اليمن..النزوح يرفع إيجارات السكن 500% بالمناطق الآمنة

اليمن..النزوح يرفع إيجارات السكن 500% بالمناطق الآمنة

03 سبتمبر 2016
النازحون يرفعون الطلب على العقارات (فرانس برس)
+ الخط -

فاقمت الحرب في اليمن، أزمة السكن في المناطق الآمنة نسبيا، وأدت إلى ارتفاع خيالي في أسعار الإيجارات بنسب تجاوزت 500% في بعض المناطق المصنفة آمنة، في ظل استمرار القتال وارتفاع عدد النازحين إلى 3.1 ملايين نازح، بحسب إحصائية حديثة للأمم المتحدة صدرت نهاية أغسطس/آب الماضي.
وفي محافظة مأرب (شرق اليمن) والخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية، يمكن ملاحظة أزمة سكن خانقة بسبب الاكتظاظ السكاني على خلفية النزوح الداخلي.

فالمحافظة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 300 ألف نسمة، وفقا لآخر إحصاء حكومي، استقبلت 600 ألف نازح خلال العامين الماضي والجاري من مختلف مناطق القتال.
وقال عبدالله الباكري، وكيل محافظة مأرب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المحافظة تشهد اكتظاظاً سكانياً غير مسبوق على خلفية استقبال المحافظة نحو 600 ألف نازح، مما تسبب في خلق أزمة سكن وزيادة الضغوط على الخدمات.

وأضاف الباكري "هناك نازحون جدد لا يزالون يتوافدون على المحافظة، التي تمثل مكاناً آمنا للسكان، لكن لا توجد مساكن شاغرة، وهذا أدى إلى ارتفاع الإيجارات بشكل خيالي من 20 ألف ريال (80 دولارا) إلى 100 ألف ريال (400 دولار) للشقة.
وناقشت السلطة المحلية في المحافظة، منتصف أغسطس/آب الماضي، مشكلة ارتفاع الإيجارات من قبل أصحاب المباني السكنية وملاك العقارات ومعاناة المواطنين، خاصة النازحين بسبب الارتفاع الكبير في إيجارات الشقق السكنية والمحال التجارية.




وتم تشكيل لجنة برئاسة مدير عام أراضي وعقارات الدولة وعضوية مدراء عموم مكاتب الأشغال العامة والشؤون القانونية والسياحة والمجلس المحلي في مديرية المدينة وشرطة المديرية، لوضع آلية خاصة بالإيجارات وتحديد ما يتناسب مع أوضاع المواطنين والنازحين، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.
وقال سكان محليون لـ"العربي الجديد"، إن معظم النازحين إلى مدينة مأرب من الطبقة المتوسطة والموظفين والمزارعين والعمال، ورغم قيام التحالف بتوفير مخيمات للنازحين، إلا أن جميعهم رفضوا الذهاب إلى المخيمات وفضلوا المساكن رغم ارتفاع أسعارها.

وبحسب لجنه الإغاثة في محافظة صنعاء، فإن أكثر من 4500 أسرة من مديريات محافظة صنعاء، نزحت من منازلها إلى محافظة مأرب، بسبب الحرب الدائرة في عدة مناطق من صنعاء، وكذلك تعسف مليشيات الحوثيين في تهجير بعض الأسر.
وأشارت اللجنة، في بيان لها في وقت سابق من أغسطس/آب الماضي، إلى أنها قامت بزيارات ميدانية إلى أماكن تواجد النازحين في مأرب وبعض المناطق المحررة في مديرية "نهم" في صنعاء، ووجدت أن أغلب النازحين يعيشون حالات مأساوية بسبب ارتفاع الإيجارات، حيث تعيش من ثلاث إلى أربع أسر في شقة واحدة.

وقال أحمد جميل، نازح من منطقة أرحب في صنعاء، لـ"العربي الجديد"، إن "معاناة النازحين تتفاقم ليس بسبب ارتفاع أسعار إيجارات المساكن فحسب، وإنما أيضا لأن المؤجرين يطلبون إيجار 6 أشهر مقدما، وبعضهم يطلب إيجار عام كامل في ظل ارتفاع الطلب وندرة المعروض".
وظلت مدينة مأرب بمنأى عن القتال الدائر بين المقاومة الشعبية والحوثيين في المديريات المحيطة بالمدينة، ومعظمها مناطق جبلية ومواقع عسكرية غير مأهولة بالسكان.
وأعلن الجيش الوطني الموالي للسلطة الشرعية، في يناير/كانون الثاني 2016، عن تحرير محافظة مأرب بالكامل من مليشيات الحوثيين.


كما نزح مئات الأسر من سكان مدينة تعز، التي تشهد قتالا مستمراً بين القوات الشرعية والحوثيين، إلى مدينة "إب" المجاورة (على بعد 100 كيلومتر)، مما خلق أزمة سكن وارتفاعا في الإيجارات.
وقال الناشط أحمد سعد لـ"العربي الجديد": "نازحو تعز في إب يعانون من ارتفاع خيالي بإيجارات المساكن. وإيجار الشقة يبدأ من 500 دولار شهرياً، وأغلب النازحين لا يستطيعون تأمين نصف هذا المبلغ وقد لا يملكون هذا المبلغ إطلاقاً".

ويشكو النازحون إلى مدينة إب من طمع وجشع المؤجرين الذين يرفعون الإيجارات إلى مبالغ تكاد تكون خيالية.
واستقبلت مدينة التربة، في ريف محافظة تعز، آلاف النازحين من مناطق القتال، مما أدى إلى ارتفاع أسعار إيجارات المساكن والمحلات التجارية بنسب تجاوزت 300%.
وقال مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، نيكوليتا غيوردانو، في تصريحات صحافية في وقت سابق، إن 45% من عدد النازحين فروا من ديارهم إلى محافظاتهم الأصلية، فيما خرج 55% منهم إلى محافظات أخرى.

وارتفع عدد النازحين بسبب الصراع المتصاعد في اليمن منذ أكثر من عام، إلى 3.1 ملايين شخص، وفق تقرير مشترك صادر عن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة.
وذكر التقرير، الصادر في 20 أغسطس/آب الماضي، أن النزوح الداخلي ارتفع بنسبة 7% منذ أبريل/نيسان الماضي، أي ما يقارب 152 ألف شخص فقط منذ ذلك التاريخ.

ولفت التقرير إلى أن "استمرار النزوح لفترات طويلة، يؤثر سلبا على المجتمعات المحلية، التي تستضيف النازحين من السكان، وهذا يشكل ضغطا لزيادة الطلب على الموارد الشحيحة أصلا، حيث يعتمد 62% من النازحين على كرم عائلاتهم وأصدقائهم القائمين على الاستضافة".
وأدى اجتياح جماعة الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، إلى نزوح الآلاف من المدينة، فيما تصاعدت المعدلات منذ 26 مارس/آذار 2015، مع إعلان التحالف العربي عن عملية عسكرية ضد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المعزول علي عبدالله صالح.

وبحسب مفوضية اللاجئين، فإن نحو 15 ألف موقع نزوح تستضيف نازحين، تم رصدها من خلال المقابلات المسحية التي نفذتها المفوضوية بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، على عينة شملت 17500 شخصاً يقيمون في أكثر من 18 ألف موقع جغرافي، وقد شمل المسح 94% من إجمالي مديريات اليمن، البالغة 333 مديرية.
ووفقا للأرقام، زاد متوسط طول فترة بقاء الناس بعيدين عن منازلهم فمع استمرار النزاع.

وكان معظم هؤلاء النازحين، وبنسبة 89% عاشوا حالة النزوح لأكثر من عشرة أشهر.
وأشارت المفوضية إلى أن النازحين يواجهون تحديات رئيسية للبقاء على وجه الحياة، موضحة أن أهم احتياجات 74% منهم هي الغذاء ثم المأوى ومياه الشرب، كما أن "النزوح لفترات طويلة جعل النازحين من أشد الفئات الاجتماعية ضعفا وتعرضاً للحرمان من الحقوق الأساسية في الحياة، وأثر سلباً أيضا على المجتمعات المستضيفة، لتزيد الضغوط على مواردهم المحلية الشحيحة".





المساهمون