5 ممرات ملاحية جديدة تهدد قناة السويس

5 ممرات ملاحية جديدة تهدد قناة السويس

11 سبتمبر 2016
قناة السويس في مصر (ديفيد ديجنر/Getty)
+ الخط -
للتغيرات الجغرافية تكاليف مرّة، فمع تصاعد توجهات حركة التجارة الدولية للبحث عن ممرات ملاحية جديدة أقل تكلفة وأسرع زمنا، تماشيا مع النمو المتزايد في عدد سكان العالم، طرأت تحديات مهمة تهدد قناة السويس، ذلك الممر الملاحي الذي شقته مصر قبل أكثر من أربعة عشر عقدا.
وخلال الفترة القليلة الماضية، تم الكشف عن أربعة مشروعات ملاحية جديدة، تساهم كلها في نقل التجارة بين الشرق والغرب، وهو الهدف ذاته الذي شُقت من أجله قناة السويس.
أبرز هذه الطرق الجديدة، الممر الملاحي "الشمال - الجنوب" (7200 كم)، وممر القطبي الشمالي (2800 كم )، فضلا عن ممر قناة بنما بعد التوسعات الجديدة، بالإضافة إلى الممر الإسرائيلي البحري (200 كم) الذي وقعت إسرائيل مؤخرا على إنشائه؛ والذي سيربط بين قطاع غزة وجزيرة قبرص في البحر المتوسط، إلى جانب ممر رأس الرجاء الصالح؛ والذي بدأت السفن في اللجوء إليه، نظرا لانخفاض أسعار النفط.

روسيا وإيران
وأسفرت القمة الثلاثية التي جمعت رؤساء روسيا وإيران وأذربيجان، مؤخرا، في العاصمة الأذرية باكو، عن تشكيل تحالف ثلاثي بين الدول الثلاثة، لإنشاء ممر مائي يربط بين أوروبا وجنوب آسيا، بطول 7200 كيلومتر.
وقال خبراء إن الممر الملاحي الجديد، يمثل تهديدا مباشرا لقناة السويس ويسحب من رصيدها ومكانتها المحورية في حركة التجارة الدولية، وقد يكون بديلا لها.
وبحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية، فإن ممر (الشمال – الجنوب) المزمع إنشاؤه، لا يقتصر على البعد البحري فقط، بل يتضمن خطوط نقل برية وسككا حديدية روسية وإيرانية وأذرية، ويهدف لنقل الشحنات والبضائع بالترانزيت من الهند وإيران، عبر بحر قزوين، إلى روسيا، ومنها إلى شمال وغرب أوروبا، دون المرور عبر الخط التقليدي المار بقناة السويس في مصر.
وتكمن خطورة المشروع الجديد، في أن مسألة اختصار الوقت الذي تستغرقه عمليات نقل البضائع تقع على رأس أولوياته، الأمر الذي سيشكل عبئا جديدا على إيرادات قناة السويس.
وفي عام 2014، تم اختبار عملي لنقل البضائع من الهند إلى باكو الأذرية وأستاراخان الروسية عبر ميناء بندر عباس جنوب إيران، وأشارت النتائج حينها إلى أن تكاليف النقل تقلصت بمقدار 2500 دولار مقابل كل 15 طنا، إضافة إلى أن عملية النقل استغرقت 14 يوما، مقابل 40 يوما إذا ما تم نقلها عبر قناة السويس، الأمر الذي يوفر بديلا فعالا من حيث التكلفة والوقت للطريق البحري عبر قناة السويس.
وفي هذا الإطار، اقترحت مجموعة موانئ دبي العالمية على جمهورية أذربيجان إنشاء ثلاث مناطق حرة لوجستية جديدة، بحيث تكون الأولى على حدود أذربيجان وإيران، والثانية على حدود روسيا، والثالثة على حدود جورجيا، ويتم ربطها كلها عبر خطوط سكة الحديد الأذرية، مع منطقة أليات للتجارة الحرة وميناء ومطار باكو، وفقا لوكالة الأنباء الإماراتية.

الطريق الصيني
وفي أواخر أبريل الماضي وجهت الصين سفنها إلى المرور عبر المحيط القطبي الشمالي - وهو طريق بحري نشأ بسبب الاحتباس الحراري - وذلك لاختصار الوقت بين المحيطين الأطلسي والهادئ.
ويسهم الطريق الملاحي عبر المحيط القطبي في توفير الوقت والمال للشركات الصينية، فالرحلة البحرية من شنغهاي بالصين إلى هامبورغ في ألمانيا، عبر المحيط القطبي أقصر بواقع 2800 ميل بحري مقارنة بعبور قناة السويس.

رأس الرجاء الصالح
ومؤخرا دفع تراجع أسعار النفط، بعض شركات الملاحة البحرية، إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلا من المرور عبر قناة السويس لتجنب دفع رسوم العبور المرتفعة، التي تدفعها خلال مرورها بقناة السويس.
وذكر تقرير صادر عن مؤسسة "سي انتل" العالمية المتخصصة في دراسات النقل البحري، أن استخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلا من قناة السويس يوفر 235 ألف دولار لكل رحلة بحرية، وهو ما يعد حافزا قويا لشركات الشحن العالمية التي تعاني من ضغوط مالية في السنوات الأخيرة.

توسعات بنما
وفي أواخر يونيو/حزيران الماضي، تم افتتاح أعمال التجديد والتوسعة لقناة بنما بعد 9 سنوات من الأشغال الضخمة المتواصلة، واستطاعت قناة بنما لأول مرة استقطاب السفن الكبيرة التي كانت تضطر للعبور من قناة السويس، بعد أن باتت البنية التحتية لقناة بنما، تسمح بمرور سفن تنقل عددا يصل إلى 14 ألف حاوية، ويمكن أن يبلغ عرضها 49 مترا وطولها 366 مترا، أي أن قدرتها ازدادت ثلاثة أضعاف.


قناة إسرائيلية أردنية
وأعلنت الأردن وإسرائيل في مارس/آذار 2015، عن مشروع ضخم يتمثل في إنشاء رابط مائي يصل طوله إلى مائتي كيلو متر ما بين البحر الأحمر والبحر الميت أدنى نقطة على سطح الأرض، ووقعتا اتفاقية رسمية بالفعل، بتكلفة قد تصل لأحد عشر مليار دولار، برعاية من البنك الدولي والولايات المتحدة كراعين للاتفاق، ومانحين من ضمن الدول الممولة للمشروع.


تراجع الإيرادات
وتراجعت إيرادات قناة السويس خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي 2016 بنحو 1.9%، وفقا لبيانات رسمية، رغم مرور عام على افتتاح التفريعة الجديدة للقناة، حيث بلغت إيرادات القناة 2.919 منذ بداية العام وحتى يوليو/تموز، مقابل 2.977 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.

وبدأت الكثير من الدول حث سفنها على السير عبر الممرات البحرية البديلة لقناة السويس، لتجنب دفع رسوم المرور بالقناة، مما ألقى بظلاله على إيراداتها، التي تعد من أهم موارد الاقتصاد القومي المصري.
في المقابل، قلل رئيس جمعية الملاحة البحرية بالإسكندرية، رفعت رشاد، من التأثير السلبي لممر (الشمال- الجنوب) تحديدا، على قناة السويس، معتبرا أن الممرات والمشاريع الملاحية التي تم الإعلان عنها – حال تنفيذها- ستكون مكملة لقناة السويس وليست بديلا عنها.
وقال رشاد لـ "العربي الجديد": "المجرى الملاحي الجديد المزمع إنشاؤه للربط بين أوروبا وآسيا الجنوبية، سيقوي المنطقة حال تنفيذه ويسهل حركة التجارة البينية بين دولها، ولا أرى أي مبرر للانزعاج من هذا المشروع".
ويرى رشاد أن بطء حركة التجارة الدولية وانخفاض أسعار النفط، أثرت بشكل كبير على إيرادات قناة السويس، موضحا أن قناة السويس طورت من نفسها كغيرها من الممرات الملاحية الأخرى، لكنها لا تزال بحاجة إلى تعزيز وتطوير خدماتها للسفن، وإنشاء مراكز خدمات لوجستية لتسهيل وتشجيع السفن على المرور من خلالها.
وافتتحت مصر في أغسطس/آب 2015 تفريعة جديدة لقناة السويس، لكن أثرها لم يظهر على الإيرادات التي حققت تراجعا بالفعل منذ الافتتاح.

المساهمون