الفلاحون المصريون غاضبون بسبب اختفاء "الأسمدة"

الفلاحون المصريون غاضبون بسبب اختفاء "الأسمدة"

27 يوليو 2017
العقبات تزداد أمام المزارعين المصريين (الأناضول)
+ الخط -
يشهد عدد من المحافظات المصرية، موجة غضب عارمة بين المزارعين والفلاحين، بسبب اختفاء كافة أنواع الأسمدة من الجمعيات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، وارتفاع أسعارها بنسبة 100% في السوق السوداء. وهي الأسمدة التي يحتاج لها المزارع بشكل أساسي لتحسين التربة الزراعية، وهو ما يهدد المحاصيل الزراعية الصيفية بفساد المحصول.

وكشفت مصادر مسؤولة بوزارة الزراعة، أن ارتفاع أسعار المحروقات وراء الأزمة، حيث تسبب ارتفاع أسعار الوقود في ارتفاع أسعار الأسمدة الآزوتية المدعمة من الحكومة، التي تعتمد على الغاز الطبيعي كمكون أساسي في تصنيع السماد.

ولفتت إلى أن هناك نية من جانب الحكومة برفع سعر الطن إلى 3 آلاف و960 جنيهاً بدلاً من 2960 جنيهاً، وتعتبر الزيادة الثانية بعد رفع سعر الطن 100% في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، فضلاً عن إضافة قيمة ضريبة المبيعات، وهو ما سيرهق الفلاحين ويحملهم ما لا يطيقونه، كما سيؤثر سلبياً على المحاصيل الزراعية.

وأشارت المصادر إلى أن ارتفاع أسعار الوقود كان "خراب بيوت" على المزارع والمستهلك معاً.

ورأى خبراء أنه يجب على الحكومة إعادة النظر بمنظومة توزيع الأسمدة والعمل على إعادة هيكلتها، ودعمها من جانب الحكومة، حتى لا تتحول الأمور إلى كارثة في المستقبل، وضياع الرقعة الزراعية، وهو ما يهدد بجنون أسعار السلع الغذائية في مصر.

من جانبه قال رئيس نقابة مزارعي القصب بمحافظات الصعيد اللواء مختار فكار، إن المزارعين بمحافظة قنا يعيشون أزمة كبيرة بسبب عدم صرف الأسمدة الزراعية التي تحتاج لها الأراضي الزراعية لإنتاج المحاصيل مما يهدد بنقص كبير للمحاصيل لهذا العام.

وأوضح أن محصول القصب بالصعيد يواجه مشكلة نقص السماد مما يؤدي إلى تلفه وضياع أموال وممتلكات الزراعيين.

وأوضح أنه على الرغم من النقص الشديد للأسمدة الزراعية بالجمعيات، إلا أنها متوفرة بالسوق السوداء بأسعار خيالية ما يعد عبئا كبيرا على المزارعين حال شرائها.

وتابع "فكار" أن السوق السوداء تسيطر على مستلزمات الإنتاج الزراعي في مصر ومن بينها الأسمدة، حيث تباع شيكارة النترات بسعر رسمي 148 جنيهًا ويتم بيعها في السوق السوداء بـ 250 جنيهًا، وهو ما يؤكد مدى الفساد الذي تعيشه مصر.

ولفت إلى أن الصادرات الغذائية المصرية والخضروات والفواكه تعد حلقة من مسلسل الفساد الذي تعيشه البلاد في الوقت الحالي.

وانتقد أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة عين شمس الدكتور محمد حمدي عدم وجود سياسة سمادية واضحة في مصر، مؤكداً أن أزمة اختفاء السماد ورفْع أسعاره أزمة موسمية، ولا تحظى بالرقابة الحكومية الكافية.

ونوه إلى أن السوق السوداء لتجارة مستلزمات الإنتاج الزراعي تسيطر عليها مجموعة من كبار التجار ورجال الأعمال في مصر، وبالتالي فهناك احتكار واضح من جانبهم لمستلزمات الإنتاج الزراعي، لافتًا إلى أن الجمعيات التعاونية الزراعية مسؤولة عن توزيع الأسمدة وأن هناك تقصيرا كبيرا من جانبها.

وقال د. حمدي إن الفلاح المصري يعاني العديد من الأزمات، التي على رأسها زيادة أسعار الأسمدة في الفترة الراهنة، مشيرًا إلى ضرورة دعم الفلاح للنهوض بالتنمية الزراعية في مصر والمساعدة على النهوض بالاقتصاد.

ووصف نية الحكومة بزيادة أسعار الأسمدة بعد رفع أسعار الوقود بـ "الخيانة" للفلاح المصري، مؤكداً أن تلك الزيادات تؤدي لانخفاض دخله ورفع أسعار الخضر والغذاء.

وقال نقيب عام الفلاحين حسين عبد الرحمن، إن هناك نقصاً حاداً في الأسمدة المدعمة، "حيث وردت إلينا في النقابة شكاوى عديدة من جميع محافظات الجمهورية، خاصة بمحافظات الصعيد بشأن نقص حاد من الأسمدة المقررة للموسم الزراعي الصيفي الحالي مثل الذرة والقطن والأرز وقصب السكر".

ولفت إلى أنه حتى الآن تم استلام أقل من 50% من الحصص المقررة، مما يهدد المحاصيل بالتلف، ويدفع المزارعين إلى اللجوء للسوق السوداء لتوفير احتياجاتهم من الأسمدة، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، وذلك في ظل ظروف الفلاحين الصعبة.

وانتقد تصريحات وزير الزراعة الدكتور عبدالمنعم البنا، ونوابه، بشأن توفير الأسمدة المدعمة، مؤكدًا أن الأزمة موجودة والمسؤولين لا يعلمون عنها شيئًا ودائمًا يصرحون بأنه لا توجد أي أزمات، مما يؤكد أن الوزير اكتفى بمتابعة التقارير التي ترسلها المديريات للوزارة من وقت لآخر عن عمليات تداول الأسمدة، التي تؤكد أن كل شيء على ما يرام.

وأشار نقيب الفلاحين إلى أن سبب أزمة الأسمدة التي ظهرت خلال الموسم الحالي يعود إلى بعض الموظفين الفاسدين داخل الجمعيات الزراعية الذين يحجبونها عن الفلاحين ويهربونها إلى مافيا تجارة الأسمدة الذين يتعاملون معهم حتى يتم بيعها في السوق السوداء بأسعار عالية في ظل تدني أسعار المحاصيل، مما يشكل عبئًا كبيرًا على الفلاح.


المساهمون