وزير الاقتصاد القطري: كسرنا الحصار من خلال خطط استباقية

وزير الاقتصاد القطري: كسرنا الحصار من خلال خطط استباقية وضعناها منذ سنوات

22 سبتمبر 2017
قطر استفادت من الحصار لسد الثغرات الاقتصادية (Getty)
+ الخط -

أكد وزير الاقتصاد والتجارة القطري، الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني، في بيان صدر اليوم، أن الاقتصاد القطري أثبت قوته وصموده أمام العديد من التحديات العالمية التي امتدت آثارها لكبرى اقتصاديات الدول المتقدمة، وأن الدوحة استطاعت كسر الحصار من خلال خطط استباقية. 

وشدد على أن الأزمة الراهنة لا تمثل إلا مرحلة جديدة في مسيرة ترسيخ مكانة دولة قطر على خارطة الاقتصاد العالمي، وتحقيق استقلالها وأمنها الاقتصادي، خاصة أنه على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحصار غير القانوني المفروض على دولة قطر، والذي يهدف إلى تقويض موقفها كدولة مستقلة اقتصادياً وذات سيادة، إلا أنها نجحت في تعزيز قوتها واستقلاليتها أكثر من أي وقت مضى.

وجاء هذا التصريح خلال مشاركة وزير الاقتصاد في الجلسة الحوارية، التي نظمها مجلس الأعمال للتفاهم الدولي في نادي هارفارد بمدينة نيويورك، تحت عنوان" الاقتصاد القطري في ظل الحصار الراهن والمستقبل"، وذلك على هامش مشاركة دولة قطر في الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ووفقا لبيان صادر اليوم ونقلته وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن وزارة الاقتصاد والتجارة، فقد شهدت الجلسة الحوارية مشاركة نخبة هامة من صناع القرار والرؤساء التنفيذيين وكبار المسؤولين الدبلوماسيين.

استراتيجيات وخطط استباقية

وأوضح الوزير، وفق قنا، أن دولة قطر تمكنت في ظل التوجيهات السديدة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، من كسر الحصار عبر تفعيل استراتيجياتها وخططها الاستباقية، التي وضعتها منذ سنوات طويلة، للتصدي لأية أزمات محلية أو عالمية.

ولفت إلى دور وزارة الاقتصاد والتجارة والجهات ذات العلاقة في وضع وتنفيذ هذه الخطط،

مؤكدا أن هذه الجهود ساهمت في المحافظة على استمرار الحياة اليومية في دولة قطر بشكل طبيعي من خلال إيجاد أسواق بديلة عن دول الحصار، لاستيراد السلع والخدمات إلى الدولة.

وأفاد وزير الاقتصاد والتجارة بأن دولة قطر تعمل حاليا على استحداث الآليات اللازمة لتقليل التكاليف وتحسين السرعة والمدة الزمنية والكفاءة المطلوبة عند استيراد السلع والخدمات، منوها إلى أن الحصار ساهم في تسريع وتيرة إطلاق المبادرات والبرامج والقوانين، وخاصة المتعلقة بتحفيز الاستثمار.

وأوضح أن الإجراءات التي فرضتها دول الحصار كان لها أثر إيجابي على الاقتصاد، حيث نجحت الدولة في إنشاء طرق تجارية بديلة ومباشرة مع عدد من المناطق الاستراتيجية في جميع أنحاء العالم وذلك في غضون بضعة أيام من فرض الحصار على دولة قطر.

وتابع أنه بعد الإغلاق التعسفي لمعبر الحدود البري الوحيد فيها، استفادت الدولة من مطار حمد الدولي الذي يعد من أفضل مطارات العالم لضمان حركة الطيران والبضائع بوتيرة طبيعية لأكثر من 150 وجهة حول العالم، عبر الخطوط الجوية القطرية، الطيران الأفضل على مستوى العالم.

وتطرق إلى مشروع ميناء حمد الذي تم افتتاحه رسميا في وقت سابق من الشهر الجاري، لافتا إلى أن هذا المشروع الذي تقدر تكلفته بنحو 7.4 مليارات دولار، قادر على استيعاب ما يصل إلى 7.5 ملايين حاوية سنويا، ومشيرا إلى أن دولة قطر تمتلك كافة الإمكانيات اللوجستية اللازمة لاستيراد السلع مباشرة بما يعزز مكانتها كنقطة عبور للتجارة في منطقة الشرق الأوسط.

استقرار تدفق السلع

وفي السياق ذاته، لفت الوزير، وفق قنا، إلى أن افتتاح مشروع ميناء حمد، يأتي كجزء من

استراتيجية أوسع تهدف إلى ضمان استمرار تدفق السلع والمنتجات الاستهلاكية البديلة إلى الأسواق المحلية، بنفس المستوى الذي كانت عليه قبل حدوث الأزمة، مؤكدا أن الدولة استطاعت بالفعل من خلاله، تخفيف التبعات السلبية المباشرة للحصار، كما أن المشروع سيجعل من دولة قطر مركزا تجاريا مهما في المنطقة.

في معرض حديثه عن الاقتصاد القطري، سلط آل ثاني الضوء على تقرير صندوق النقد الدولي الذي أكد أن القطاع المصرفي القطري ما يزال قويا، حيث يتمتع بأصول عالية الجودة ورسملة قوية، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار وافق على استراتيجية التنمية الوطنية الثانية، التي تتسم بزيادة التركيز على تنويع النشاط الاقتصادي. 

وأضاف أن صندوق النقد الدولي أكد أنه على الرغم من ارتفاع تكاليف النقل والسلع الغذائية فقد ظل التضخم الكلي محدودا بنسبة 0.8% خلال شهر يونيو/حزيران و0.2% في شهر يوليو/تموز على أساس سنوي مقارن.
 

وأوضح أن الرؤية والقيم التي وضعتها دولة قطر لعبت دورا رئيسيا في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على تجاوز الصعوبات التي فرضتها دول الحصار، مبينا أن الناتج المحلي لدولة قطر حقق نموا بنسبة 2.5% خلال الربع الأول لعام 2017 مقارنة بتقديرات الربع الأول لعام 2016، وذلك بالأسعار الثابتة لسنة الأساس 2013. 

مميزات بيئة الأعمال

وبشأن مميزات بيئة الأعمال في دولة قطر، فقد أشار الوزير إلى أن الموارد الطبيعية الضخمة، التي بُنيت على إيرادات صادرات الغاز الطبيعي، ساهمت في دعم قوة الاقتصاد القطري ومساعدته على الصمود أمام الإجراءات التعسفية التي اتخذتها دول الجوار

، لاسيما بعد إعلان دولة قطر عزمها زيادة إنتاجها من الغاز بنسبة 30%. 

وأضاف أن الدولة وضعت سياسات اقتصادية مرنة ساهمت في تعزيز سهولة ممارسة الأعمال من خلال تدشين مكتب "استثمر في قطر"، الذي يعنى بتسهيل كافة الإجراءات على المستثمر الأجنبي وتوفير سبل الدعم في كافة المراحل الاستثمارية، إضافة إلى توفير خدمات إلكترونية متطورة لتأسيس الأعمال علاوةً على توفير مناطق اقتصادية ولوجستية تلبي كافة احتياجات المستثمر.

وأفاد بأنه يجري الانتهاء حاليا من تنفيذ مشاريع المناطق اللوجستية، والتي من شأنها أن تساهم بالحد من النقص في المساحات التخزينية لتغطية حاجة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأمين خدمات لوجستية متطورة. 

وفي ما يتعلق بالأطر القانونية والتشريعية التي وضعتها الدولة لتحفيز الاستثمار، لفت إلى أنه تم سن قوانين مهمة ساهمت بشكل كبير في تسهيل إجراءات تأسيس الشركات في دولة قطر، ومن بينها إصدار قانون الشركات التجارية الذي نص على إلغاء المتطلبات المتعلقة بالحد الأدنى لرأس المال لتأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة. 

توسيع مروحة الاستثمار

وأضاف وزير الاقتصاد القطري أن الدولة أتاحت للمستثمرين غير القطريين الفرصة لتنفيذ

مشاريع استثمارية في مجالات اقتصادية محددة وبنسبة تتراوح بين 49% و100% في قطاعات الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والسياحة، وتنمية واستغلال الموارد الطبيعية والطاقة والتعدين. 

وأكد أن الدولة أطلقت مشاريع مهمة تجسّد قيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتوفر فرصا استثماريّة واعدة في القطاع اللوجستي والأمن الغذائي والتعليم والصحة والسياحة والرياضة. 

ونوه إلى أن هذه الجهود والمبادرات ساهمت في تبوؤ دولة قطر مراتب متقدمة في مختلف التقارير الدولية، حيث تحتل الدولة المرتبة الثانية عالميا من حيث توفير بيئة مستقرة للاقتصاد الكلي، والثامنة عالمياً في مؤشر الأداء الاقتصادي، والثامنة عشرة في مؤشر التنافسية العالمي لعام 2016، مشيراً في هذا السياق إلى تقدم دولة قطر بخمسة مراكز في مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2017 وذلك من المركز الـ 34 عالميا في العام 2016 إلى المركز الـ 29 هذا العام. 

وأكد الوزير أن دولة قطر تمكنت، بناء على الجهود المشتركة بين القطاعين العام والخاص، من حماية أمن اقتصادها الوطني وتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية.

ولفت إلى أنه في الوقت الذي تكبدت فيه دولة قطر، في بعض الحالات، تكاليف إضافية نتيجة لإجراءات الحصار التعسفية التي فرضت عليها، إلا أن هذه التكاليف تبقى ضئيلة مقارنة بالموارد الطبيعة والمالية التي تمتلكها الدولة، مشيرا إلى أن دولة قطر تمتلك أصولا بقيمة 335 مليار دولار في مختلف دول العالم. 

وأشار إلى أن القطاع الخاص في دولة قطر وبالتعاون مع المستثمرين الأجانب في الدولة، تمكن من الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في العديد من القطاعات الاقتصادية الواعدة، مما أسهم في نمو القطاعات غير النفطية، والتي سجلت أكثر من 70% من إجمالي الناتج

المحلي الاسمي خلال عام 2016. 

وشدد على أن دولة قطر تقدمت بشكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية ضد دول الحصار، بسبب انتهاك هذه الأخيرة القوانين والاتفاقيات المتعلقة بتجارة السلع والخدمات، فضلاً عن جوانب الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة. 

وأوضح أن الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها دول الحصار تعد الأولى من نوعها في تاريخ منظمة التجارة العالمية، وتعد انتهاكا صريحاً لنظام التجارة العالمي ولديها تبعات سلبية خطيرة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. 

وفي سياق آخر، أوضح وزير الاقتصاد والتجارة أن دولة قطر سعت للانفتاح الاقتصادي وتوسيع علاقاتها الدولية على الصعيدين التجاري والاستثماري، وإبرام اتفاقيات ثنائية مع العديد من الشركاء في جميع أنحاء العالم، مشيراً في هذا الصدد إلى أن إجمالي حجم التبادل التجاري لدولة قطر مع دول العالم بلغ حوالى 81 مليار ريال في الربع الثاني للعام 2017. 

وفي ختام حديثه، أكد أن هذه الأزمة أتاحت الفرصة لدولة قطر لتحديد مواطن القوة وتعزيزها، ومعالجة أوجه القصور لضمان المحافظة على مرونة الاقتصاد القطري والنمو المستدام لمواجهة مختلف التحديات الاقتصادية العالمية و الإقليمية، مشدداً على أن الدولة تمتلك بيئة محفزة وموثوقة لممارسة الأعمال وتعد محوراً تجاريا مهماً، داعياً المستثمرين إلى الاستفادة من الفرص الواعدة التي توفرها الدولة في هذا المجال. 

المساهمون