مصر: انسحاب مستثمرين من مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان

مصر: انسحاب مستثمرين من مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان

22 سبتمبر 2017
استصلاح الأراضي يتطلب تكلفة باهظة (هشام الشريف/ Getty)
+ الخط -

بات مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان في مصر مهددًا بالفشل، إذ قرّر عدد من الفائزين في الطرح الأول الانسحاب من المشروع، خلال الفترة الأخيرة، والتنازل عن الأراضي التي حصلوا عليها في منطقة المُغرة جنوب مدينة العلمين في محافظة مطروح (شمال غرب)، نتيجة تفاقم المشاكل المالية والفنية التي تواجههم.

وحسب مستثمرين بالمشروع لـ "العربي الجديد"، تتمثل أبرز تلك المشاكل للمشروع، الذي افتتحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ نحو عامين، في غياب البنية التحتية بالمنطقة من طرق وكهرباء ومياه شرب، إضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة بتلك الأراضي.

وقال المحامي المصري، محمد عبد السلام، المفوض عن مجموعة تضم 10 من الفائزين في الطرح الأول لمشروع استصلاح 1.5 مليون فدان في منطقة المُغرة، إن مجموعته تعثرت ولم تستطع استصلاح قطعة الأرض التي حصلوا عليها.

وأكد عبد السلام لـ "العربي الجديد" أن مجموعته عجزت عن سداد الأقساط المستحقة عليها بسبب المشاكل التي تعوق استزراع تلك الأراضي، وفي مقدمتها غياب الخدمات والبنية الأساسية المتمثلة في مياه الشرب، والطرق المجهزة والكهرباء وبالتالي لا يمكن الاستثمار في ظل تلك الأوضاع المتردية.

وفي 29 مارس/ آذار 2017، أجرت شركة الريف المصري (خاصة)، المشرفة على مشروع المليون ونصف مليون فدان، قرعة علنية، على مساحة 60 ألف فدان من أراضي منطقة المُغرة بالمشروع، وبلغ عدد الأراضي المطروحة في هذه القرعة المخصصة للطرح الأول 252 قطعة من أراضي منطقة المُغرة، تبلغ مساحة كلٍ منها 238 فداناً. ووفقا لمصدر مسؤول في الشركة، لـ "العربي الجديد" فإن عدد الفائزين في المرحلة الأولى بلغ 160 شخصا، بينما تم تسليم 6 قطع أراض فقط.

وأشار عبد السلام، إلى أن "الأراضي التابعة لمشروع المليون ونصف مليون فدان في المُغرة تبعد عن أقرب منطقة سكنية لها بنحو 50 كيلومتراً ومن ثم يصعب شراء احتياجاتنا من الغذاء والمياه"، مشيراً إلى أن استصلاح تلك الأراضي يتطلب شراء معدات متطورة باهظة الثمن وهو الأمر الذي يفوق القدرة المالية لصغار المستثمرين، في ظل غياب الدعم الحكومي.

وتابع عبد السلام أنه لا توجد آلية لدعم مستثمري المشروع المتعثرين ومساعدتهم على الاستمرار في العمل، موضحًا أنه حال تعثر بعض أفراد المجموعة الحاصلة على قطعة أرض فإن شركة تنمية الريف المصري ترفض إدخال مستثمرين بدلاء عنهم تنطبق عليهم شروط المشاركة في المشروع، وبالتالي فإن المجموعة تضطر إلى الانسحاب من المشروع.

وفي 4 مايو/ أيار الماضي كشف رئيس شركة الريف المصري، عاطف حنورة، خلال اجتماع لجنة الزراعة والري بمجلس النواب المصري، عن تضارب في التقارير الرسمية التي رفعتها وزارة الري بشأن إمكانات المياه بالمشروع، قائلاً: "عندنا ورق من وزارة الري يقول إن المياه تكفي وتزيد لزراعة المليون ونصف مليون فدان، لكن فوجئنا بنفس الجهة تؤكد أن المياه تكفي لزراعة 40% فقط وأخيرًا نزلت إلى 26 % فقط، على لسان مسؤول قطاع المياه الجوفية بالوزارة خلال اجتماع لمجلس الوزراء مؤخرًا".

وكان السيسي قد أعلن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، عن بدء المشروع القومي لاستصلاح وزراعة 4 ملايين فدان ثم تراجع في يونيو/ حزيران 2015 عن المساحة لتصبح 1.5 مليون فدان لقلة المياه وارتفاع تكاليف الاستصلاح. وأعلن السيسي في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، عن فرص تملك الشباب 10 أفدنة في المشروع، على أن يتم تسديد ثمنها بالتقسيط بفائدة 5%.

ومن جانبه، قال مستثمر متعاقد على قطعة أرض في المُغرة، طلب عدم الكشف عن هويته ، لـ"العربي الجديد": "إن الطرق غير ممهدة وبالتالي يصعب نقل المعدات والآلات إلى قطعة الأرض التي حصلت عليها ضمن الطرح الأول للمشروع، كما نعاني من نقص الوقود اللازم لتشغيل المعدات"، مشيرا إلى غياب الدعم الحكومي للمزارعين والمتمثل في الإرشاد الزراعي وتوفير التقاوي والمبيدات والأسمدة.

وفي شهر إبريل/ نيسان الماضي تراجعت الحكومة عن توصيل البنية التحتية لأراضي المشروع التي سيتم تخصيصها للمستثمرين، وفقاً لما أكده رئيس شركة الريف المصري، الذي أشار إلى أن الحكومة "لن تضع مسمارا واحدا في أراضي الشركات".

وأضاف أن القيود التي تفرضها وزارة الري على استخدام مياه الآبار الجوفية وحظر زراعة المحاصيل، التي تستهلك كميات كبيره من المياه، وفي مقدمتها الأرز والموز، تجبر المستثمرين على زراعة محاصيل محددة لا تحقق أرباحا مجزية خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف المستلزمات الزراعية.

وأشار المستثمر إلى أن الحكومة وعدت بإنشاء محطات لتحلية المياه وتوفير بطاريات تعمل بالطاقة الشمسية، لحل أزمتي مياه الشرب والكهرباء بمنطقة المُغرة، إلا أنها لم تنفذ وعودها حتى الآن، لافتًا إلى أن عددا من مستثمري المشروع تقدموا بعدة شكاوى لشركة تنمية الريف المصري، لحل المشاكل التي تواجههم في استزراع أراضي المرحلة الأولى من المشروع لكن الشركة لم تحرك ساكنًا إزاء تلك الشكاوى.

وفي 6 يوليو/تموز الماضي كشف وكيل أول وزارة الموارد المائية والري، رجب عبد العظيم، عن أن وزارته وضعت ضوابط للمياه الجوفية، حيث تم تحديد كميات المياه المقررة، وفترات تشغيل الآبار بالطاقة الشمسية للحد من زيادة الاستخدام، وحظر المحاصيل الشرهة للمياه، واستخدام التقنيات الحديثة في الري، مع التشديد على حظر زراعة الأرز وقصب السكر والموز في أرض المشروع بالتنسيق مع وزارة الزراعة.

وأشار إلى أن الوزارة ستقوم بتحديد منسوب المياه الجوفية، وإنشاء شبكات آبار لرصد الخزان الجوفي، بالإضافة إلى رصد مخالفات الآبار الجوفية، وتشديد العقوبة بالحبس والغرامة التي قد تصل إلى 50 ألف جنيه للمخالف.

وقال أحد الحاصلين على قطعة أرض بالمشروع، محمد عبد العزيز، لـ"العربي الجديد"، إنه فوجئ بعدم وجود أي دراسات جدوى اقتصادية خاصة بالمشروع، مؤكدا أن الشركة المشرفة على المشروع ليست لديها دراسة توضح تكلفة زراعة الفدان من عمالة وحرث وتخطيط وتسميد ومبيدات، وبالتالي فإن الاستثمار في هذا المشروع "مغامرة " لأن المكسب أو الخسارة المحتملة غير معروفة.

وأوضح أن الأراض تحتوي على نسبة ملوحة مرتفعة وبالتالي تحتاج إلى أجهزة حديثة لتنقيتها، يصل سعر الجهاز الواحد إلى أكثر من 40 ألف جنيه، ولا بد من زراعة محاصيل محددة قادرة على تحمل الملوحة.

وأضاف أن ارتفاع سعر الفائدة على أقساط أراضي المليون ونصف مليون فدان، يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية التي تقع على كاهلهم.

المساهمون