الاستثمار في سورية الأسد

الاستثمار في سورية الأسد

02 يوليو 2017
خسارة فادحة للسياحة السورية (فرانس برس)
+ الخط -
ليست السريالية السورية "فوق الواقع" حكراً على السياسة، بعد انشغال العالم بقضايا مستجدة، عن التهجير والتفقير والقتل، والذي اعتمده نظام بشار الأسد، أسلوباً لإفشال ثورة السوريين، بل ما قيل هناك ينسحب على الاقتصاد، حتى على الشق السياحي منه، والذي يصنفه العارفون بأنه والبورصة، ترمومتر الاقتصاد، بل وأكثر القطاعات تأثراً بالسياسة والاضطرابات.

إذ ليس من أي غرابة، بواقع إعادة إنتاج نظام بشار الأسد والقفز على كل جرائمه، أن تأتي الاستثمارات السياحية في المستقبل، كما تأتي النفطية وإعادة الإعمار اليوم، فـ"فوق الواقع" قبل التحالفات واقع بعدها، وليس من أي منطق في واقع اللامنطق والتخبط الذي تشهده المنطقة اليوم، والذي على الأرجح أن تنتج عنه جغرافيا أقطاب جديدة، تلغي ما قبلها بمنطق القوة والمصالح، بعد غياب قوة المنطق وحقوق الشعوب.

قصارى القول: يعلم نظام الأسد بدمشق، أن ريحه هبت، أو تكاد، فبدأ باغتنامها وعلى صعد كثيرة، بما في ذلك "العجائبي" منها، فأن يعطي استثمارات نفطية لروسيا، فثمة حجج وأعذار وديون لا بد أن تسدد، وأن يفتح القطاعات الاقتصادية أمام شركاء الحرب في طهران وبغداد، ويتهافتون كما تنقل وسائل إعلام الأسد، فأيضاً ثمة منطق، وإن اندرج بباب الاستقواء والأمر الواقع.

أما أن يعلن نظام الأسد عن مؤتمر للاستثمار السياحي، الإثنين المقبل، ويتغنى بطرح 50 مشروعاً استثمارياً بكلفة 60 مليار دولار، فذلك ما بعد السريالية.

ليس لأن نظام بشار الأسد أعطى الشجاعة لرأس المال الذي يوصف بالجبن، وسيخط مبادئ اقتصادية جديدة تجعل من المستثمرين يتسابقون على بلد ترفع على أرضها أربعة أعلام لدول محتلة، ولا حتى لطمأنة رجال الأعمال على رساميلهم ومنشآتهم، في بلد تقصف أراضيه من نيف وستين دولة.

بل لأن هذا النظام يعرف كيف يقنع المستثمرين بتوطين منشآتهم السياحية، في بلد نافت نسبة الفقراء فيه على 90% ولم يعد بمقدور من فاض عن القتل والتهجير أن يؤمن قوت يومه، فماذا بشأن الترفيه والسياحة، وخاصة بترجيح عدم قدوم أي سائح خارجي، اللهم عدا السياح الروحيين من إيران والعراق، لعقود ربما، بواقع استمرار الحرب وانتقالها إلى مستويات جديدة، من اقتسام النفوذ وتوزيع كعكة الخراب.

نهاية القول: بواقع السريالية السورية يغدو الحديث عن تعديل القوانين السياحية الصادر أحدثها عام 2002 أو تبسيط الإجراءات والإفراج عن الأموال والمشاريع المحجوز عليها، مسائل كمالية ولا معنى لها ضمن المناخ الاستثماري السوري، والذي يتغاضى عن خسائر هذا القطاع التي زادت عن 330 مليار ليرة، وأتت على 80% من المنشآت السياحية السورية، ويعتمد على طرائق ترويج مبتكرة، قوامها أن السوريين تنقلوا بين المدن خلال فترة العيد وأن قضاء ليلة بفندق سوري بلغت 60 ألف ليرة (120 دولاراً)، وأن النظام يفكر في إلغاء بعض الحواجز الأمنية بين المدن وداخلها.

فهل يحلم أي مستثمر في العالم بمناخ استثماري آمن وعائدات وأرباح أكثر من ذلك؟!


المساهمون