ركود سوق المواشي المحلية في السعودية

ركود سوق المواشي المحلية في السعودية

24 سبتمبر 2016
تراجع أسعار الخراف المحلية في السعودية (فاير نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
ضرب الكساد سوق المواشي منذ عدة أسابيع وحتى الآن في معظم أنحاء السعودية، فتراجعت أسعار الأغنام المحلية بأكثر من 40% عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما هبطت أسعار الجمال والعجول بأكثر من 50%، حسب تجار لـ"العربي الجديد".

وأرجع خبراء في الثروة الحيوانية، ذلك التراجع لفتح وزارة البيئة والزراعة والمياه للاستيراد من الخارج دون قيود، الأمر الذي رفع من المعروض في السوق، كما أن القدرة الشرائية للسعوديين تراجعت كثيرا، خاصة بعد أن تجاوزت أسعار الأغنام المحلية الـ1700 ريال في وقت سابق.

وحاول عدد من تجار المواشي مواجهه خسائرهم بحضورهم لمقر الوزارة، ومطالبتهم بوقف الاستيراد، لكي تعود الأسعار للارتفاع مجددا، ولكن حسب مصادر لـ"العربي الجديد" رفضت الوزارة هذه المطالب، ووصفتها "بغير المنطقية".


وكشف تقرير حكومي رسمي لإدارة الثروة الحيوانية في وزارة البيئة والزراعة والمياه أن الانخفاض طاول مختلف المناطق، بنسب تتراوح بين 30% و55%، خاصة للمستورد منها، مرجعا ذلك بكثرة العرض وقلة الطلب.

وكانت منطقة حائل (شمال) الأكثر تعرضا للهبوط، وتراجعت أسعار الخراف النعيمي لأقل من 800 ريال (الدولار = 3.75 ريالات سعودية) بعد أن كانت تجاوزت 1550 ريالا قبل خمسة أشهر، فيما تراجعت أنواع أخرى من الأغنام لأقل من 600 ريال، بعد أن جاوزت الألف في وقت سابق، حسب التجار.

أما في العاصمة الرياض، والتي تُعتبر السوق الأكبر للمواشي في السعودية، فكان العرض أكثر من الطلب، وتراجعت أسعار الخراف النعيمي المفضلة لدى السعوديين، حسب التجار، لمستوى 850 ريالا، بعد أن كانت تجاوزت 1500 ريال قبل أربعة أشهر، فيما تراجعت الخراف (الحري) لأقل من من 600 ريال فقط، بعد أن كانت تباع بأكثر من 1100 ريال.

ويؤكد الخبير في الثروة الحيوانية، عبدالعزيز المطيري، لـ"العربي الجديد"، أن ما حدث لا يُعتبر انهيارا في الأسعار، بل رجوعا للأسعار الطبيعية للأغنام التي كانت عليه قبل سنوات، قبل أن تسهم قرارات وزارة البيئة والزراعة والمياه في رفعها بشكل غير مبرر، عندما قيدت الاستيراد بشكل كبير، ما جعل العرض أقل من الطلب، الأمر الذي استغله تجار المواشي لرفع الأسعار.

ويقول المطيري "عادت أسعار الأغنام إلى ما كانت عليه قبل سنوات، وباتت في متناول أيدي المواطنين، ويدفع الآن تجار المواشي ثمن رفعهم للأسعار بشكل مبالغ فيه، فلم يعد بإمكانهم تصريف مواشيهم، لأن الأسعار باتت بعيده عن متناول أيدي الناس".

وأضاف: "أتمنى ألا تخضع وزارة البيئة والزراعة والمياه لمطالب التجار بوقف أو خفض الاستيراد لأن تدخل الحكومة سيكون أمرا غير مقبول، خاصة وأنها ظلت تتفرج والأسعار تقفز لأرقام فلكية دون أن تتدخل لمصلحة المستهلك".

وكانت السعودية رفعت قبل ستة أشهر حظرا كان مفروضا منذ عام 2010 على استيراد المواشي من تركيا وأربع دول أخرى؛ ما رفع عدد الدول المسموح الاستيراد منها إلى نحو 12 دولة.

ويحاول تجار المواشي الذين تراجعت أرباحهم مؤخرا جراء انخفاض الأسعار، الضغط على وزارة البيئة والزراعة والمياه لوقف الاستيراد. وقالت الجمعية التعاونية للثروة الحيوانية، في بيان أصدرته مؤخرا إنها منزعجة وقلقة من انخفاض أسعار الأغنام في السوق المحلية خلال الفترة الماضية، وطالبت الجمعية بـ"حماية التجار ومربي المواشي في السعودية، ومنع الاستيراد الذي تسبب في إحداث تخمة في المعروض".

وأضافت الجمعية "تسبب تراجع الأسعار في خروج عدد من المربين من الأسواق"، مشددة على أن الحل هو: "إيقاف استيراد جميع أنواع المواشي بسبب التأثير في المنتج الوطني، إلى جانب بحث سبل دعم المربين". وأوضحت أن الاستيراد ارتفع من ستة ملايين رأس في العام الماضي إلى نحو أكثر من تسعة ملايين رأس من الأغنام والمواشي في الأشهر العشرة الماضية.
في الاتجاه ذاته قال أحد أكبر مربي المواشي في المنطقة الشرقية، عبدالله الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن أسعار المواشي المستوردة لم تشهد تراجعا، لأنها رخيصة من الأساس، بينما طاول النزول المواشي المحلية التي لا تستطيع مواجهة أسعار المستورد الأرخص.

واعترف الشمري، أن الأسعار شهدت هبوطا كبيرا، ووصل في حفر الباطن لأكثر من 50٪ وأضاف "سنواجه هبوطا جديدا بعد عيد الأضحى الذي يرفع الأسعار قليلاً".

وحذر الشمري من أن استمرار الأسعار بهذا المستوى سيعني خروج العديد من المربين، الأمر الذي سيقود في نهاية المطاف الأغنام المحلية للاختفاء، وسيسيطر المستورد على السوق.

وعلى الرغم من تحذيرات الجمعية التعاونية للثروة الحيوانية، تكشف آخر الإحصائيات الحكومية عن أن مستوى الثروة الحيوانية في السعودية يشهد نموا متواصلا، وبلغ عدد الضأن وفق النتائج التفصيلية للتعداد الزراعي السعودية لعام 2015، أكثر من 17.5 مليون رأس، فيما بلغ عدد الماعز نحو 6.1 ملايين، وجاء إجمالي عدد الإبل في السعودية نحو 1.4 مليون رأس، وبلغ عددُ الأبقار ما يزيد على 354 ألف رأس.

المساهمون