تونس: قانون المالية يترقب شرعيته الدستورية

تونس: قانون المالية يترقب شرعيته الدستورية

21 ديسمبر 2018
تظاهرات في العاصمة للمطالبة بزيادة الأجور الأربعاء الماضي (Getty)
+ الخط -
يترقب قانون المالية للعام المقبل في تونس الحصول على الشرعية الدستورية من الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بعد الطعن فيه من قبل المعارضة البرلمانية التي تصر على فرض وجهة نظرها وإسقاط فصول اعتبرتها منافية لأحكام الدستور ولمبدأ العدالة الجبائية، وفق تقديرها.

وتلعب الكتل المعارضة في البرلمان التونسي كافة أوراقها من أجل منع التصديق النهائي على الموازنة من قبل رئيس الجمهورية الذي يواجه بدوره ضغوطات من مهنته الأصلية (المحاماة) التي ترفض فصل الكشف عن السر المهني.

انطلقت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في نظر الطعون التي قدمها 75 نائبا من مجلس نواب الشعب، من عدد من الكتل البرلمانية (الجبهة الشعبية، ونداء تونس، والكتلة الديمقراطية) في عدد من فصول مشروع قانون المالية لسنة 2019 تعلقت أساسا بالجباية وكشف السر المهني، ما يهدد بإسقاط القانون في حال إقرار الهيئة التي تم الاحتكام إليها بعدم توافق فصول قانون المالية مع أحكام دستور تونس.

والإثنين الماضي، أودعت الكتل المعارضة بمجلس نواب الشعب عريضة الطعن في دستورية قانون المالية لسنة 2019 لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بعد أن أقرته الأغلبية البرلمانية يوم 10 ديسمبر/كانون الأول بـ113 صوتا من أصل 217 صوتا.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال عضو البرلمان غازي الشواشي إن آليات إجرائية تهدد بإسقاط مشروع قانون المالية برمته، وطعونا أخرى يمكن أن تُسقط بعض الفصول، مشيرا إلى أن القانون الذي مررته الأغلبية البرلمانية لم يحترم الضوابط المتعلقة بالقانون الأساسي للميزانية خاصة في ما يتعلق بوجود أبواب تتعلق بميزانيات الهيئات الدستورية وعدم تمكين وزارات تم إحداثها بمقتضى التعديل الوزاري الأخير الذي جرى في شهر سبتمبر/أيلول الماضي مثل وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة.

وأضاف الشواشي أن الطعن شمل أيضا الفصل 33 المثير للجدل والمتعلق بفرض كشف السر المهني الذي ينص على أنه "يمكن لمصالح الجباية طلب المعلومات المتعلقة بالخدمات المسداة من قبل الأشخاص المحمول عليهم قانونا الاعتصام بواجب المحافظة على السر المهني باستثناء الوثائق والمعلومات المتبادلة بين المعنيين بالأمر وحرفائهم في إطار تقديم استشارة قانونية أو قضية منشورة أو مزمع نشرها أمام القضاء أو تمّ الحكم فيها، وكذلك طبيعة الخدمة بالنسبة للمهن الطبية والصيدلية".

وأضاف الشواشي أن فصولا أخرى شملها الطعن على غرار الفصل الذي يمنع التعامل "نقدا" إذا تجاوز المبلغ 5 آلاف دينار في العقود المبرمة ومنع ترسيم كل العقود التي تفوق هذا المبلغ في سدادها نقدا، مشيرا إلى أن منع ترسيم هذه العقود يمس حق الملكية المكفول بالدستور.

ومنذ المصادقة على قانون المالية، يشنّ عدد من القطاعات احتجاجات على إجراءات مضمنة في القانون المذكور على غرار المحامين والأطباء والخبراء المحاسبين.

ويرى الخبير الاقتصادي بلحسن الزمني أن التهديد بإسقاط قانون المالية يزيد من قتامة المشهد الاقتصادي، معتبرا أن اقتصاد تونس يواصل للعام التاسع دفع ضريبة عدم التوافق السياسي وغياب التجانس بصلب البرلمان.

ولفت في تصريحه لـ"العربي الجديد"، إلى أن غياب النقاش المعمق حول القانون الذي كان يفترض أن يتم في اللجان البرلمانية يضع قانون المالية اليوم في دائرة الخطر، مشيرا إلى أن الاستشارات حول القانون كان يفترض أن تستغرق مدة أطول لتفادي الطعون والاحتجاجات القطاعية التي تتكرر سنويا.

ويجد موقف المعارضة البرلمانية من قانون المالية مساندة من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي انتقد في بيان له الخميس تدنّي مستوى الشفافية والمصداقية في مسار إعداد الميزانية، وهو ما تبيّن من خلال الحجب المتعمّد للعديد من المعطيات والمؤشّرات الأساسية على غرار سعر صرف الدينار فضلا عن الارتفاع غير المسبوق في النفقات الطارئة غير الموزّعة، مسجلا غياب التشاور والتشاركية في إعداد هذه الميزانية وفق البيان.

وجدّد اتحاد الشغل تمسّكه بالمطالب والمقترحات التي سبق أن تقدّم بها وتتعلق بالتدقيق في منظومة الدعم والمديونية والمالية العمومية ومنظومة دعم التشغيل والتكوين المتسمر ككل،ّ مؤكدا دعمه للطعن الذي تقدّم به بعض أعضاء مجلس نوّاب الشعب لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بخصوص جملة الفصول المتنافية مع مبدأ العدالة الجبائية الذي أقرّه الدستور.

المساهمون