إيران خارج المنافسة عالمياً في السياحة الحلال

إيران خارج المنافسة في السياحة الحلال لغياب التسويق والخدمات

09 فبراير 2018
سائحون في حرم أحد مساجد أصفهان (ليزا تايلور/ Getty)
+ الخط -


جاء خروج إيران من الدول المستقطبة للسياحة الحلال، وفق تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي، الصادر نهاية عام الماضي 2017، بعدما كانت في سنوات سابقة تحتل المرتبة السابعة.

ومنذ عام 2014 ارتفعت عائدات ومعدلات السياحة الحلال في الدول، التي اهتمت بها باضطراد، وفي 2016 وصلت إلى 169 مليار دولار، بحسب التقرير الصادر عن مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي وبالتعاون بين مؤسستي تومسون رويترز ودينار ستاندرد للبحوث والاستشارات، ووفقا لتقرير حالة الاقتصاد الإسلامي عام 2016-2017، فإن تركيا تحتل المركز الثالث ضمن الدول التي طورت نظاماً بيئياً متوافقاً مع السياحة الحلال.

ومن المتوقع أن تصل عائدات السياحة الحلال في العالم إلى 283 مليار دولار بحلول عام 2022، لكن تواجد إيران في هذه السوق يتطلب تحقق العديد من الشروط التي تبدو صعبة في الوقت الراهن.

وكي تتحول إيران إلى وجهة للباحثين عن السياحة الحلال وغالبيتهم من العائلات المسلمة، فعليها أن تتقن الترويج والدعاية والإعلان، فضلاً عن ضرورة توفير الخدمات، وتقديم عروض خاصة بالمناسبات الإسلامية من قبيل شهر رمضان والأعياد، إضافة للاهتمام بالفنادق والنزل ولاسيما تلك الموجودة في المناطق السياحية.

وعن الأمر يقول المتخصص بالقطاع السياحي في إيران، آرمين حديقي، إن السياحة بشكل عام في بلد كإيران، تصنف كسياحة حلال، فهي ليست مفهوماً جديداً على بلاده بحسب رأيه، كونها جمهورية إسلامية، وكل ما فيها يراعي قواعد وقوانين الشرع الإسلامي.
وأضاف أن "إيران حاولت الدخول لسوق التنافس مع دول أخرى تفوقت في الترويج للسياحة الحلال، لكن خدماتها ومرافقها السياحية مازالت مجهولة لكثيرين من رواد هذا القطاع والباحثين عنه".

وفي حديثه مع "العربي الجديد"، أضاف حديقي أن تركيا مثال ناجح للغاية، لكن إيران لم تفلح في منافسة هذا البلد بحسب رأيه، مؤكداً أن المسؤولية تقع على عاتق مؤسسة السياحة الحكومية.

ومع ذلك أوضح أن المعنيين فيها وقعوا العديد من الاتفاقيات والصفقات الخاصة بقطاع السياحة الحلال والترويج له، كما جهزت إيران المزيد من الفنادق خلال السنوات القليلة الماضية، إضافة لتشكيل المعنيين في الوزارات المختلفة للجنة حكومية تشرف على تطوير ما يسمى اصطلاحاً بالخدمات الحلال.

وذكر حديقي أن كل هذه الجهود والخطط لم تتحول لواقع عملي وملموس بعد، وهو ما جعل إيران تخرج من تصنيف سوق السياحة الحلال، وأشار لوجود شركات سياحية كثيرة، محسوبة على القطاع الخاص، التي حاولت بنفسها الترويج للخدمات الحلال في إيران، بما يشد السياح المسلمين إليها، لكن هذه الجهات لا تستطيع تغيير الوضع بشكل جذري دون تدخل القطاع عام وتركيزه على تطوير هذا القطاع.

وفي معرض حديثه عن الأسباب، أشار حديقي إلى أن التسويق هو العامل الأول، فكل الخدمات في إيران إسلامية وحلال، لكن سياح العالم الإسلامي ممن يبحثون عن الترفيه واستخدام خدمات تراعي الدين الإسلامي لا يعرفون الكثير عن إيران، مؤكداً عدم وجود أرقام ومعدلات تتعلق بدراسة وضع السياحة الحلال في البلاد خلال الأعوام الفائتة.

أما المسؤول السابق في مؤسسة السياحة الحكومية ومدير إحدى الشركات السياحية مرتضى شربياني فلم يرى في الأمر فشلاً في الحقيقة، معتبراً من وجهة نظره أن معدلات السياحة بشكل عام ارتفعت في إيران مؤخراً مقارنة بسنوات ماضية.

وأشار شربياني لـ"العربي الجديد" أن عدد السياح الذين دخلوا إيران خلال عام الإيراني الجاري، الذي ينتهي في 21 مارس/ آذار المقبل، وصل إلى 6 ملايين، منهم 3 جاءوا من الدول المجاورة لبلاده، وقال إن مدينتي قم ومشهد أصبحتا وجهتين للسياحة الدينية، بل وذكر إن السياحة الحلال قد تطورت في إيران.

وينطلق شربياني في رأيه هذا من منطلق أن إيران تقدم خدمات تراعي الشرع الإسلامي في كل أنواع السياحة فيها، سواء التاريخية والثقافية أو الطبية أو الدينية، فجميعها تصنف ضمن إطار السياحة الحلال بحسب رأيه.

إلا أنه رأى أن البلاد مازالت تحتاج للمزيد من الجهود في التسويق، فالسياحة الحلال تستطيع أن ترفع عائدات إيران كثيراً خاصة من النقد الأجنبي، وهو ما سينعكس على معدلات ومؤشرات الاقتصاد كذلك، كما ذكر.

حققت السياحة الحلال في عام 2014 عائدات تقدر بـ 142 مليار دولار في كل البلدان التي تقدم خدماتها، وهو ما يعني 11٪ من معدلات السوق السياحية العالمية ككل، واستطاعت بلدان كماليزيا وتركيا أن تحققا إنجازات كبرى على هذا الصعيد.

لكن الحلقة المفقودة بحسب ما ذكرت مواقع إيرانية ترتبط بغياب بطاقة التعريف عن إيران بما يساعد بجذب السياح إليها من غير الأوروبيين ممن يهتمون بزيارة معالمها التاريخية، أو حتى من غير الشيعة ممن يتوجهون إلى مراقدها الدينية، ويشكل عدد السياح الدينيين إلى إيران 30٪ من عدد السياح ككل، بحسب بعض المواقع، والجدير بالذكر أن جذب السياح عادة يتأثر بالوضع السياسي والأمني، فكثر من الباحثين عن السياحة الحلال، يتخوفون من زيارة إيران.

في أغسطس/ آب الماضي، أعلن مكتب التنمية السياحية في إيران أن الأشهر الثلاثة الأولى من عام الإيراني الجاري، أي مارس، إبريل ومايو الماضيين، شهدت تراجعاً في أعداد السياح القادمين من العراق والدول الخليجية، مقابل ارتفاع عدد السياح الأوربيين.

ووفقاً لمساعد رئيس منظمة السياحة محمد محب خدائي فإن أكثر من 6 ملايين سائح زاروا إيران عام 2017 معظمهم جاء لزيارة مرقد الإمام الرضا، كما سافر أكثر من 9 ملايين إيراني للسياحة الخارجية بينهم 6 ملايين زاروا المراقد في العراق والنسبة الأكبر من العدد المتبقي زاروا تركيا، حيث قصدها أكثر من مليوني إيراني خلال نفس عام وفقاً لإحصاءات تركية رسمية.

وأوضح مدير مكتب التنمية السياحية عبد الرضا مهاجري نجاد أن سبب ازدياد السياح الأوروبيين، رغم تراجع معدلات السياحة ككل قليلاً، يعود للتوصل للاتفاق النووي قبل أكثر من عامين، وعقد الكثير من الصفقات مع دول من الاتحاد الأوروبي، بينما يرتبط تراجع عدد سياح المنطقة ولا سيما أولئك القادمين من دول خليجية ومن العراق بالظروف السياسية والاقتصادية في تلك البلدان وفي إيران على حد سواء.

وفي يونيو/ حزيران الفائت، أعربت مؤسسة السياحة أن وضع القطاع السياحي بعيد تماماً عن أهداف الخطة التي وضعتها البلاد في وقت سابق، والتي كانت تهدف لرفع عدد السياح في السنة الواحدة بحلول عام 2025 إلى 20 مليوناً لتحقيق إيرادات تصل إلى 30 مليار دولار سنويا من قطاع السياحة وحده، وكانت هذه المؤسسة قد أفادت أن عدد السياح الذين زاروا إيران بين الأعوام 2013 و2016، وصل إلى 19 مليوناً.

وتركز إيران حاليا على السياحة التاريخية، الدينية، السياحة الطبية وزيارة المناطق الطبيعية، حيث تمتلك 32 ألف موقع أثري تاريخي مسجلة ضمن مجموعة الآثار الوطنية، 19 منها مسجلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، كما يزور إيران سنويا 300 ألف شخص، لتلقي العلاج أو للحصول على خدمات طبية وفقا لإحصاءات رسمية.

وكانت صحيفة شرق المحسوبة على الخط الإصلاحي قد نشرت قبل 4 أعوام تقريباً مقالاً بعنوان "أملنا في السياحة الحلال"، نقلت فيه تصريحات للرئيس حسن روحاني الذي زار جزيرة كيش الواقعة جنوبي إيران والمصنفة ضمن المناطق الحرة، واعتبر خلالها أن في تلك البقعة إمكانات وخدمات مميزة، قد تساعد على تنمية السياحة الحلال في مناطق جنوبي إيران وبالقرب من المياه الخليجية، وهو ما سيزيد من عائدات السياحة ككل.

إلا أن هذا لم يتحقق عملياً حتى الآن على رغم ارتفاع معدلات السياحة نسبياً مباشرة بعد وصول روحاني إلى سدة الرئاسة في عام 2013، وتوصله للاتفاق النووي بعد عامين من هذا التاريخ.

دلالات