تدني السيولة والشائعات تقود الأسهم السعودية لتقلبات حادة

تدني السيولة والشائعات تقود الأسهم السعودية لتقلبات حادة

15 مارس 2017
محاولات لإعادة التوازن للسوق السعودية (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
دفعت الشائعات وتدني السيولة، خلال الفترة الأخيرة، الأسهم السعودية إلى مرحلة تذبذب وعدم ثبات، يرجح محللون ماليون أنها ستستمر حتى إعلان أرباح الربع الأول من العام الجاري.
ومازال مؤشر الأسهم السعودية (تاسي) دون 7000 نقطة بعد أن أنهى جلساته الأخيرة متراجعا، محققا أدنى إغلاق له منذ شهرين، في الوقت الذي تشهد فيه السوق الموازية التي أطلقت مؤخراً ارتفاعا طفيفا، عند مستويات 155 نقطة، ولكنها ظلت دون المستويات المتوقعة لها.
وعانت السوق الرسمية الأسبوعين الماضيين تدنيا حادا في السيولة فلم يتجاوز المتوسط اليومي خلال الأسبوع الماضي 2.26 مليار ريال (الدولار = 3.75 ريالات)، وهو المعدل اليومي الأدنى في الأشهر الخمسة الأخيرة، ودفع ذلك 18 قطاعا من قطاعات السوق العشرين للتراجع.
ولاتزال السوق عاجزة عن العودة لمستوياتها المرتفعة التي حققتها قبل فبراير/شباط 2006 والتي وصلت لأكثر من 20.635 ألف نقطة، وسط توقعات أن العودة لذلك المستوى صعبة في المدى المنظور.

مرحلة حرجة

على الرغم من محاولات الهيئة إعادة التوازن للسوق المالية، إلا أنه منذ بداية عام 2017، دخل مرحلة تذبذب حادة، وتأرجح بين الارتفاع والانخفاض، عند حدود السبعة آلاف نقطة، وبلغ مستوى التذبذب صعودا وانخفاضا نحو 3 %، وسط استمرار السيولة منخفضة عند مستوى 3 مليارات ريال كمتوسط يومي خلال الشهر.
وقاد هذا التأرجح القيم السوقية لصناديق الطروحات الأولية للتراجع خلال الشهر الماضي، بنحو 2.7 %، وحسب بيانات "تداول" فإن هذا الانخفاض يعتبر الأعلى مقارنة ببقية الصناديق المتداولة في السوق المحلية، وكذلك أداء السوق بشكل عام.
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير في سوق الأسهم محمد الشمري لـ"العربي الجديد" أن السوق عرضة للكثير من التقلبات في الفترة المقبلة، مشدّدا على أنها ستكون: "أمام استحقاقات مهمة ستحدد اتجاهه بالفترة القصيرة القادمة، أهمها ترقب نتائج الربع الأول للعام الجاري، والذي يرجّح أن تكون أقل من التوقعات، ولحين اتضاح الصورة سيظل السوق يتأرجح، مدفوعا بجني أرباح المضاربين".
ويضيف الشمري: "هناك الكثير من الشائعات، والأقوال تؤثر بشكل كبير على السوق، وتفقد المتعاملين فيه الثقة، فالأخبار السلبية والتشاؤمية تؤثر على المستثمرين في السوق خاصة وأنه مازال غير قادر على التعافي من أضرار تراجع أسعار النفط".
واستشهد الشمري بما حدث للسوق عندما سرت شائعة أن صندوق الاستثمارات العامة ينوي بيع الأسهم التي يمتلكها في الشركات المحلية، وكيف احتاج السوق إلى عدة أيام ليتعافى بعد نفي الصندوق لتلك المزاعم؟

سوق جديدة

من جانب آخر بدأت هيئة سوق المال في توسيع نشاط السوق الموازية (نمو) لتشمل سبع شركات، وكشفت مصادر في الهيئة عن أنها تخطط لإيجاد مؤسسات ذات ملاءة مالية قوية، ورفع كفاءة إدارة موارد تلك المؤسسات، لتقديم خدمات أفضل لعملائها، وتتفق هذه الخطط، مع تأكيدات لمدير وحدة الطرح العام الأولي بهيئة السوق المالية، طلال عبد العزيز الشميسي على أنهم يسعون حاليا لزيادة عدد الشركات المدرجة خلال الفترة المقبلة، موضحا أنه: "لا يوجد أي طلبات رفض لشركات تقدمت بالرغبة في الإدراج".
وكشف الشميسي في تصريحات صحافية عن أن هيئة السوق المالية تعتزم تقديم تسهيلات لعمليات الاندماج والاستحواذ بين الأشخاص المرخص لهم في السوق.
من جانبه، يؤكد المحلل المالي فيضل شمسان لـ"العربي الجديد" أنه لا يمكن الحكم علي السوق الجديدة من خلال تصريحات المسؤولين فقط، مشددا على أن النشاط في السوق هو ما سيحدد قدرة السوق على النمو. وكانت السوق بدأت التداول بشكل جيد خلال أول يومين ثم تذبذب أداؤها بعد ذلك.

ويقول شمسان: "هناك ضعف كبير في حركة السوق الموازية، والسبب في ذلك أن توقيت الإطلاق لم يكن جيدا، إذ جاء في وقت تعاني فيه السوق الرئيسية من تراجع، ولهذا كان من الطبيعي أن تكون بداية (نمو) ضعيفة، وبتذبذب مرتفع، خاصة وأن نظام السوق يمنع المستثمرين الأفراد من الشراء والبيع فيه بشكل مباشر".
ويضيف: "قرار منع الأفراد من الاستثمار في (نمو) جعل الحكم عليها صعبا، خاصة وأنها حالة فريدة من نوعها، أن تكون السوق محتكرة لصناديق معينه، أعتقد أن هذه الخطوة تتناقض مع الهدف من إطلاق السوق، وتهدّد فرصها في النجاح".
وحسب شمسان فإن فرض القيود على المستثمرين المواطنين الأفراد في السوق الموازية غير مقنع، فهو تم بحجة أن المخاطر فيه عالية، مع أن كل أسواق الأسهم ذات مخاطر عالية، ويتابع: "يجب أن يكون المستثمر هو صاحب قراره".

تحذيرات مؤسسات مالية

أوصت عدة تقارير صادرة من مؤسسات مالية المتعاملين في الأسوق بالحذر عند الشراء، مرجحة أن يستمر الوضع متأرجحا لعدة أسابيع.
وأكد تقرير لـ "الجزيرة كابيتال" عن أن استمرار التحرك السلبي لسوق الأسهم السعودية على المدى القصير، كانت نتيجة للتسرع في عملية جني الأرباح، مشدّدا على أن مستويات الدعم لمؤشر الأسهم السعودية عند 7030 – 6980 نقطة، فيما مستويات المقاومة عند 7130 - 7170 نقطة.
وأوضح تقرير لـ "الرياض المالية" أن المؤشرات الفنية لسوق الأسهم أظهرت بعض الضعف في مناطق المبالغة بالشراء، وأنها قد تعطي إشارات للبيع على المدى القريب، مؤكداً أن المؤشر سيتعرض لتقلبات حادة مع ارتفاع احتمالات التصحيح، موصية بالحذر في الشراء خلال هذه الفترة.
أيضا قال تقرير لـ"الراجحي المالية" أن هناك إمكانات وفرصا مخفية ضخمة خارج الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية، وأن الاقتصاد الرئيسي متنوع أكثر من الشركات المدرجة، وتوقع التقرير أن يكون عام 2017 مهماً وحاسماً لأن هذه الاستثمارات ستكون هي العامل الرئيسي في تحقيق مزيد من التقدم للسوق.
من جهته وجه "الأهلي كابيتال" إلى الاستثمار في الشركات ذات الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد، وتنشط في الأسواق الدولية، الأقل اعتماداً على الدعم، وذات المركز المالي القوي، متوقعاً أن يتحول المستثمرون من القطاعات ذات التوزيعات المرتفعة مثل الإسمنت، إلى قطاع صناديق الاستثمار العقارية المتداولة، وأوضح ارتفاع عدد الصناديق بشكل كبير خلال العامين المقبلين.
وأكد التقرير على أنه يجب على المستثمرين اتخاذ قراراتهم الاستثمارية في سوق الأسهم بناءً على الأهداف المنشودة من برنامج التحول الوطني 2020 وبرنامج التوازن المالي المقرر تطبيقه خلال الفترة المقبلة.
وحسب "الأهلي كابيتال" فإنه من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات 10.3 % على أساس سنوي في عام 2017، مضيفاً: "على الرغم من التحديات التي تواجه السوق السعودي، إلا أنه من المتوقع أن تعمل الأخبار الإيجابية حول ضم السوق السعودي إلى مؤشرات فوتسي و مورغان ستانلي للأسواق الناشئة والخصخصة على دعم أداء السوق في 2017".
وجاءت هذه التقارير في الوقت الذي أعلنت فيه هيئة سوق المال أنها تحقق مع عدد من المستثمرين بتهم التلاعب في السوق، لتحقيق مكاسب غير مشروعة، إلى جانب الاحتيال، والغش والتلاعب، والاشتراك في الترويج بشكل مباشر للرأي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بهدف التأثير على أسعار عدد من أسهم الشركات المدرجة.
وفي محاولة منها لإعادة الاستقرار للسوق بعد سلسلة من المحاكمات طاولت عددا من كبار المستثمرين، قررت هيئة سوق المال تعديل الإجراءات والتعليمات الخاصة بالشركات المدرجة في البورصة، والتي بلغت خسائرها المتراكمة، من 50 % فأكثر من رأسمالها لتصبح 20 % أو أكثر من رأس المال.
وبموجب هذه التعديلات التي ستدخل حيز التنفيذ يوم 22 أبريل/نيسان المقبل، سيتعين على الشركات التي تسجل خسائر متراكمة بنسبة 20 %، أو أكثر من رأس المال أن تفصح عن المعلومات المطلوبة على الفور.

المساهمون