ثروات مهدرة..تحديات أمام استغلال دولتي السودان للشريط الحدودي

ثروات مهدرة..تحديات أمام استغلال دولتي السودان للشريط الحدودي

08 يوليو 2016
الانقسام يعطل استثمار الثروات الزراعية (فرانس برس)
+ الخط -
يعد الشريط الحدودي الرابط بين دولتي السودان وجنوب السودان من أغنى المناطق في العالم؛ نتيجة توافر عدد من المزايا الاقتصادية المشتركة، إلا أن محللين أكدوا أن حكومتي البلدين لم تبذلا جهوداً كافية لاستثمار هذه الثروات.
وحسب تقارير رسمية، تتمتع المنطقة الحدودية بين الدولتين، والتي يتجاوز طولها ألفي كيلو متر، بثروة حيوانية هائلة واعتدال المناخ وتوفر المياه، بالإضافة إلى النفط والثروات المعدنية.
وطالب المحللون بضرورة نزع فتيل التوتر على الحدود، ما سيؤدي إلى مكاسب اقتصادية للطرفين.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، لـ"العربى الجديد"، إن إمكانية تحقيق مكاسب اقتصادية بين دولتي السودان كبيرة، ولكن عدم وجود أمن واستقرار في الشريط الحدودي يفقده أهم عناصر الجذب الاستثماري.
ويعدد فتحي المشروعات التي يمكن أن يستند إليها الطرفان، خاصة في مجال الثروة الحيوانية التي يمكن أن تكون المنطقة الأولى في العالم من حيث تصنيع منتجات الثروة الحيوانية بمختلف أنواعها، إلى جانب الثروات الزراعية الأخرى والمصالح المشتركة في تصدير النفط عبر ميناء بورتسودان.
ويؤكد أن إيقاف التجارة الحدودية بين البلدين بسبب الحروب أثر بشكل مباشر على تلك المناطق، إضافة إلى انحسار استفادة الجنوب من الشركات التي تعمل في مجال تطوير البنى التحتية الموجودة في السودان، كما أثر سلبا على انسياب السلع التي تعود المواطن الجنوبي عليها، والتي تعتبر جزءا من ثقافته الاستهلاكية.
وكان الاتحاد العام لغرف النقل السوداني قد أعلن، في وقت سابق، عقب فتح المعابر الحدودية بين البلدين في يناير/ كانون الثاني الماضي، وضع إجراءات جديدة لاستئناف التبادل التجاري مع جنوب السودان، إلا أن حكومة الخرطوم أعلنت في مارس/ آذار الماضي عن إغلاق الحدود بين الدولتين، عقب التوترات الأمنية التي شهدتها حكومة الجنوب واتهام الأخيرة بدعم وإيواء المتمردين المناوئين للحكومة السودانية.
ويشهد اقتصاد الدولتين تدهورا وتراجعا في أدائه حيث ارتفع التضخم في جنوب السودان إلى نسبة 300 % وتراجعت قيمة عملته ووصل الدولار إلى 50 جنيهاً جنوبياً ووصف خبراء اقتصاد الجنوب بالانهيار.

أما في السودان فقد تدهور أداء الاقتصاد كثيرا وتفشت البطالة وارتفعت نسبة الفقر إلى 46 % وتراجعت عملته "الجنيه" إلى 14 جنيهاً للدولار وارتفع التضخم 12%، ويرى اقتصاديون أنها غير حقيقية لجهة توالي ارتفاع أسعار السلع، في ظل عدم توافق المرتبات مع مستوى المعيشة.
ويرى محللون أن عناصر التقارب بين البلدين تتمثل في وجود وسائل نقل تربط بين الدولتين سواء كانت برية أو نهرية أو جوية، ما يعني سهولة الاتصال وتسهيل التجارة البينية وتبادل السلع والخدمات بين الدولتين.
ويقول الخبير بدولة جنوب السودان استيفن لوال، لـ"العربي الجديد"، إن هناك عدداً من المشروعات المشتركة بين الدولتين يمكنها أن تلعب دورا، خاصة في مجال الزراعة والمعادن والنفط إلى جانب إنشاء مصافي النفط التي كان الهدف منها أن تعود بإيرادات كبيرة على البلدين.
ويضيف استيفن: "ربما كانت تنجح بعض المشاريع الاستراتيجية لو حدثت تطورات إيجابية في علاقات البلدين".
ويقول إن هناك مشاريع وأنشطة اقتصادية تم تجميدها حتى قبل انفصال الجنوب في عام 2011 من ضمنها مشروعات دعم الوحدة بين السودان والجنوب ومشروع كهرباء أعلى النيل بمدينة "الرنك".
ويقول إن كل هذه الثروات إذا وصل الطرفان إلى اتفاق بينهما ستستفيد الدولتان وتجذب معها كثيراً من الاستثمارات، إلا أنه ألقى باللائمة على عدم وجود إرادة من الطرفين لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بموجب اتفاقية التعاون المشترك.
ويرى مراقبون أن التدخل الخارجي في جنوب السودان قد عطل أيضا كثيرا من المشروعات ذات القيمة، خاصة في ما يتعلق بمشروعات المياه.


ويقول فتحى إن السودان عليه تقديم المصالح الاقتصادية على السياسية، خاصة أن هناك تهافتاً من دول كثيرة على الجنوب الذي يعتبر دولة ناشئة لديها موارد تريد استغلالها وتريد أيضاً إبعاد السودان؛ الدولة الأم، عن سوق المنافسة الاقتصادية التنموية بالدولة الوليدة.
ودعا إلى تكامل اقتصادي بين البلدين يضمن إزالة القيود حول استخدامات الموارد المشتركة، لا سيما الزراعية والنفطية والتنسيق بين مختلف سياساتهما الاقتصادية.
وعقب استفتاء حق تقرير المصير وانفصال الجنوب عام 2011، أصبح النفط يشكل أداة توتر وعدم اتفاق بين حكومتي السودان وجنوب السودان لعدم الاتفاق على تقسيم العوائد والاختلاف حول تبعية بعض الحقول. وحسب تقارير رسمية، يأتي معظم إنتاج النفط السوداني (من 70 إلى 80%) من حقول جنوبية وتعتبر أبيي من أكبر الحقول لإنتاج النفط في السودان ويمثل النفط عصب الاقتصاد السوداني حيث يبلغ 90% من حجم صادرات البلاد.

وتمتلك حكومة الجنوب نحو 73% من إجمالي النفط السوداني بعوائد تقدر بنحو 4 مليارات دولار بمعدل 500 ألف برميل يومياً واستثمارات تقدر بأكثر من 9 مليارات دولار، حسب الإحصاءات الرسمية.
وعقب الانفصال لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق تقاسم العوائد النفطية، إلى جانب الاختلاف على تبعية بعض حقول البترول في منطقة أبيي.
ويفتقد كل من السودان والجنوب إلى المقومات الاقتصاديات الحديثة من بنى تحتية وأنظمة اقتصادية ومالية متطورة مع تراجع مستويات الكفاءة وتفشي البطالة بشكل كبير وارتفاع معدلات الفقر.
وأشارت الباحثة ريم محمد موسى في دراسة حديثة حول التعاون الاقتصادي بين البلدين، إلى ضرورة التفاهم حول قسمة الموارد المشتركة أو المتداخلة بين الطرفين (المياه والأراضي الزراعية ومسارات الرعاة وحقول النفط)، إضافة إلى إقامة مناطق للتجارة الحرة بعد اعتماد اتحاد جمركي بين البلدين يزيل القيود ويرسخ حرية انتقال السلع وتوحيد تعريفات التجارة الخارجية.
وطالبت الدراسة بإقامة اتحاد نقدي حتى في حالة اختلاف الوحدتين النقديتين والشروع في إجراءات وحدة اقتصادية مؤسسة على سوق مشترك منها بورصة لتداول الأوراق المالية بين الشمال والجنوب.
ويرى المحللون أن النشاط التجاري في الجنوب اعتمد على السلع التي يجلبها تجار من السودان سواء المنتجات المصنعة في السودان أو المستوردة.
ويسعى السودان إلى جذب الاستثمارت الأجنبية لتخفيف حدة أزمته المالية، حيث يبلغ حجم الاستثمار الأجنبي في البلاد نحو 42 مليار دولار، في الوقت الذي يرى فيه محللون أن تسهيل الاستثمارات المشتركة بين السودان والجنوب يجب أن يكون له الأولوية.

المساهمون