن الهند التي كانت تستورد نحو 258 ألف برميل يومياً، وتسدد قيمتها بالروبية وليس بالدولار وتحصل على حسومات، هي الأخرى ستكون خاسرة من القرار الأميركي. كما تستورد كل من اليابان 226 ألف برميل يومياً، وكوريا الجنوبية 387 ألف برميل يومياً.

وكانت جميع هذه الدول تحصل، منذ بداية الحظر الأميركي على طهران في نوفمبر/تشرين الثاني، على نفط رخيص من إيران، التي كانت تأمل في مقاومتها للقرار الأميركي.

وبالتالي، وبهذا القرار، وضع ترامب هذه الدول المستوردة للنفط الإيراني أمام خيارات صعبة، حيث إنها حرمت بواسطة قرار يخرق حرية التجارة ويتناقض مع قوانين منظمة التجارة العالمية، بدليل تصريحات المسؤول في وزارة الخارجية للشؤون الإيرانية، بريان هوك، يوم الثلاثاء، حيث قال "على هذه الدول أن تختار بين استيراد النفط الإيراني، أو المتاجرة مع أميركا، ولكن ليس الخيارين معاً".
وأضاف هوك "لا أعتقد أن في مصلحة أي من هذه الدول المخاطرة بشراء النفط الإيراني، لأنه ببساطة لا توجد جدوى من ذلك".

ويشير المسؤول هوك بذلك إلى عقوبات "الحظر الثانوي" التي سنّتها أميركا في عام 2012، والتي تحرم البنوك المركزية للدول التي تشتري النفط الإيراني أو تتاجر معها في البنود المحظورة أميركياً، من التعامل بالدولار أو المتاجرة مع السوق الأميركي.
وبالتالي، وحسب محللين، فإن القرار الأميركي بالحظر الكامل لصادرات النفط الإيراني، لا يخرق حق إيران في المتاجرة فقط، ولكنه كذلك يمس سيادة الدول الحليفة وغير الحليفة في المتاجرة مع من تريد، وفقاً لقوانين حرية التجارة التي وقّعت عليها أميركا نفسها. 

على صعيد "أوبك"، فإن القرار الأميركي يدق مسماراً في نعش المنظمة البترولية، التي أصبحت لعبة في يد ترامب يحركها وفقاً لمصالحه متى شاء. ويستغل في ذلك السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. 
وكانت السعودية قبل القرار الأميركي تسعى جاهدة لإقناع روسيا وبعض دول "أوبك"، بتمديد خفض الإنتاج حتى تتماسك أسعار النفط.

والآن، تستجيب المنظمة لدعوة ترامب بضخ المزيد من النفط، وهو ما يتعارض تماماً مع مواصلة خفض الإمدادات حتى تتمكن أسعار النفط من الارتفاع ومساعدة ميزانيات السعودية والعديد من دول "أوبك" التي تعاني من المتاعب المالية.

المساهمون