ضد التقشف... الجزائر تستقبل 2017 بإضراب التجار

ضد التقشف... الجزائر تستقبل 2017 بإضراب التجار

03 يناير 2017
التقشف يقوّض القدرة الشرائية للمواطنين (فاروق باتيتشي/فرانس برس)
+ الخط -
انطلقت سنة 2017 على وقع الاحتجاجات في الجزائر، بعدما عرفت عدة محافظات غلياناً شعبياً احتجاجاً على الزيادات التي مسّت المواد واسعة الاستهلاك ورفضاً للإجراءات التي جاء بها قانون الموازنة العامة الجديد.
وكانت محافظات "بجاية" و"تيزي وزو" و"البويرة" (منطقة القبائل الأمازيغ شرق العاصمة) قد عاشت أول من أمس الاثنين على وقع إضراب عام للتجار، يُروج أنه يستمر لخمسة أيام، احتجاجاً على الضرائب والرسوم التي جاءت ضمن الموازنة العامة لسنة 2017.
وسرعان ما تطورت الأحداث في محافظة بجاية، بعدما اتسعت دائرة الرفض في وجه التدابير التي أقرتها الحكومة الجزائرية لتمس المواطنين الذين نظموا مسيرة شعبية سرعان ما تحولت إلى صدام مع قوات الشرطة التي استعملت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
ويأتي إضراب تجار شرق الجزائر استجابةً لدعوات انطلقت نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى تنفيذ إضراب وطني عام للتجار رفضاً للزيادات في الرسوم والضرائب التي جاء بها قانون الموازنة العامة للسنة الجديدة، في مقدمتها رفع الرسم على القيمة المضافة من 17% إلى 19% ورفع الرسم المطبق على إيجار العقار لأغراض تجارية، بالإضافة إلى رفع أسعار الوقود.
وكشف تجار في محافظة بجابة لـ "العربي الجديد" أن استجاباتهم للإضراب جاءت نتيجة تعنت الحكومة في عدم الاستماع للجبهة الاجتماعية بالرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها الجزائر.
وفي السياق يقول رضوان غليلات تاجر في المحافظة، إن الإضراب كان أمرا حتميا، إذ لا يمكن أن تواصل الحكومة تطبيق سياسية "لا ترون إلا ما أرى".

وحول الأسباب الحقيقية لشن الإضراب يقول التاجر الجزائري: "رفع الرسم على القيمة المضافة والرسم المطبق على إيجار المحلات يُضاف إليه رفع أسعار الوقود، يعني مصاريف إضافية يضطر التاجر لتعويضها من خلال رفع أسعار المواد وبالتالي سنكون أمام أسعار مرتفعة تُنفر المواطن المنهك أصلا من تدني قدرته الشرائية".
وعبر التاجر عمار تاشفعت، عن غضبه قائلا لـ "العربي الجديد": "حكومة فشلت في بناء اقتصاد بعدما صرفت مئات مليارات الدولارات طيلة السنوات الماضية تريد اليوم إنقاذ الاقتصاد الهش من جيوب المواطنين وجيوبنا، نحن نرفض كل ما تأتي به حكومة عبد المالك سلال (رئيس الوزراء)".
وبالرغم من تضررهم من هذا الإضراب إلا أن المواطنين أبدوا تفهماً كبيراً للخطوة التي قام بها التجار، بل أيّدوهم في مسعاهم بدليل مشاركتهم في المسيرة التي نُظمت منتصف يوم الاثنين 2 يناير/كانون الثاني.
ويرى أمقران إسماعيل، مواطن من محافظة بجاية، لـ "العربي الجديد"، أن المواطنين هم أولى بتنظيم حركات احتجاجية رفضاً لقانون الموازنة العامة للسنة القادمة، "أتفهم إضراب التجار ونحن نؤيدهم في كل خطوة يقومون بها".
وعلى نفس الطريق سار الشاب سعيد كبابي، الذي شارك في المسيرة الشعبية، حيث انفجر قائلا لـ "العربي الجديد": "إلى أين تريد هذه الحكومة أخذ الجزائر، تريد تحميلنا مسؤولية فشلها؟ ويضاف إلى كل هذا خروج رئيس الوزراء في التلفزيون بتصريحات ابتزازية يقول إن الشعب يجب أن يتضامن مع الحكومة، متى ستتضامن الحكومة مع الشعب؟".
ولمحاولة كشف الجهة الواقفة وراء الإضراب الذي شنه تجار في ثلاث محافظات، اتصلت "العربي الجديد" برئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار الذي أكد عدم وقوف جمعيته وراء هذا الإضراب، مضيفاً أن بعض التجار ببلديات بجاية والبويرة وتيزي وزو تلقّوا تهديدات من عناصر مجهولة بكسر واجهات محلّاتهم إن فتحوها.
وتترجم هذه الحركة الاحتجاجية حجم الغليان الذي تعيشه الجبهة الاجتماعية مؤخرا، نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية والقدرة الشرائية للطبقة الوسطى والهشة والتي زادت القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الجزائرية من درجة غليانها، في مقدمتها تعديل نظام التقاعد وإقرار ميزانية تقشفية لسنة 2017.
وفي تعليق على هذه الحركة الاحتجاجية التي عاشتها منطقة "القبائل"، قال الخبير الاقتصادي فرحات علي، إن الحكومة تتحمل وحدها مسؤولية أي انزلاقٍ للأوضاع، بالنظر للرد الذي قامت به قوات الشرطة.
وأضاف الخبير الجزائري لـ "العربي الجديد" أن "المواطن متخوف من تنازل الدولة عن طابعها الاجتماعي من خلال إلغاء سياسة الدعم التي تعود عليها المواطن منذ الاستقلال"، والغريب حسب المتحدث ذاته هو أن الحكومة لا ترى هذه المنبهات وتتعامل معها بمنطق "العصا لمن عصى"، فعوض عن معالجة الأسباب نعالج النتائج، وفق قوله.